رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات مصرية.. الوحش والجحش والتوك توك اللي ماطارش


خَلَع عبدالله عاصم، المخترع المصرى الصغير، إلى أمريكا بغير رجعة.. وفقدنا اختراعًا يُمَكِّن المشلولين رباعيًا من تقليب صفحات الكمبيوتر بحركة العين.. واحتفى الصينيون دون ضجة بشاب اخترع سيارة تطير على مسافة قريبة من الأرض.. وهذا هو الفرق بين عالم في بيئة حضارية وعالم بيئة!


في الأساطير القديمة كانت البيئة الجغرافية والنفسية والثقافية تسمح بتصديق وجود البطل الفارس الذي نصفه بإنسان ونصفه بأسد يقضى على الوحش الظالم.. الآن يوفر الواقع بيئة ثقافية تجعل السواد الأعظم يصدق أن الزمالك خسر بطولة أفريقيا بالسحر الأسود، وإننا قهرنا الإيدز بالكفتة، وأن بإمكاننا أن نخلق وحشًا يجري على أربع عجلات، ويسبح في المياه، ويطير في الهواء، وعلى كوبري بنها العسل طرف الهوا عيني / أبكي ياناس عالهوا واللا على عيني.

منذ وقت قريب لفت انتباهي ضجة إعلامية عن اختراع اسمه الوحش المصري، وعندما شاهدت الصور تساءلت بدهشة شديدة ما العلاقة بين السيارة والوحش؟ أفهم أن يطلق وصف الوحش على دبابة أو مصفحة أو مدرعة فهي حالة تتسق وتنسجم مع الصورة الذهنية للوحش وسلوكه العنيف الشرس في القتال، أما أن يطلق على سيارة صغيرة لا هي محصلة "توك توك" ولا محصلة قِدرة فول، فذلك ما دفعني إلى إطلاق اسم الجحش المصري على الاختراع الفضيحة.

الوحش بحسب صاحبه، هو سيارة تطير وتبحر، لم ينقصه إلا القول ممكن تقلبها شَوَّاية أو مرحاضًا أفرنجيًا، أو ماجورًا تعجن فيه الدقيق.. أحضر الرجل الاختراع إلى ميدان التحرير ربما ليكتسب بركة شهرة الميدان.. أحاطت الكاميرات بالوحش الذي هو السيارة.. حاول المخترع تشغيلها، لكن رأسها وألف صرمة ما هي شغالة، اللي يحب النبي يزق ياخوانا، مفيش فايدة، يتطلع إلى الملتفين حولها ويقول بالصلاة على النبي اللي عاقِد أيديه يفكها وحياة والدك انت وهو.. يحاول ويحاول برضه مفيش فايدة.. يقال إنه بدأ يهمس في نفسه حتى ظن الناس أنه واخد أرضي، أو إصابة مَس من الجن، لكنه في الحقيقة وبحسب أصدقائه كان يهمس لها أبوس إيدك اتحركي، طب اعملي أي صوت أي حركة هاتفضحيني يابنت دي......! برضه مفيش فايدة.. المهم أن المسخرة انتهت بأن الرجل وَلَّع في الوحش وألقاه بالترعة، وسط بكائه المرير، ومواساة الأقربين، ما تعملش في نفسك كده انت لسه صغيَّر وبكرة تخلف بَدَل الوحش أربعة.

بعد نكسة صاحب الوحش وحرقه، جاءنا العوض بأسرع مما نتوقع.. فقد خرج علينا من يقول:
"لابد من دعم الأعمال الناجحة التي تخدم المواطن، وعلى الدولة تشجيع المخترعين ودعم أعمالهم".. هكذا صرح صلاح خليل في مداخلة هاتفية لبرنامج "أوراق الأسبوع" على فضائية العاصمة الجديدة.. فمن هو صلاح خليل؟

هو الرجل الذي ظهر في شريط فيديو بجوار اختراعه الذي أطلق عليه "التوك توك الطائر" أو طائرة التوك توك.. عبارة عن سيارة صغيرة مثبت أعلاها مروحة طائرة هليوكوبتر، وذيل طويل بمروحة 3 ريشات.. بدأ الرجل تشغيل الاختراع، وكل ما حدث أن المروحة دارت.. أخذت تلف وتلف دون أن يطير التوك توك.. ياعم طير؟ مفيش.. أبوس رجلك طير ماتفضحناش.. مفيش.. وقف الرجل والمروحة شغالة وقد ألجمت المفاجأة لسانه، وبدا كما لو كان قد تلقى 200 صفعة على قفاه وعندما التفت لم يجد أحدًا خلفه... كان تصريحه الأخير.. أنا كان غرَضي أحل مشكلة الزحمة بس مش عارف أطَيَّرُه! صدق من قال أصل النباهة صُدَف أما الغباوة كتير.
الجريدة الرسمية