رئيس التحرير
عصام كامل

كلام تانى في قرض الصندوق!


للآن لم تقل الحكومة ما الذي ستفعله بقرض صندوق النقد. لم تقل ما الذي ستفعله بالدفعة الأولى، ولا ما هي خطتها لإنفاق الدفعتين الثانية والثالثة.


معلوم أن قرض الصندوق لن يخرج عن وجهتى إنفاق، إما إنفاق استثمارى، وإما إنفاق استهلاكى.

في الظروف الحالية مُفترض أن يكون لدى الحكومة خطة لإنفاق استثمارى. الحل الاقتصادى الوحيد في الظروف الحالية، استغلال فرصة التدفقات الدولارية من قرض الصندوق في إنفاق استثمارى. دعم البنية الاستثمارية المصرية حلا وحيدا لتأهيل السوق لاستقبال الاستثمارات الأجنبية، وبالتالى مزيد من التدفقات الدولارية في المستقبل.

سوء استغلال القرض، يعنى بقاء الحال على ماهو عليه. لن تبقى إلا أعباء سداده، وتداعيات ارتفاع سعره.

الحالة الآن كالتالى: السوق المصرى في حاجة إلى دولار. قرض صندوق النقد بالدولار. المفترض استغلال دولارات قرض الصندوق في تأهيل السوق لاستقبال دولارات المستثمرين الأجانب المفترضة.

ارتفاع الدولار في البنوك بعد تعويم الجنيه إشارة لاستمرار المضاربة على الدولار بالسوق المصرية حتى اليوم. لو اتجهت الحكومة للإنفاق الاستهلاكى للقرض، فالمعنى أن الوضع مستمر هكذا. أو الحال كما كنت.

دخول الاستثمارات الأجنبية بالعملة الصعبة السوق المصرية هو الحل للقضاء على المضاربة على الدولار. ما الذي سيمنع استمرار المضاربة على الدولار، لو اتجهت الحكومة لإنفاق قرض الصندوق في سد عجز الموازنة مثلا؟

للآن لم تقل الحكومة ما الذي تنوى فعله. واضح أنها متجهة للإنفاق الاستهلاكى. واضح أن أولويات الحكومة سد عجز الموازنة. ضف إلى ذلك، تعهدها بتسديد دفعة من ديون شركات البترول الأجنبية.

شركات البترول الأجنبية لديها ديون في رقبة حكومتنا، من تداعيات يناير، تزيد على 3،6 مليار دولار. منذ أيام، أصدرت السفارة البريطانية بيانا، طلبت فيه ضمان تلك المستحقات، وأغلبها لشركات إنجليزية. ألمح بيان السفارة إلى انتظار حصة كبيرة فور تسلم مصر أول دفعة من قرض الصندوق.

وزير المالية المصرى رد بالتاكيد على الالتزام بالسداد. ألمح الوزير أيضا إلى أن دفعة كبيرة سوف يتم سدادها من القرض. تصريحات وزير المالية الدكتور عمرو الجارحى منشورة. ممكن الاطلاع عليها لو أردت.

معنى الكلام أنه أولا ليس لدى حكومة المهندس شريف إسماعيل خطة لإنفاق القرض. المعنى الثانى أن هناك أعباء أضيفت على أوجه إنفاق القرض لم تكن في الحسبان أصلا.

لا نريد أن نصل من هذا إلى نتائج متشائمة، أو توقعات أكثر تشاؤما. لكن في الوقت نفسه هناك أسئلة كثيرة متداولة، وعلامات استفهام في حاجة إلى إجابات. لماذا لا تتكلم الحكومة؟ لماذا لا تقول ما الذي تنوى أن تفعله؟ ما هي الخطة؟ وما هي آليات الحل؟

تعويم الجنيه حتى الآن لم يسفر إلا عن مزيد من "الغلا والكوى". الدولار تخطى أول أمس حاجز الـ18 جنيها. وعود الحكومة بانخفاضه إلى 10 جنيهات و80 قرشا بعد التعويم لم تتحقق. الحكومة صامتة، والمهندس شريف إسماعيل لا حس ولا خبر. لو كانت السياسات في الطريق للأفضل نحن صابرون. لو كان لدى الحكومة خطة زمنية لاستعادة قوة الجنيه وقدرته الشرائية نحن أول الصامدين. لكن صمت الحكومة يقتلنا.

ماذا لو استنفدت الحكومة دفعات القرض الثلاث في إنفاق استهلاكى؟ لو سددت عجز الموازنة العام الجارى، وما بعده وما بعده، فما الذي ستفعله في ما بعد بعده؟ لو استمرت المضاربة في السوق المصرية على الدولار، ما الذي يمكن أن تصل إليه قيمة الجنيه؟ وما انعكاسات هذا على المواطن الغلبان؟

الواقع، أن التعويم جعلنا كلنا غلابة. الحكومة تتكلم باستمرار عن الطبقات الأكثر احتياجا، في حين أدخلت ممارستها الاقتصادية الطبقات الوسطى، ضمن الطبقات الأكثر احتياجا. لو استمرت تلك السياسات، فالنتيجة اتساع الطبقات الأكثر احتياجا، بعد أن تدخلها الطبقة الوسطى من أوسع الأبواب.

الحكومة تقول إنها تعمل لصالح الغلابة. يبقى أن تكلم الحكومة الغلابة. يبقى أن يشرح لهم المهندس شريف إسماعيل ما الذي يفعله لأجلهم. لابد أن يكلمنا المهندس شريف إسماعيل. يتساير معنا.. ياخد ويدى في الكلام.
لابد أن يكون له صوت وحس. إذا كان الدكتور شريف إسماعيل يعمل لأجل الغلابة.. فقد أصبحنا كلنا غلابة.
أي والله غلابة.
Wtoughan@hotmail.conm
Twitter: @wtoughan

الجريدة الرسمية