رئيس التحرير
عصام كامل

مصر والهجرة غير الشرعية.. مصائب قوم عند قوم فوائد


هل لدى مصر الإرادة الكافية لمواجهة الهجرة غير الشرعية أم أنها تفضل إبقاء الحال على ما هو عليه حاليا من أجل الحصول على مزيد من الامتيازات والمكاسب من الاتحاد الأوروبي؟.. سؤال يطرح نفسه في ظل تزايد حوادث الهجرة غير الشرعية في الأشهر الستة الأخيرة في مصر، وآخرها كارثة مركب رشيد في محافظة البحيرة.


كلنا نعلم أن بوابات المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي هي إما عن طريق تركيا أو من خلال شمال أفريقيا عن طريق البحر المتوسط مصر وليبيا.

وإذا عدنا بالزمن قليلا إلى الوراء وتحديدا في شهر مارس الماضي، حيث وقع الاتحاد الأوروبي مع تركيا اتفاق المهاجرين، والذي ينص على منح تركيا 6 مليارات يورو وإمكانية دخول المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة وفتح فصول جديدة من مفاوضات انضمام أنقرة للاتحاد في مقابل تحديد أعداد اللاجئين المسموح لهم بدخول دول الاتحاد، وإعادة المهاجرين الذين يصلون إلى البر اليوناني من الآن فصاعدا إلى تركيا إذا لم يتقدموا بطلبات لجوء أو رفضت طلباتهم، بالإضافة إلى أن في مقابل كل لاجئ سوري يتوطن في تركيا سيتم توطين لاجئ في الاتحاد الأوروبي.

ومنذ ما يقرب من أسبوعين، قادة 11 دولة أوروبية في اجتماعهم بفيينا دعوا للتوصل إلى اتفاقيات جديدة مع الدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين وخاصة مع دول شمال أفريقيا، وإغلاق طريق البلقان الغربي أمام الهجرة غير الشرعية للأبد، كما طالبوا بالتوصل مع مصر لاتفاق آخر مماثل للذي تم التوصل إليه العام الجاري مع تركيا، وتم عقد الاجتماع بدون الحضور الفرنسي والإيطالي.

الجدير بالذكر أن هذا الاجتماع عقد في يوم 24 سبتمبر الماضي، والذي سبقه يوم 21 من الشهر نفسه غرق مركب رشيد في البحر المتوسط!

مفوضية الاتحاد الأوروبي قالت للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنهم يرفضون عقد اتفاقية مع مصر أو أي دولة أفريقية أخرى لاستعادة وترحيل اللاجئين ومنعهم على غرار الاتفاقية التي تم توقعيها مع تركيا وقالوا إنهم لن يدفعوا نفس قيمة المبلغ المدفوع لتركيا ولن يعقدوا اتفاقا بنفس الامتيازات لأنهم يرون أن تركيا بتقوم بمجهودات كبيرة في التعامل مع الأزمة لا تقوم بها أي دولة أخرى تصنف على أنها دولة معبر للمهاجرين.

ومن المفترض أن مفوض توسعة الاتحاد الأوروبي في المفوضية الأوروبية يوهانس هان سيقابل الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الأربعاء، وسيعرض اتفاقا أقل من الذي أبرم مع الجانب التركي متمثلا في برامج مشتركة مع مصر لتقليل نسبة البطالة.. يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه ميركل جولة أفريقية مطلع الأسبوع الحالي في مالي والنيجر وإثيوبيا والتي تتمحور حول ملف وقف الهجرة.

وعلى الجانب الآخر، اتفاق مكافحة الهجرة غير الشرعية بين إيطاليا ومصر بدأ يتدهور.. خاصة بعد قرار مجلس الشيوخ الإيطالي بمنع توريد قطع غيار الطائرات "ال إف 16" لمصر على خلفية أزمة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، وزارة الخارجية أصدرت بيانًا هددت فيه بأن هذا القرار سيؤثر على التعاون بين البلدين في مكافحة الهجرة غير الشرعية والأزمة الليبية.. ومن الواضح أن هذا لم يكن تهديدا فحسب.

التعاون بين مصر وإيطاليا في مكافحة الهجرة غير الشرعية متمثل في اتفاق يلزم مصر بمراقبة سواحلها، وخاصة كفر الشيخ والبحيرة التي سبق أن ذكرنا أنها شهدت غرق مركب رشيد منذ أقل من شهر.

لك أن تعرف أن قوات الأمن نجحت في إحباط 11 محاولة للهجرة غير الشرعية في الفترة من يناير الماضي وحتى مايو الماضي.. إذا كان هذا العدد يتم ضبطه فما عدد المحاولات الناجحة ؟!

أعتقد أن الشواهد كلها تصب في كفة أن مصر لا تريد التدخل بكل قوتها لوقف نشاط الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا حتى إشعار آخر، وبالفعل صدق من قال: مصائب قوم عند قوم فوائد.
الجريدة الرسمية