رئيس التحرير
عصام كامل

مشاغبات حول مصرع مكين.. وشقاوة العجائز


في ندوة بعنوان "الأسرة المصرية في الثلث الأول من الألفية الثالثة" سألوني كيف ترى زواج الأجيال الجديدة الآن؟ قلت زواجا تركبه العفاريت، قصير الأجل في معظمه، غالبًا ينتهي بالطلاق بعد ستة أشهر أو عام.. ثم سألوا وما رأيك في الزواج المبكر؟ شعرت أنهم لم يفهموا إجابتي، فقلت بكل ثقة.. إن أفضل أنواع الزواج هو الزواج المبكر، لا سيما لو كان الساعة ستة الصبح.

الحوارات الآن صارت تبدأ جادة وتنتهي بفانتازيا.. لا تندهش.. الحياة كلها صارت عبثا.. رخوة.. غير متماسكة ولا مترابطة.. ربما ترى بدايات لكنك لا تستطيع توقُّع أي نهايات.. حياة بلا ملامح كما لو كانت بيضة مسلوقة.

عندما تشعر بأنك لا تدري ماذا تكسب غدًا ولا بأي أرض تموت فذلك أمر إلهي ولا اعتراض على حكم الإله.. وعندما تقفش راتبك الشهري، وتوقن أنك لن تكسب غدا ولا تدري بأي قَدْرٍ تعيش، ولا تدري ما سوف يحدث في البلد بعد خمس دقائق، فأنت أمام فانتازيا لا تملك حيالها سوى الهجص والهلس وإطلاق العنان لخيالك حتى لا توضع تحت طائلة القانون فليس على الخيال حرج، ولا نصوص قانونية تجرمه، وإن كان كل شيء جائزًا حتى شقاوة العجائز..

أتذكَّر حكاية ذلك العجوز السبعيني الذي أشار عليه ابنه بأن يزوجه من سيدة قريبة من سِنِّه تؤنس وحدته وتعينه على حركة الحياة بين الجدران الأربعة.. وافق العجوز، وعثر الابن على الزوجة، وأبلغ أبيه بمواصفاتها وشروطها، فأبدَى ارتياحًا، ثم سأله وماذا عن حقوق الزوجية إياها؟ قال الولد لأبيه: هي قالت ليلتين في السنة.. فقال العجوز "دي داخلة على طمَع يابني".

دعني أطير معك في رحلة قصيرة على جناح الخيال، نستعين بها على خشونة الواقع.. بعد الحكم برفع اسم الفريق أحمد شفيق ومحل إقامته الإمارات من قوائم ترقب الوصول، أجرى أحد الصحفين اتصالا هاتفيا بمقر إقامته عقب أداء العمرة بالإمارات المقدسة:
ــ آلو صباح الخير.
= صباح النور مين ياافندم.
ــ أنا صحفي مصري مين معايا؟
= أنا سكرتير سيادة الفريق أحمد شفيق تحت أمرك.
ــ وحياتك بسأل عن موعد وصول الفريق شفيق أرض الوطن؟

(على تليفون السكرتير ينطلق صوت كول تون لأغنية شادية ياحبيبتي يامصر يامصر).

= معلش يااستاذ.. أصل من ساعة الحكم برفع اسم الباشا وعودته لأرض الوطن وإحنا في حالة شجن وجدانية عالية جدا كلها اشتياق لأرض الوطن.. (السكرتير يغني ويبكي) ياحبيبتي يامصر يامصر/ياحبيبتي يامصر ياااااااااامصر.
ــ مبروك.. لكن كان عندي علم أن الفريق شفيق هيرجع إمبارح خصوصًا أنه خَلَّص آخر عُمْرَة أول امبارح.
= مظبوط.. بس اتأخرنا لغاية بكرة بس.
ــ ممكن أعرف سبب التأخير؟
= نزل باريس يخطف طواف الوداع، وبالمرَّة يعمل شوبينج خفيف في الشانزليزيه.

دعني أهبط بك من خيال سابع سماء إلى واقع سابع أرض، وبالتحديد في قسم شرطة الأميرية، حيث حادث مصرع المواطن مجدي مكين، والذي لن يكون الأخير.. فقد صار من الثوابت أن المواطن المصري يواجه ثلاثة مصائر حتمية في تعامله مع أقسام البوليس، تحددها القصة التالية:
ثلاثة مواطنين دخلوا قسم شرطة.. واحد طلع دينه وواحد طلعت روحه وواحد طلع يجري.
الجريدة الرسمية