رئيس التحرير
عصام كامل

الوطن !


كلمة من أحرف ثلاثة تحمل وتجسد معاني لا حصر لها.. فكلمة الوطن تجسد الأمن والأمان، والانتماء.. السلام والاطمئنان والراحة. الوطن هو مسقط رأس الآباء والأجداد، هو مكان يحمي ويأوي.. الوطن في قلب أبنائه ليس سكنة في المكان فقط، بل هو حب لا نهائي وعشق لذرات ترابه هوائه.. شوارعه.. الوطن حب، دفء، حماية، أمان. الوطن ليس فقط أرضا بل سلطات تضمن وتؤمن مستقبل الأبناء بلا تفرقة في لون، أو دين، أو جنس. 


الوطن جار يؤمِّن غيابك ويحمي ظهرك، وليس معتديا يغتصب حقوقك بأمر وفتوى من الغوغاء والدهماء. الوطن سلطة تضمن حقوقك ولا تنتهكها.. الوطن دورة حياة بكل معانيها وتراتيبها وتفاعلاتها، هو عَقد برفاهية أرضية، أما السماوات فكل وربهِ.

الوطن ثلاثة حروف وملايين المعاني.. الوطن هو الجموع المحيطة.. القريبة والبعيدة، هو قصص الجدات، ورفات الأجداد.. الوطن حالة من الحب، وقد صدقت كلمات مكرم عبيد التي رددها قداسة البابا شنودة الثالث (مصر ليست وطنا نعيش فيه إنما وطن يعيش فينا) وكلمات أمير الشعراء الخالدة (وطني إن شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي).


الوطن حاضن وليس طاردا، ومأوي آمن وليس متربصا.. الوطن هو كل ذلك وأكثر، فلماذا يا وطني لا تحتمل أبناءك؟ ولمَ دفعتهم للهروب من جنتك مطرودين لوطن بديل؟ فضلًا عن بقاء في وطن يطيح بآمالهم ويحطم نفوسهم ويضعهم في مصاف المجرمين؟

الوطن أرض تحتضن، وجار أمين، وصديق رفيق درب، وبيئة تعلم..الوطن عنوان وهوية..

وطني! 
لمَ وكيف تقسو علينا؟ وكيف قبلت أن يعيش القبطي مضطهدًا مهانًا مهددًا في مسكنه ولقمة عيشه؟ أما آن للظلم أن ينجلي؟ متى سمعنا عن أوطان تقسو على أبنائها؟ وهل تلفظ أحضان الأمهات فلذات أكبادها؟ كم عانى أبناء الحبيبة مصر من ظلم أمهم! كم عانى أبناء هذه الأم من ظلم الوطن!!


أقباط مصر طفل ذليل في مواجهة بقية الإخوة المدللين؟! أو ليس الوطن سلطة سياسية وتنفيذية وقضائية؟ فلماذا سقط الآلاف من الأقباط الذين قست عليهم أمهم من أجندة الوطن؟ ومنهم من مات كمدًا وغمًا من الظلم. ومنهم من مات حرقًا.. ومنهم من مات في حقله.. لتتحد ذرات جسده المحترق بتراب الوطن الذي لم يحنو عليه وأصبحت رفاته إضافة لوطنه الذي عشقه.. تري هل هناك في الشرق الأوسط وطن يشمل تلك المعاني؟ مازالت الفرصة سانحة يا وطني الحبيب لتجمع "الهلال مع الصليب".

الجريدة الرسمية