رئيس التحرير
عصام كامل

ساندوا جابر نصار


لن يمر قرار رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، بإلغاء خانة الديانة في كل تعاملات الجامعة مع طلابها وأساتذتها دون مقاومة، سواء من التيار السلفي داخل الجامعة، أو من المتعاطفين مع هذا التيار خارجها.. لن ينسى هؤلاء للرجل أنه يحول المواد الرائعة التي يزخر بها الدستور إلى واقع حي يقرب مصر من تحقيق حلم الدولة المدنية، لذلك يتربصون به ويسعون بكل الطرق لتشويه أهدافه النبيلة.


ومن واجب كل من يدافع عن الدولة المدنية أن يساند رئيس الجامعة الشجاع، في مواجهته المنتظرة مع تيار الإسلام السياسي، سواء داخل الجامعة أو خارجها، وسيلجئون كالعادة إلى القضاء، الذي أنصف الدكتور نصار في مواقف سابقة، وسيحركون أنصارهم من الأساتذة والطلاب للهجوم على رئيس الجامعة، وقد بدأ أنصار هذا التيار خارج الجامعة التحذير من خطورة القرار على «التكاتف والتماسك» رغم أن إلغاء خانة الديانة خطوة على طريق التماسك الشعبي المنشود، وليس العكس.. والسؤال.. هل كان القرار الذي يستند إلى الدستور.. إلى شجاعة من يتخذه؟

الإجابة.. نعم للأسف الشديد، فبالرغم من أن الدكتور نصار التزم بتطبيق مواد الدستور، ورفض أن تظل تلك المواد «حبر على ورق» إلا أن تقدير ردود الأفعال من جانب أعداء الدولة المدنية، وإعاقتهم لكل خطوة تتخذ على هذا الطريق، كانت كافية لإجبار العديد من المسئولين على التراجع عن تطبيق مواد الدستور، وهو ما لم يقبله رجل القانون جابر نصار.

ونذكر بأن منظمات العمل المدني قدمت عبر سنوات توصيات عديدة، خاصة بإلغاء خانة الديانة من الأوراق الرسمية، وتوقف الأمر عند التوصيات والبيانات، دون أن يجرؤ مسئول على اتخاذ خطوة جادة على طريق التطبيق، وما زال كبار المسئولين يتحدثون عن المواطنة، بينما يكذب تلك التصريحات أن التفرقة بين المواطنين المصريين على أساس الدين.. مستمرة وواضحة للعيان.

وما زال شيوخ الفتنة ينفثون سمومهم عبر منابر المساجد التابعة لهم، ويصدرون الفتاوى التي تفرق بين أبناء الوطن «الواحد»، في ظل الصمت المطبق من جانب الأجهزة المعنية في الدولة، التي تركت لهم الساحة خالية، وتخلت عن مواجهة أفكارهم المهترئة، وما زال بعض الأساتذة في كليات الطب، يرفضون تعيين المعيدين الأقباط بحجة ألا يكشفوا «ستر نسائنا».

في ظل تلك الأوضاع الماسأوية يتصدى الدكتور نصار للفكر المتطرف، وينتصر للمواطنة، وقد اتخذ العديد من القرارات الشجاعة، أبرزها منع ارتداء النقاب داخل الحرم الجامعي، ما دفع التيار السلفي إلى اللجوء للقضاء لإلغاء هذا القرار، وجاءت الأحكام لتؤيد قرار رئيس الجامعة، كما شن أنصار التيار حملة شعواء ضد الرجل.. وتعددت رسائل التهديد التي تصله كل يوم دون أن يتراجع عن قراره.

وجاء القرار التالي بإلغاء الزوايا التي كانت تنتشر في معظم أدوار الكليات الجامعية، وأن يقتصر أداء الصلوات على المسجد الرئيسي، وقامت الدنيا ولم تقعد، وأصر الرجل على تنفيذ قراره.

أما قراره الأخير الذي كان بمثابة عودة الروح إلى حلم مصر المدنية، فقد كان يحتاج إلى أكثر من الشجاعة.

الإيمان بأن من حق المصريين جميعا.. أن ينعموا بالحياة في مجتمع لا يميز بينهم، ولا يفرقهم على أساس الدين.

لذلك لا يكفي أن نقول «برافو» دكتور نصار، وإنما أن نسانده في معاركه القادمة مع التيار السلفي، من أجل تحقيق حلم الدولة المدنية.
الجريدة الرسمية