رئيس التحرير
عصام كامل

محمد فوزى يكتب: كنت في مرضى أذوب كالشمعة

الفنان الراحل محمد
الفنان الراحل محمد فوزى

في جريدة الأهرام عام 1966 وقبل وفاة الفنان محمد فوزى بشهور قليلة كتب فوزى يشرح حالته الصحية فقال:

منذ أكثر من سنة تقريبا وأنا أشكو من آلام حادة في جسمى لا أعرف سببها، بعض الأطباء يقولون روماتيزم، والبعض يقول إنها نتيجة عملية الحالب التي أجريت لى منذ ثلاث سنوات.


كل هذا يحدث والألم يزداد شيئا فشيئا، وبدأ النوم يطير من عينى، واحتار الأطباء في تشخيص هذا المرض، كل هذا وأنا أحاول إخفاء آلامى عن أصدقائى إلى أن استبد بى المرض ولم أستطع القيام من الفراش وبدأ وزنى ينقص بشكل كبير، وانسدت نفسى عن الأكل، وأنا حاسس أنى أذوب كالشمعة.


وهنا ظهر صديقى على إسماعيل في الميدان، ولم يطق صبرا أن يرانى في هذه الحالة بعد أن علم أننى حاولت كل المحاولات لأن أصل إلى الطبيب المداوى في القاهرة ولم أوفق.

بدأت فكرة السفر تختمر في ذهنه فراح يتصل باكيا من شدة تأثره بالأصدقاء يروى لهم مأساتى، وتفضلت السيدة أم كلثوم مشكورة والأخ الأستاذ محمد عبد الوهاب بالاتصال بالدكتور عبد القادر حاتم وشرحا له موقفى.


وسرعان ما استجاب وأمر بسفرى للعلاج، وفى خلال ذلك الوقت ظهرت في الميدان كعادتها الصديقة الزميلة الحنونة تحية كاريوكا التي أخذت على إسماعيل في سيارتها حتى تشترك معه في إجراءات السفر وتذلل الصعاب.


وجاء يوم السفر فسافرت أنا وزوجتى كريمة، وودعنى الأصدقاء والأحباب وأنا في حالة من الإعياء اضطرت المسئولين أن يسمحوا لى بالذهاب إلى الطائرة بالسيارة التي كانت تقلنى.. وفى الطائرة لا أنسى فضل رجال شركة الطيران العربية.. الذين أشعرونى بأن الطائرة كلها في خدمتى، وأحسست فعلا أننى في بيتى وأقاموا لى وجبة طعام تناولتها بشهية.. وكانت المرة الأولى التي أتناول فيها طعاما منذ عشرة أيام.


ووصلت إلى مطار لندن، ولم أجد في انتظارى أحدا، فقد اتضح لى فيما بعد أن رجال سفارتنا انتظرونى في اليوم السابق لوصولى بناء على خبر نشر في إحدى الصحف الصباحية، وفى المطار اتضح أنى لم أحقن ضد الحمى الصفراء، وقابلنا رجال الحجر الصحى في لندن.

انتقلت بعد ذلك إلى مستشفى سانت مارى بعد تطعيمى أنا وزوجتى كريمة، وبدأت التحاليل والأشعات وبدأ العلاج بطرد الكورتيزون من جسمى وبدأت التحسن، لكن احتار الأطباء في التشخيص فقد كان هناك كيس ضخم في المصران الغليظ، وأجريت جراحة لاستئصال هذا الكيس، هنا وجدت نفسى في أشد الشوق إلى بلدى الحبيب وأهلي وأصدقائى..وأنا مدين بصحتى الآن إلى الرئيس جمال عبد الناصر والدكتور عبد القادر حاتم وإلى الأصدقاء الذين وقفوا معى في محنتى.

بعد عودة فوزى بأيام قليلة وافته المنية، وهو لم يكمل عامه السابع والأربعين في 20 أكتوبر 1966.
الجريدة الرسمية