رئيس التحرير
عصام كامل

إلى المُغيَّبين


هذا المقال أوجهه لشباب الإخوان، وأغلب الظن أنهم لن يقرؤوه، ولكن قد يقرأه أحدٌ له صلة ببعضهم فيعرف ويدرك ويفهم ويبلغهم ما سمع وما وعى، أقول له: أيها الإخواني السامع والمطيع لأمر قادتك، كن على يقين أنك ستأتي أمام الله يوم القيامة وحدك، ليس معك إلا عملك، لن تصطحب معك آنذاك جماعتك أو أهلك أو عشيرتك لتنوب عنك في الحساب، ولكن كلهم «آتيه يوم القيامة فردا»..


فلا يجمح خيالك ويسول لك أنه في هذا اليوم سينادي منادٍ من قبل الله قائلا: فليتقدم الممثل القانوني لجماعة كذا أو كذا حتى يُحاسب نيابة عن جماعته، ولا تغرق في الأحلام، وتركن إلى خيالك الجامح فتظن أن مسئولك أو سيدك الأعلى سيخرج من عند الله وسيقول لكم: أبشروا فقد أدخلنا الله جميعا الجنة صالحنا وطالحنا، لأننا كنا جماعة تدعو إلى الإسلام، لن نسمع يومها من يصيح فينا: فلتتقدم دولة مصر للحساب، أو تتقدم جماعة الإخوان، الحساب لا يكون للدول ولا الجماعات، ولكنه يكون للأفراد الذين في الدول والجماعات، الله يا أخي لا يحاسب حسابا جماعيا بحيث الحسنة تعم..

لا والله ليس هذا هو الإسلام الذي عرفناه فأحببناه واعتقدناه، ولكننا عرفنا من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن كل واحد من بني آدم سيُسأل أمام الله سبحانه عن عمله، فإذا ترتب على أوامر سادتهم لهم إهدار الدماء التي هي عند الله أعظم حرمة من الكعبة، فإنهم سيتحملون كفلا منها «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره*ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».

وفي يوم الفصل بين الخلائق سيكون المشهد رهيبًا عندما تقف طائفة العبيد لتقرأ كتابها، سيرى كل واحد منهم ذلك اليوم الذي أطاع فيه سادته فارتكب إثما، حتى ولو كان بزعم الدفاع عن الإسلام، فالإسلام لا ندافع عنه بالذنوب والخطايا والتفريق والتحريش بين الناس، سيرى هذا العبد الذي أغلق قلبه وسمعه وبصره وهو في الحياة الدنيا ذنوبا وآثاما لم ترد على باله، حينئذ سيعلم أن السادة أضلوه، وهو استجاب للضلالة، حينما أغلق عقله وسلمه لهم..

هل تعرف يا أخي ما الذي ستقوله لله ساعتئذ؟ فكر وحدك دون أن يهيج ضميرك جماعة، فرب العزة أمرنا أن نفكر فرادى، لأن الركون إلى التفكير الجمعي لن يصل بك إلى الحق، اقرأ وافهم يا من عبَّدت نفسك للناس قول الله سبحانه «إنما أعظكم بواحدة * أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا» الحد الأقصى للإنسان وقت التفكير هو أن نكون مثنى، والحد الطبيعي هو أن نكون فرادى، لأن التفكير الجمعي يورث الضلال، هل فهمت؟ أشك.
الجريدة الرسمية