رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور علي الدين هلال: فضيحة الـ«فيفا» و«بلاتر» أظهرت براءتي من صفر المونديال


  • >> مصر تعيش أكبر ورطة في تاريخها.. والشعب لا يثق في الحكومة
  • >> «كلينتون» و«ترامب» خياران أحلاهما مر
  • >> الرئيس الأمريكي المنتخب عنصري ومتطرف
  • >> المنطقة العربية «برميل» الإرهاب في العالم
  • >> نعيش عصر «عولمة الحروب» والقتال بالأجر
  • >> الأزمة الاقتصادية في مصر هي الأكبر.. والبرلمان تسبب في أزمة سياسية
  • >> كثرة ظهور السيسي تضره.. ولابد من وجود شخص يثق به الشعب


برؤية الباحث الكبير، وعقلية السياسي المحنك، واطلاع المسئول التنفيذي، وتجربة الحياة.. يمتلك الدكتور على الدين هلال، آخر أمين إعلام، للحزب الوطني المنحل، تاريخًا حافلًا وسجلًا مشرفًا سواء في عمله الأكاديمي كأستاذ للعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أو عبر محطات أخرى، بداية من الفترة التي تولى فيها مقاليد وزارة الشباب والرياضة أو حتى تلك التي عمل فيها داخل أروقة الحزب الحاكم إبان حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.

لمع اسمه كأستاذ في العلوم السياسية فوصل لقمة المكانة العلمية عندما أصبح عميدًا لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وحظي بإعجاب العامة والصفوة بقدرته على التحليل الدقيق والعميق في الوقت ذاتة للأمور إلا أن البعض اعتبر دخوله العمل السياسي سقطة في تاريخه العلمي فكونه أمينا عاما للإعلام بالحزب الوطني ثم وزيرا للشباب والرياضة جعله يتخلى عن الساحة العلمية بعض الشيء إلا أنه ظل قامة علمية وثقافية قد لا تتكرر، فضلا عن أنه بالرغم من انتمائه لنظام «مبارك»، إلا أنه نأى بنفسه عن أي شيء من الممكن أن يؤثر عليه كقيمة وقامة علمية رفيعة.

«هلال» الذي عاد بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى العمل الأكاديمي مكتفيا به عن أي عمل آخر، حل ضيفًا على صالون «فيتو»، وتحدث عن الأوضاع السياسية والاقتصادية ومستقبل العلاقات المصرية الأمريكية بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة.. وإلى نص الحوار:



وماذا عن الوضع الداخلي وتقييمك لأداء البرلمان خاصة بعد مرور عام على انتخابات مجلس النواب؟
حتى الآن لم تستقر قواعد العمل السياسي بمصر، بالرغم من استكمالنا لتعاهدات خارطة الطريق «انتخابات مجلس النواب والدستور» وغيرها، فليس هناك معارضة ولا أغلبية داخل البرلمان الذي لم تستقر أوضاعه حتى الآن، فالاستقرار هنا قانوني ودستوري فقط، أما على أرض الواقع فسيأتي بمرور الوقت.

في تصورك ما أكبر التحديات التي تواجهها مصر في الوقت الراهن؟
الأزمة الاقتصادية أكبر المعضلات التي تواجهها الحكومة الآن، فلا يوجد موارد كافية، بالإضافة لعدم وجود استثمارات مباشرة والتي تعد أكسير الحياة في الاقتصاد، ولن تستطيع مصر جذبها حتى تعمل على حل مشكلاتها مع رأس المال الوطني، فكيف ستأتي الاستثمارات الجديدة وهناك مشكلات مع المستثمرين وقانون الاستثمار قائمة بالفعل.

وما الذي يعيق جذب الاستثمارات في مصر وروشتة الإصلاح في رأيك؟
المشكلات التي تضمنها قانون الاستثمار الذي أعلن عنه في المؤتمر الاقتصادي، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي، ولجذب المستثمرين لابد من حرية خروج الأموال من مصر وتحويل الأموال، والأهم استقرار السياسيات المالية والنقدية، فضلا عن عودة الاستقرار والقضاء على الإرهاب فنحن أحيانًا كمصريين ننغلق على أمورنا الداخلية أكثر مما ينبغي، بحيث لا ندرك بالقدر الكافي أن هناك فرصا خارجية أو تهديدات من الممكن أن تؤثر علينا، فمصر لا تعيش في فراغ ومشكلاتها لا تحل فقط من داخلها، ولابد من الاهتمام بالخارج، فالاستثمار يأتي من الخارج والسياحة أيضا، ولا يمكن أن نغفل أنه لعدة سنوات مضت كان المصدر الأعلى للعملة الصعبة هو تحويلات المصريين من الخارج قبل قناة السويس، فالاهتمام بالخارج ليس ترفا ولكنه يتصل اتصال مباشر بأمورنا الداخلية.

كيف تقيم أداء الحكومة وسط الأزمات المتوالية واختفاء بعض السلع والأدوية؟
أولا «لا يمكن أن تثق في شخص يقوم بتخوينك»، لأن المصريين شعب جدع ولديه قدرة كبيرة على التحمل، وإذا أردت أن تكسبه فلابد أن تصارحه وتشرح له حقيقة الوضع، ولكن للأسف هذا لا يحدث، فعلى سبيل المثال لم يكشف أحد المسئولين حتى الآن سبب أزمة السكر، بل ظهروا بتصريحات غريبة من نوعية «نحن ننتج سكرا بكميات كبيرة»، دون توضيح أين ننتج هذه الكميات وأين توجد ومن أين أتت المشكلة؟، أيضا مشكلة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية يخرج الوزير ويقول لا توجد مشكلة وقس على ذلك العديد من المشكلات فالحكومة تتبع سياسة النعام وتدفن رأسها في الرمال وتنسى أن الشعب لديه واع بشكل كافٍ ويدرك عدم شفافيتها وعدم اعتراف المسئولين بالمشكلة هو أساس عدم الثقة والحل في المصارحة والمكاشفة بحقيقة الوضع.

وصفت مصر في حديثك بأنها تعيش حالة من السيولة السياسية كيف نخرج منها ونصل للاستقرار؟
مصر تعيش في ورطة سياسية فلم يحدث في تاريخ مصر أن يوجد برلمان أغلبيته من المستقلين والأصل في الأمور أن يوجد حزب أغلبية أو ائتلاف حاكم يكون هو ظهير الدولة إلا أن عنصر الزمن ومرور الوقت سنجد أن هناك أشياء ستتغير فلابد أن نترك علاجها للوقت مثلما حدث مع المظاهرات وحالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد عقب ثورة يناير إلا أن الأمور عادت تدريجيا نحو الاستقرار.

شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي هناك مؤشرات لتراجعها.. تعليقك؟
الرئيس السيسي له شعبية بين قطاع كبير من المواطنين تتراوح ما بين 90 أو 80%، وهذا ما يجعل البعض يطالبه بتكوين ظهير سياسي «حزب»، أي أنه من المفترض أن يختار نصف الـ80% ليؤسس حزبا وبهذا فهو يضع نسبة الـ40% الأخرى موضع الخصوم والعداء، وإذا اختار الـ80% بأكلمها سيكون هذا هو الحزب الوطني الجديد الذي ثار الشعب عليه.

البعض ينادي بعدم ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية.. رأيك.. وما تصورك للانتخابات الرئاسية 2018؟
أعتقد أن الرئيس «السيسي» سيترشح لفترة رئاسية ثانية، وبالنسبة عن تصوري لانتخابات الرئاسة 2018 فلابد أن تكون انتخابات حرة نزيهة منظورة من أدوات الإعلام المصري والأجنبي وسيكون هناك أكثر من مرشح.

من في رأيك يستطيع خوض الانتخابات الرئاسية وهل هناك وجوه جديدة؟
لا أستطيع ذكر أشخاص بعينهم ولكن الممارسة السياسية ستفرز بالطبع منافسين جيدين لديهم القدرة على المنافسة.

هناك من يقول إن جمال مبارك سيترشح في انتخابات 2018 وإن هناك إصرارا لدى عائلة مبارك للعودة من جديد.. تعليقك؟
هذا هراء لا مجال للحديث عنه وإشاعات لن تجد من يصغى لها لأنها غير واردة.

تقييمك للحياة السياسية والحزبية وهل الأحزاب الجديدة حلت محل القديمة؟
الحياة السياسية في مصر تعاني مأزقا شديدا نتيجة لعدم استقرار أوضاع البلاد حتى الآن، والشكل الحالي للأحزاب حاليا ليس هو الشكل النهائي لها بالتأكيد، فالانتخابات البرلمانية تعيد فرزها مرة أخرى فإذا نظرنا لحزب النور فسنجد أن هناك تراجعا حادا لتواجده ومؤيديه ولا نعلم ماذا سيحدث في المستقبل هل سيزيد هذا التراجع أو يقل، حزب «مستقبل وطن» هو الحزب رقم اثنين في مصر والمفترض أنه حزب الشباب والكل اعتقد أنه سيتسيد الموقف في مؤتمر شرم الشيخ أو على الأقل سيظهر بشكل واضح وطاغٍ وهو ما لم يحدث، فبمجرد استرجاع شكل الحضور على المنصة سنجد أن حزب المصريين الأحرار كان متواجدا بشكل أكبر.

هوجمت كثيرا في أثناء تقلدك منصب وزير الشباب والرياضة بسبب صفر المونديال.. كيف تقيم الأمر بعد مرور تلك السنوات؟
في أزمة صفر المونديال الله سبحانه وتعالى، أنصفني بعد الفضيحة المالية لمؤسسة الـ«فيفا» ورئيسها آنذاك جوزيف بلاتر، والتي أثبتت أن جنوب أفريقيا دفعت 10 ملايين دولار، في حين رفضت كوزير للشباب والرياضة دفع أي أموال بعد التشاور مع الراحل اللواء عمر سليمان وإبلاغه أن أعضاء من الـ«فيفا» طلبوا أن يدفع مليون دولار عن كل عضو فظهرت حقيقة الأمر بعد ذلك للجميع.

تقييمك لمستقبل النظام السعودي في ظل إقرار قانون جاستا وانتخاب دونالد ترامب؟
السعودية تواجه تحديات كبيرة في الداخل والخارج، الخارج تتمثل في وصول ترامب للرئاسة ومساندة أغلبية أعضاء الكونجرس الأمريكي له، خاصة بعد إقرار قانون «جاستا»، الذي يسمح لضحايا أي أعمال إرهابية من الأمريكيين برفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الأمريكية ضد دول الإرهابيين الذين ارتكبوا هذه الأفعال، ولا يشترط تقديم دليل على تورط حكومة هذه الدولة، ما يسمح لعدد كبير من ضحايا 11 سبتمبر برفع دعاوى ضد السعودية، وبالتالي ستتأزم العلاقات، علاوة على أن «ترامب خذل السعودية، عندما أعلن أن محاربة داعش لها الأولوية لديه عن إسقاط بشار الأسد».

ماذا عن الاضطرابات بين مصر والسعودية في الفترة الأخيرة.. وهل كبيرة كما تصورها بعض وسائل الإعلام؟
ليس سرا أن الفترة الأخيرة شهدت اضطرابات في العلاقات المصرية السعودية لها أثرها بالطبع وأشير إلى النفط وهكذا، ولابد هنا من التأمل أنه لا القيادة المصرية ولا السعودية وجهت انتقادات للطرف الآخر، وأقصد ما قاله الرئيس المصري إن هناك محاولات للضغط على مصر دون أن يذكر ما هي، حتى عندما سئل عن قرار شركة «أرمكوا» جاوب النفي، لرغبته في إبقاء الخلاف في الحدود وعدم توسيعه وهذا تصرف حكيم.

وماذا عن مؤسسة الرئاسة ورؤيتك للأداء السياسي داخلها؟
الأرجح أن الوضع الراهن استثنائي ويتناسب مع الظروف والتحديات الأمنية سواء ما يتعلق بشمال سيناء أو خلايا الإرهاب في الداخل، ولدينا 4 مجالس استشارية، ولكننا لا نشعر بها، فلم نقرأ أن هناك تقارير تقدمت بها تلك المجالس تخص أي قضية مثل، الغلاء، وليس هناك مبررا لاختفائها، ومن الملاحظ أنه لا يوجد مجلس تخصصي سياسي، كما لا يوجد مستشار سياسي عن الرئيس، أو حتى شخصية قريبة من الرئيس تكون لديها القدرة على كسب ثقة الشعب، فليس مستحبا أن يظهر الرئيس كثيرا، ومن المفترض أن يكون هو السد الأخير ونلجأ إليه فقط عندما نفشل في إقناع الشعب، وكان هناك اقتراح لإنشاء مكتب سياسي ولكنه لم يكتمل ربما لعدم تواجد أشخاص ذي ثقة.

مصر لجأت للاقتراض للبنك الدولي في حين رفض مبارك ذلك القرض سابقا.. رأيك في تلك الخطوة وهل كانت ضرورية؟
لجأنا للقرض من البنك الدولي لأننا مضطرون، ولابد أن نفهم جيدا أن القروض ليست عملا خيريا ولا زكاة، ومن الضار جدا والعبث ما تروجه بعض وسائل الإعلام والصحف أن قرض البنك الدولي هو شهادة وختم ثقة في الاقتصاد المصري وعلينا أن نفتخر برضاه عنا فهذا عبث.

هل أنت مطمئن؟
نعم، لأني أثق في الشعب المصري.

النظام الحالي تواصل معك بشكل أو بآخر لطلب رأيك في موضوع أو مشورة؟
نعم، تم التواصل مع كخبير سياسي لأعمال بحثية، ولم يتواصل أحد معي من مؤسسة الرئاسة.

كيف ترى فكرة المؤامرة، وهل يتم استخدامها بإسراف؟
لست ممن يعولون كثيرا على نظرية المؤامرة وأعتقد أن أضرارها أكبر كثيرا من فوائدها، لأنها تعطيل للعقل فعليك البحث عن أسباب منطقية، كما أنها ترسم صورة خاطئة عن العالم، بالإضافة أنك تتحدث عن وجود مؤامرة دون تحديد أطرافها أو مواضعيها، ولا بد من التفريق بين المؤامرة والتخطيط الإستراتيجي، والذي يكون معلنا صراحة من بعض الدول مثل تركيا.

وماذا عن ثوارت الربيع العربي.. هل كانت مؤامرة أم غضبا حقيقيا؟
لا لم تكن مؤامرة، واحتجاجات 25 يناير كانت من شباب غاضب خرج ضد سياسات تصوروا أنها ظالمة ولا تعطيهم حقهم ولا تحقق العدالة الاجتماعية بالشكل الكافي، ثم حدث استغلال من فصيل معين وهم جماعة الإخوان وقاموا بخطف الثورة.

حل الحزب الوطني هل ساعد جماعة الإخوان على سرقة الثورة بعدما ترك الساحة لهم؟
الحزب الوطني كان سيحل لا مفر، فعندما خرج الشعب للشوارع سقط الحزب الوطني، وتفككت أركانه، وحتى إن لم يحل قانونيا فسيكون باقي من الناحية الشكلية فقط، أما على أرض الواقع فلن يكون له أي تأثير.

قضيت سنوات كوزير للشباب والرياضة في حكومة «مبارك» بالإضافة لمنصب أمين الإعلام في الحزب الوطني.. في رأيك هل أخطأ مبارك؟
الخطأ الأكبر لـ«مبارك» كان استمراره في الحكم 30 سنة، لأنه من الطبيعي أن يتأثر صحيا وفكريا، فمبارك سنة 80 ليس هو ذاته سنة 90 أو 2000، فكبر السن جعله يترك المجال لغيره والخطأ الآخر تمثل في زيادة سطوة وتدخل رجال المال والأعمال في اتخاذ القرارات.

هل تتوقع أن يكون للرئيس حزب سياسي في المستقبل؟
لست متأكدا من هذا، فالنظام لم يتخذ بعد هوية سياسية، فليس هناك كوادر أو قواعد فالنظام في الوقت الحالي، هو الرئيس السيسي، وأنصار النظام ليسوا أعضاء حزب وهم أنصار السيسي، والرئيس حتى الآن يستخدم أدواتا أغلبها غير سياسية، ربما هي فقط التي يثق فيها أو يرى أنها لديها القدرة على الإنجاز، بالإضافة والأهم أننا حتى الآن لم ندخل بلورة الحياة السياسية ونصل للاستقرار.

كيف رأيت فوز دونالد ترامب برئاسة أكبر بلد في العالم رغم اتجاهاته وقناعاته المستفزة؟ وما تأثير ذلك على المنطقة؟
على المستوى العالمي لا شك أن أهم وأخطر تطور حدث في الـ15 سنة الأخيرة، هو انتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، والذي يعد قطيعة مع تقاليد الرئاسة الأمريكية، فهو شخص لم يتول في حياته أي منصب سواء كان تشريعيا أو حكوميا أو خارجيا، ولا يعد حتى قيادة في الحزب الجمهوري أي شخص من خارج المؤسسة السياسية تماما، وهذا يفسر تصرفاته وسلوكه اللذين لا ينتميان للطبقة السياسية، وما يصاحبها من «تصريحات غير لائقة»، فلم يحدث في التاريخ أن يقول مرشح رئاسي لمنافسه في الانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون، «إذا تم اختياري رئيسًا سأسجنكِ»، وهو ما يعد إهدارًا لمؤسسة القضاء الأمريكي وأن الرئيس الأمريكي في استطاعته أن يسجن أي شخص، وكان من الأولى أن يقول لها سأرفع دعوى قضائية ضدك.

«ترامب» يطرح أفكارا انعزالية ولديه حلم إمبراطوري، ومنطقة شرق أوسط جديدة ولديه أفكار جديرة بالتأمل للقضية الفلسطينية وسوريا والعراق، وهنا يجب أن نفهم أن انتخاب ترامب ليس انتخاب شخص ولكن تيارا اجتماعيا في أمريكا هو السبب بفوزه، وانتصاره ليس مفاجأة فـ«ترامب» حرك قوة اجتماعية تسمى بـ«الاتجاه الشعبوي» فهو يخاطب الجمهور العادي الذي له صفات معينة، «أقل تعليما، أبيض، أقل ثراء، ريفيا»، فهو خاطب أمريكا الريفية التي في جوهرها بيضاء، وتشعر أن المهاجرين هم من استولوا على خيرات بلادهم.

من وجهة نظرك ما الأسباب الأخرى التي ساعدت على صعود اليمين المتطرف سواء في أمريكا أو في أوروبا؟
صعود اليمين في أوروبا يمثل خطرًا كبيرًا على المنطقة العربية، فاليميني عنصري ومعادٍ للعرب وللإسلام والمهاجرين أيضا، وانتشار الإرهاب في أوروبا ساعد بشكل مباشر في صعوده، بالإضافة لظاهرة الهجرة غير الشرعية خاصة آخر 3 سنوات، وظهر ذلك واضحا في ألمانيا وفرنسا وهولندا ولا بد أن نلتفت أن ترامب وكيلنتون هم أقل مرشحين حظيا بشعبية في تاريخ الانتخابات الرئاسية من 30 سنة، وكما نقول باللغة العربية «اثنان أحلاهما مر»، وإذا نظرنا لرجال ترامب الذي اختارهم سنرى أن مستشاريه يتسمون بالعنصرية ومعاداة الإسلام، في الوقت ذاته لم تخف أوروبا تخوفها من فوز ترامب بالرئاسة، خاصة أن له تأثير على صعود اليمين في أوروبا.

هل هناك فرق كبير بين باراك أوباما ودونالد ترامب.. خصوصا أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات وتأثير شخصية الرئيس على السياسات العامة قليل للغاية؟ وما شكل مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية في ظل حكم ترامب؟
في اعتقادي أن العلاقات الأمريكية المصرية ستشهد تحسنًا في الفترة القادمة عما كانت عليه مع إدراة الرئيس باراك أوباما، وأنا أرى أن أوباما لا يختلف كثيرا عن ترامب ولكن بلغة حوارية أرقى نظرا لأنه محامٍ، وظهر ذلك واضحا في مقالة له نشرت بمجلة أتلانتك تحت عنوان «مذهب أوباما»، والتي شبه فيها بعض حلفاء أمريكا في أوروبا ودول الخليج «بالراكب المجان»، ولكن ترامب قالها صراحة «اللي عاوز يركب يدفع».

وماذا عن انتشار داعش والجماعات الإرهابية في المنطقة وتحليلك للنزعات القائمة في دول الشرق الأوسط، وما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا؟
المنطقة العربية «برميل» الإرهاب في العالم، وغليان الأفكار المتطرفة وهذه عبارة علمية، وليس لها علاقة هل هذه المنطقة جيدة في الحقيقة أم لا، ففي الوقت الحالي تعد المنطقة العربية ينبوع معسكرات الإرهاب.
أما ما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا حاليا هي حروب أهلية، ومن الممكن تسميتها أيضا حروب الوكالة أي الحروب الممولة من الخارج، فهذه الحروب لم تأتِ من أبناء المنطقة ومن يحارب ليسوا وطنيين كما يعتقد البعض فالكل يتقاضى مرتبا وأصبح القتال في الحروب عملا له أجر، فهناك عولمة لحروب الشرق الأوسط بمعنى أن في العراق يتواجد أمريكان وإيرانيون وأفغان، وفي سوريا يتواجد ما لا يقل عن 20 جنسية من دول مختلفة يتقاتلون على أرضها وكل هذا يتم بمقابل وكأنها وظيفة.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية