رئيس التحرير
عصام كامل

أنيس منصور يكتب: نذرت نفسي للورق المطبوع

أنيس منصور
أنيس منصور

في مثل هذا اليوم ومنذ خمس سنوات في 21 أكتوبر 2011 رحل الكاتب الصحفي وأديب الرحلات أنيس منصور، وبعد وفاته بأيام أعادت جريدة الأهرام نشر مقالاته التي نشرها بالجريدة تحت عنوان "مواقف" قال في أحدها:

جئت من المنصورة لأكمل دراستى في الجامعة، وتخرجت وأقمت في القاهرة والجيزة منذ ذلك الوقت.

ويشاء القدر أن أتحرك وأعمل وأعيش في منطقة واحدة وأمشى في شارع واحد، وفي جميع المرات أجدني أمر ذهابا وأيابا بالجامعة
وشعرت بالضيق الشديد من الروتين، فما أطلبه كثيرا جدا والذي أحصل عليه قليلا جدا، فمن رغبتى في أن أعرف ومن عجزى عن أن أعرف تولدت كل مشاعر الكبرياء والتواضع والإحساس بأننى شيء والإحساس الأقوى بأننى لا شيء.

وعندما أحس بأننى شيء فإننى أكتب وأكتب كثيرا.. وعندما أحس بأننى لا شيء فإننى أقرأ وأقرأ كثيرا لعلني أفوز بشيء، أو أجدنى بين الأشياء.
وراح العمر وراء القراءة ووراء الكتابة وسوف تروح كل أعمار الناس بحثا عن الشيء الذي ينفع والذي يرهف الحس ويضيء الطريق أمام المعانى والقيم والمبادئ وأمام كل الناس.
وإذا كان ما يقال عن الأغنياء إنهم ولدوا وفى أفواههم ملاعق من ذهب، فقد ولدت تحتى وفوقى وأمامى أوراق مطبوعة، الورق في عينى والحبر في أنفى والصلوات والدعوات في أذنى، لقد نذرت نفسى لهذا الورق المطبوع..أقرأه وأضيف إليه ورقا آخر، والله وحده هو الذي يعلم ما هى الأوراق التي ستبقى من بعدى.
لكنى أحسست بأننى طالب ولن أتخرج من الجامعة لأن الجامعة التي دخلتها جامعة بلا أبواب ولا برامج ولا امتحانات، ولا أعرف أحدا من أساتذتها ولا من طلبتها.. إنها جامعة واسعة تشمل كل البلاد وكل الكتب وكل أنواع المعرفة، وإننى أحمد الله على أنها كثيرة وفى مقدمتها أنه جعل جوعى وعطشى وأرقى وعذابى وتعاستى كلها فوق كتفى.
فأنا أطلب العلم وفي طلب العلم أضحي، وسوف أضحي بالكثير وفي مقدمتها حياتي. 
الجريدة الرسمية