رئيس التحرير
عصام كامل

وإلى لقاء جديد في 13 ـ 13!


يؤمن الداعون للتظاهُر والقيام بثورة لن تقوم مُجددًا بأهمية اختيار موعد رِوِش للغضب المُفترض أن يغرق الشوارع على شكل موجات من ملايين الغاضبين، فيهتم-هؤلاء الداعون- بالمظهر على حساب الجوهر، فيستغرقون في التفكير والتحليل والتدبير لاختيار تاريخ يوم مُميَّز ذا سجع وقافية، كأنهم بصدد تنظيم كأس العالم أو اختيار موعد لخطوبة (سامح) و(باكينام)!


على هذا الأساس اختار أخواننا البُعداء المجهولون أو مَن يَجَهِلون أنفسهم عمدًا تاريخ 11 – 11 لقال إيه ثورة جديدة يتم دفع الشعب خلالها للغضب ضد كُل شيء سياسي واقتصادى وقانونى وإعلامي، ومَن اختار وقام بالترويج هو نفسه الذي أقنعته قرون استشعاره الثورية أن هذه الثورة رخرة، هتكون فقاعة صابون كما سبقها من عشرات الدعوات الحامضة فرجع وقال إن الموعد مشبوه وأن الداعى إليه مجهول!

على النقيض ولإثبات كذب الصنف السابق الذي يظن أنه كده بيلعب بالبيضة والحَجَر بمهارة، فقد كانت دعوات عصابة الإخوان رسمية للنزول، لا من أجل شعب مسكين، ولا علشان جنيه بائس، لكن كما قالوا بهدف واضح وهو إعادة المخبول أبوبدلة زرقا للقصر مُجددًا، وهى دعوة تؤكد أن الجماعة وأنفارها صاروا في حال يرثى لها من البلاهة الإضافية التي وصلت لحد الجنون، بعدما فشلوا في كُل محاولاتهم الهايفة السابقة، فاحترفوا الفشل وبرعوا فيه كما فعلوا مع التضليل والإرهاب على حد سواء، أما الثورة فقد نجانا الله منهم ومن أذنابهم للأبد بثورة يونيو!

وعلى ذات النقيض- ولمَن شككوا في أن 11 – 11 هو اختيار أمني مصرى لإلهاء الناس بعيدًا عن مشكلات اقتصادية قُتلت بحثًا وتفسيرًا- فقد خرج (أيمن نور) الثورى بدوره بتصريح يؤكد فيه أن هذا التاريخ فاصل للشعب الذي سينزل للشوارع لانتزاع حُريته، ما لم يقله (نور) هو أنه ينتظر أن يقوم الشعب بثورة وبعدين يجيب حضرته محمولًا على الأعناق أو على الأذرع ونخطى بيه البخور سبع مرَّات ونرُش له الملح كمان!

ومن الواضح جدًا أن الشعب بشكل عام لم يعُد مُتقبلًا لفكرة الثورة خاصةً بعدما نُهبت منه ثورة يناير وكانت ثورة حقيقية رغم ما شابها من سرقة جماعة الإخوان وحلفائها لها قبل أن تقوم الجماعة بتوجيه شلوط سياسي للجميع وعلى رأسهم مُغفلو اجتماع (فيرمونت) الشهير فتناثروا في الأرض واحد بتويتات وواحد ببرامج ساذجة وواحدة بتكتب مذكراتها وتندب حظها.. إلخ، وأيضًا من قفز من اللصوص النشطاء والحقوقيين والخونة وعملاء الخارج لصدارة المشهد، لتحقيق كُل استفادة مادية وإعلامية مُمكنة من خلف ثورة خرجت تنادى بالديمقراطية والعدالة والقضاء على الفساد، فاستبدلت بالظالمين مَن هُم أكثر ظلمًا وفسادًا!

يحضرنى هنا مقال كتبه الزميل الأستاذ (بشير حسن) على بوابة ڤيتو الكريمة قبل فترة، حينما كشف عن بعض الكواليس الإعلامية التي صاحبت تصرفات أفَّاقى ثورة يناير ممَن سموا أنفسهم بزعمائها، وأفعالهم آنذاك في الاستغلال والهجوم على كُل مَن يعارضهم أو يعرض عنهم، وكان الرجُل رئيسًا لتحرير واحد من أهم البرامج التليفزيونية التي تفاعلت مع ثورة يناير آنذاك واستضافت كُل هؤلاء، وهو برنامج 90 دقيقة على قناة المحور، والذي كان يقدمه وقتها (سيد على) و(هناء سمرى)، وأكد الرجُل في شهادته أن كُل هؤلاء النشطاء والثورجية ما هُم إلا مُخادعين واستغلاليين يسعون للشهرة والمادة!

إذن هؤلاء هُم الراغبون في إشعال ثورة جديدة لن تقوم، أو قلق آخر لمُجرد تدبير دعم إضافي لسبوبة لا تنتهى، تلك السبوبة التي حملتهم من غياهب الفقر إلى الشهرة والمجد، راخر تلاقى كُل يومين جُمعة الشهد، وجمعة المهد، وجمعة الدموع، ومرَّة ثورة مُسلحة، ومرَّة ثورة خرساء، ومرَّة ثورة عصيان الأستيك، طيب فاكر ثورة 28 نوفمبر، والتي قرروا تحويل مصر لبحر من الدماء خلالها؟ هذه ثورة كان عدد بائعى الشاى الذين نزلوا للشوارع فيها أكثر من الثوار أنفسهم، وكانت خسائر بتوع الشاى فادحة بعد ما برد وملقاش حَد يشربه!

الشعب أو غالبيته العُظمى تُدرك أننا حتى اليوم نقوم بسداد فاتورة ثورة يناير التي تمت سرقتها والسطو عليها من لصوص السياسة والدين، فتحوَّلت للأسف إلى نقمة، ولقد أنقذ الشعب بنفسه ما تبقى له من البلد في ثورة يونيو وانتهى الأمر على ذلك، فلا زلنا نُعانى من الخسائر المادية والسياسية والتفسخ المجتمعى وقلة الأدب وتقسيم الناس لثوار ولفلول ولعسكر ولحزب كنبة، وهو التقسيم الخبيث الذي رغب واضعوه في تمييز فئتين ألعن من بعضهما البعض؛ فئة سمت نفسها بالإسلاميين وهُم مُجرد مُجرمين دمويين كُل مؤهلاتهم تكفير الغير بدون حساب، وفئة سمت نفسها بالثوار وهُم أيضًا شوية صيَّع كُل رأسمالهم وشُغلهم توزيع الاتهامات على الآخرين بدون حساب، هذا مُنبطح، وهذا بتاع عسكر، وهذا فلول، وكُل هدف هؤلاء هو التنظير ولعب العيال والهرجلة والاعتراض على كُل شيء ونقيضه طوال الوقت، لدرجة أنهم مُمكن يرفضوا دعوة النزول يوم 11 في شهر 11، ويتمسَّكوا بعكس التاريخ فينزلوا شهر 11 يوم 11، والله يعملوها، لكن حتى لو عملوها فخليهم يحلموا بإعادة سيناريو الفوضى ولو حتى في 13 – 13!
الجريدة الرسمية