رئيس التحرير
عصام كامل

انتخابات أمريكا غير نزيهة!


أنا لست متحمسًا للمرشح ترامب مثل البعض، وأرى أنه أو هيلاري كلينتون كلاهما مر لنا، لأن الرئيس الأمريكي الجديد مثله كالذين سبقوه، سوف ينفذ سياسة خارجية وضعت له سلفا، من قبل المؤسسات الحاكمة بالفعل في الولايات المتحدة، وتتحكم في أمورها.. ولكنني مع ذلك أشاطره الرأي فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية غير نزيهة وليست نظيفة، وهو شخصيا ومنافسته بما يقومان به ويمارسانه في هذه الانتخابات أحد مظاهر عدم سلامة هذه الانتخابات أو عدم نظافتها!


انظروا إلى ما شهدته المعركة الانتخابية بين المرشحين ترامب وهيلاري، والتي تقترب الآن من نهايتها، وما شابها من ممارسات حكومية وإعلامية، وأيضا ما فعله كلا المرشحين ذاتهما خلال هذه المعركة.

إن الرئيس الأمريكي لم يتوقف عن إعلان تأييده ودعمه لمرشحة حزبه الديمقراطي في الانتخابات، وهو الأمر المفروغ منه، ولكنه وهو يحتل المنصب الأعلى في السلطة التنفيذية بالولايات المتحدة تورط أكثر من مرة قولًا وعملًا في مساندتها، وأيضا في إضعاف خصمها ومنافسها ترامب.. قولا بتوجيه انتقادات حادة لترامب كان آخرها انتقاد إساءة ترامب للنساء.. وعملا بالسعي للتعجيل لمعركة الموصل في العراق قبل يوم الانتخابات الرئاسية، وذلك لتعزيز موقف هيلاري التي تتبنى محاربة داعش، وأيضا بتصعيد التوتر في العلاقات حول الملف السوري مع روسيا التي لا تخفي رغبتها في فوز ترامب، كما لا يخفي ترامب إعجابه بالرئيس الروسي بوتين، كما أن الإعلام الأمريكي في هذه الانتخابات الرئاسية الحالية يلعب دورًا يتجاوز النطاق المهني، وإنما هو دور سياسي موجه في هذه الانتخابات، ولا يجب أن نتغافل هنا أن من أذاع الفيديو الذي يكشف إساءة ترامب للنساء كان الإعلام الأمريكي، وهذا ما حدث أيضا بالنسبة لبرقيات هيلاري التي تم تسريبها.

إذن.. أين النزاهة والنظافة والحيادة في هذه الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي استأثرت أكثر من أي انتخابات سبقتها في أمريكا باهتمام عالمي، في ظل ما يشهده العالم الآن من تغيرات ستفضي إلى صياغة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وحافل بالمشكلات.

لذلك.. يتعين على من يتطلعون لانتخابات مثالية في بلادنا أن يدركوا أن المثل الأعلى الذي كانوا يطالبوننا بمحاكته، وهي الانتخابات الأمريكية أو الغربية بشكل عام، لا ترقى إلى مستوى المثل العليا.. وبالتالي لسنا مضطرين، لأن نتلقى دروسًا من الذين لا يلتزمون بما يطالبوننا بأن نقوم به.

وليكن مفهوما هنا أن هذه ليست دعوة لوقف عملية التحول الديمقراطي في بلادنا.. ولكنها في الحقيقة دعوة لعدم تصديق هؤلاء الأمريكان الذين يدعون أنهم حريصون على تحقيق الديمقراطية في أماكن شتى، ولم يساعدوا شعبا على إنجازها وتحقيقها، وإنما استثمروا رغبات الشعوب في الديمقراطية لفرض حكام فاشلين ومستبدين عليها، مثلما فعلوا معنا بفرض حكم الإخوان علينا.
الجريدة الرسمية