رئيس التحرير
عصام كامل

حان وقت تكريم هذا الموهوب


حان وقت أن يحصل هذا المبدع العبقرى الرائع الخلوق على ما يستحق من تقدير وتكريم من الدولة ومن نقابتنا "الصحفيين" ومن مؤسسته "الأهرام".

أتحدث عن ياسر ثابت، ذلك الموهوب الذي أثرى المكتبة بـ 50 كتابًا في زمن نضبت فيه المواهب، المسكون بروح الإبداع، المعجون بماء العبقرية، هو روائى وأديب وشاعر ومفكر، هو شعلة إبداع غزير لا ينطفئ نورها أبدًا، يمتلك قاموسًا لغويًا بعمق بحر بلا أعماق، موسوعى وقابض على مصطلحاته، قدرته على الوصف والتعبير ليس لها حدود، لغته أقرب إلى الشعر، سواء في تكثيفها أو في تركيباتها الجمالية، تشعر وأنت تقرأ له وكأنه طائر يغرد محلقًا بجناحيه في أفق الإبداع البعيد، أو موسيقار يعزف أروع الألحان.

كل يوم أستلهم من مرادفاته اللغوية الرائعة معاني وأتعلم منه كيف تكون الكتابة وكيف يكون الإبداع والتعبير، وأنصح كل زملائى في الإعلام والصحافة باقتناء كتبه وحصيلة إبداعاته وقراءتها، فهى كفيلة بأن تجعلهم يمتلكون كل أدوات مهنتهم كاملة وتضعهم على طريق الموهبة.

موهبة ياسر تفتح نوافذ الأمل في أنه ما زال في المواهب بقية، بعد أن طفح على السطح عديمو الموهبة والجهلاء والوصوليون والانتهازيون تمامًا كالبيض الفاسد.

ياسر مولود في مدينة كولونيا بألمانيا، وهو من أبناء جيلى، ويسبقنى في التخرج من كلية الإعلام "قسم الصحافة" بجامعة القاهرة بدفعة واحدة، 1985، ونال الماجستير من كلية الصحافة بجامعة "كارديف ويلز" البريطانية عام 1997، ثم حصل على الدكتوراه في الصحافة من جامعة بوسطن، الولايات المتحدة عام 2000، تعرفت عليه في مكتب صحيفة "الوطن" الكويتية في مصر في أواخر ثمانينيات القرن الماضى، حيث كنت مسئولا عن الديسك ولفت نظرى غزارة إنتاجه وروعة أسلوبه وصياغته، ثم تزاملنا في "العالم اليوم" إلى أن التقينا في الإمارات عام 2007 حيث كان رئيسًا لتحرير غرفة الأخبار في قناة "العربية"، ثم عمل مديرًا للأخبار في قناة "سكاي نيوز عربية" عام 2011، قبل أن يعود إلى مصر، ونال إشادة من كُتاب وباحثين أمريكيين تقديرًا لمهنيته وكفاءته خلال عمله كرئيس لتحرير غرفة الأخبار خلال تجربة مهنية قصيرة في قناة الحرة بأمريكا، وكان أحد المؤسسين لصحيفة "الدستور" التي حققت أرقام توزيع غير مسبوقة في مصر.

لذة الكتابة في تقديره تكمن في أنها العلامة الكاملة للحياة، والطوق الأخير للنجاة، حروف اللغة عنده تأخذ شكلًا جديدًا، أكثر رشاقة وتركيزًا، لتؤلف جملًا وعبارات تحدد المعاني تخومها وأبعادها وبداياتها ونهاياتها، الكتابة عنده هي ابنة الذاكرة، يقول: "حين نكتب نشعر بالحنين والفقد والشغف، كعشاق حفظوا الهوى أو ودعوه رغمًا عنهم، وبعض تغريداتنا رسائل مشفرة ننثرها في الفضاء الواسع ليفهمها فقط من قُدِر لهم ذلك"، الكتابة لديه هي بوابة الصوت، والكاتب بأحلامه الكبيرة يساعد قراءة على الحياة.

ياسر لم يقدم كل ما لديه بعد، وفيضه الهائل من الإبداعات الأدبية وصل إلى 49 كتابًا أثرى بها المكتبات المصرية والعربية ومنها "الموت على الطريقة المصرية"- "حرائق التفكير والتكفير" "جمرتان: تمارين على النسيان"-"العصا والمطرقة: صراع السلطة والقضاء" - "وطن محلك سر"- "صديق الرئيس: حكام مصر السريون"-"المتلاعبون بالعقول: سقطات الإعلام في مصر" - "دين مصر: أمراء الدم والفيديو"- "حروب الهوانم" - "حكام مصر من الملكية إلى السيسي" - "مصر قبل المونتاج" - "غرفة خلع الملابس: وجوه وقياسات"- "أجمل القتلة" - "ذنب"- "الصراع على مصر: ذئاب مبارك والعهد الجديد" - "أيامنا المنسيـّة" - "تحت معطف الغرام"- "مراودة"- "زمن العائلة: صفقات المال والإخوان والسلطة" - "صناعة الطاغية: سقوط النخب وبذور الاستبداد" - "رئيس الفرص الضائعة: مرسي بين مصر والجماعة"-"حروب العشيرة: مرسي في شهور الريبة"-"محاكمة الرئيس: البحث عن القانون الغائب"-"دولة الألتراس: أسفار الثورة والمذبحة"-"قصة الثروة في مصر"- "شهقة اليائسين: الانتحار في العالم العربي" "هيا بنا نلعب: عن الأوطان.. والأوثان" - "فضة الدهشة: تغريد على غصن تويتر"- "لحظات تويتر: ألف تغريدة وتغريدة" - "فتوات وأفندية" - "حروب كرة القدم" - "جرائم بالحبر السري" - "كتاب الرغبة"- "فيلم مصري طويل"- "جرائم العاطفة في مصر النازفة"- "يوميات ساحر متقاعد"- "قبل الطوفان: التاريخ الضائع للمحروسة في مدونة مصرية"- "جمهورية الفوضى: قصة انحسار الوطن وانكسار المواطن" - "ذاكرة القرن العشرين" - "موسوعة كأس العالم لكرة القدم".

ياسر ثابت ذلك الصحفى المتواضع البسيط لا يقل في عطائه الفكرى عن كثير من المبدعين، وحان وقت أن تلتفت له الدولة وتمنحه ما يستحق.
الجريدة الرسمية