رئيس التحرير
عصام كامل

الشهيد والقاتل !


ربما من الخطأ الفادح أن أضع اسم الشهيد البطل «العميد عادل رجائي» بجوار اسم الإرهابي القاتل عادل حبارة فالفارق بينهما واسع كالفارق بين السماء والأرض، والفرق بينهما كبير وعظيم بين شهيد تزفه ملائكة السماء، وبين قاتل يلعنه حراس جهنم وهم يكبوه على وجهه في السعير.. ولكن ما ربط بينهما -في تقديري– هو أن الشهيد الذي يواجه الإرهاب سقط بدم بارد غدرًا وغيلة برصاص الإرهاب في نفس اليوم الذي تنقض فيه محكمة النقض حكم الإعدام الذي صدر بحق الإرهابي القاتل عادل حبارة للمرة الثانية..


فبينما يقدم الشهيد العميد عادل رجائي حياته راضيًا فداءً لوطنه يقدم القضاء للقاتل فرصة جديدة للحياة ينعم فيها بالطعام والشراب والنوم.. من سخرية الحياة أن قاتل شهداء رفح الثانية تستغرق محاكمته سنوات بعد اعترافه وتهديده المحكمة علنًا، وشهيد الوطن والواجب يستغرق إزهاق روحه بضع ثوانٍ لا تتجاوز الدقيقة.. عن أي عدل نتكلم، وعن أي دولة قانون نتحدث !

وكان الرئيس السيسي أكد أنه ينأى بنفسه والمسئولين عن أي شبهة للتأثير فى أحكام القضاء، مشيرًا إلى التزامه الكامل عن إيمان ويقين بالدستور.

كلام طيب وصحيح لا غبار عليه، ويجب أن يتمسك به الرئيس ويلتزم به كما قال لكن العدل في دولة القانون يعني عودة الحق لصاحبه في أقرب وقت، ويعني سرعة القصاص من القاتل –الذي أهدر دم قتيله في لمح البصر– في أسرع وقت، ويعني تنفيذ الأحكام التي صدرت في حق الجناة في أسرع وقت كما قتلوا الأبرياء في أسرع وقت، ويعني احترام حجية الأحكام القضائية وعدم النظر إليها باعتبارها حبرًا على ورق، ويعني إشاعة حالة حقيقية من الرضا والأمان عند الناس تجاه منظومة العدل.

الإحساس بالعدل والمساواة كما يؤسس لهما الدستور في دولة القانون هما الضمانة الأهم والسياج الواقي ضد كل أمراض هذا الزمن الرديء، ولا ينكر أحد أن منظومة العدالة تحتاج مراجعة وتطويرًا تشريعيًا يواجه متطلبات هذه الفترة الحرجة..

هل يمكن أن يهدأ مجتمع وفيه حقوق ضائعة أو تائهة لسنوات بسبب القانون؟ هل يمكن أن تندمل جراح أهالي الضحايا وتبرأ جروح المصابين بعاهات في ظل قانون يسمح بمحاكمة القاتل مرات عديدة في ذات القضية لسنوات؟ إذا كان هذا يتم بالقانون.. فهل هذا القانون جاء بوحي من السماء ولا يمكن تعديله أو تغييره؟

البرلمان هو الممثل الشرعي للشعب وعليه واجب يجب أن يؤديه، وله دور يجب أن يمارسه، وعنده مسئولية يجب أن يتحملها ويسارع بتعديل القوانين والتشريعات التي تعطل سير العدالة وإنجاز الأحكام، وعليه أن يستحث الحكومة بالإسراع بتقديم مشروعات القوانين التي تحقق هذا الهدف، ويقدم هو مقترحات القوانين إلى لجنة المقترحات بالمجلس إذا تأخرت الحكومة.

القضية أخطر من أن نتركها ونتحدث عنها في المناسبات فقط أو كلما وقع حادث إرهابي.. ولم تعد كلمات مثل أن استشهاد أي فرد من قواتنا المسلحة أو الشرطة أو أي مدني بريء تزيدنا إصرارًا لها معنى طالما أن القصاص لا يتحقق بالسرعة المطلوبة إذا كنا جادين في السعي للقضاء على الإرهاب والإرهابيين، وإذا كنا ننشد تحقيق دولة القانون!
الجريدة الرسمية