رئيس التحرير
عصام كامل

هل يحقق مدير أمن المنيا في هذه الواقعة؟


من الواضح أن البعض من ضباط الشرطة، يعملون عكس توجيهات مدير أمن المنيا التي نقلتها عنه جريدة اليوم السابع في عدد التاسع والعشرين من أغسطس الماضي، والتي طالب فيها الضباط بالتحلي بالقيم والمثل الانضابطية، وفتح قنوات اتصال مع المواطنين، وسرعة إنجاز عملهم وصولا للتعاون المشترك مع الجهاز لإثراء الرسالة الأمنية. ويبدو أن السيد اللواء مدير الأمن الذي بدأ عمله بجولات ميدانية لا يعرف أن المواطن لا يريد شيئا من بعض الضباط سوى "السلامة والرحمة".


توجيهات اللواء فيصل دويدان، تبدو كالحبر على الورق بالنسبة بعض لضباطه فبعد ثلاثة أيام من كلمته في ختام الدورة التثقيفية الحادية عشرة بمقر إدارة الحماية المدنية بالمنيا الجديدة، أقدم ضابطان بمدينة المنيا الجديدة نفسها على احتجاز مواطن مصاب بمرض السكرفي غرفة مظلمة بمركز شرطة المنيا الجديدة طوال الليل دونما تحرير محضر أو مخالفة.

القصة تبدأ عندما كان أحد المواطنين الذين يعملون في منصب مدير بالجامعة يجدد رخصة السيارة يوم السبت، الأول من أكتوبر، وأعطى بطاقة الرقم القومي لموظف بالمرور، وقال الموظف إن بطاقة الرقم القومي ليست لديه وحدثت مشادة بينه وبين أحد الضباط بإدارة المرور، واتضح أن بطاقة الرقم القومي موجودة لدى موظف آخر، وانتهى الأمر بأن حصل المواطن على بطاقة الرقم القومي وعلى تصريح مؤقت لقيادة السيارة لحين صدور رخصة القيادة.

وظن المواطن أن الأمر انتهى عند هذا الحد، فالأمر بينه وبين الضابط لم يتطور لمشاجرة وإلا لكان الضابط ومن حوله من الموظفين حرروا له محضرًا، ولكن في المساء حدث ما لم يكن يتوقعه. كان المواطن في عجلة من أمره ونسى أن يأخذ معه رخصة القيادة، واستوقفه كمين في مدينة المنيا الجديدة، فأظهر لهم تصريح القيادة وبطاقة الرقم القومي، وظن المواطن أنه سيتم تحرير مخالفة له، أو سيتم سحب السيارة، أو سيتم تحرير محضر له، لكن ما حدث كان شيئًا آخر.

فبعد أن تم تفتيش السيارة تفتيشًا دقيقًا، تم اقتياده إلى مركز شرطة المنيا الجديدة، حيث تعرفوا على شخصيته وتحفظوا عليه في غرفة مظلمة بعد أن أخذوا منه ما معه من موبايلات. طلب منهم تحرير محضر له وتركه أو أن يدعوه يتصل بمن يأتي لهم برخصة القيادة، فلم يردوا عليه، ولأن المواطن مريض بمرض السكر فاحتاج لدخول دورة المياه فظل يدق على الباب ولم يفتح له أحد، ويمكن لمدير أمن المنيا إذا استدعى المواطن أن يحكي له كيف قضى حاجته.

وفي الفجر أعاد طرق الباب حتى فتحوا له، واقتادوه لغرفة الضباط، فقال لهم إنه يريد أن يعرف لماذا يحتجزونه، وكان موجودًا بها ضابطان، فقالوا له إنهم يعرفون شخصيته وإنه من أسرة معروفة، وعليه أن يهدأ، فسألهم لماذا يحتجزونه فقالوا له: "أنت لسه ماعرفتش؟ وإحنا موش حاطينك في الحجز، الحجز أنت لا تستطيع تحمله"، وأعادوه للغرفة بعد أن سمحوا لهم بالوضوء للصلاة.

ظل الموطن حبيس الغرفة حتى العاشرة صباحًا.

وعلى الجانب الآخر كانت أسرة المواطن تبحث عنه فهو لم يتعود التأخير عن المنزل، وظلوا يبحثون عنه في المستشفيات، وفتشوا عنه في مركز وبندر المنيا، فالمواطن يقطن في مدينة المنيا، وظنت زوجته أن زوجها إما قد أصيب بنوبة سكر فقد على إثرها الوعي، أو تم اختطافه، وأن الخاطفين سيطلبون فدية، وخاصة أن الخاطفين قد أغلقوا موبايلات زوجها في الساعة الثالثة فجرًا.

في العاشرة صباحًا تم الاتصال بضباط جليل لا نستطيع أن نوفي له حقه من الشكر على ما كان يبذله دائما في سبيل راحة المواطنين، وضباط آخرين وطلبوا من زوجته إرسال ابنه ومعه بثلاث صورة شخصية للبحث عنه. وفي الساعة الحادية عشرة صباحًا أطلق الضابطان سراحه بعد أن قالا: "كده تمام إحنا أخدنا حقنا". عاد المواطن إلى بيته وللسيد اللواء فيصل دويدان مدير أمن المنيا أن يتخيل حالته، وحالة أسرته.

قد يكون اللواء فيصل دويدان مهمومًا بقضايا أمنية أكبر وأجل، ولكن من منطلق نشر الثقافة الأمنية وثقافة التعامل مع المواطنين، أطلب من اللواء فيصل دويدان أن يفتح تحقيقًا فيما جرى، وأن يسأل عن المواطن الذي تم احتجازه دونما تحرير محضر أو مخالفة مساء يوم السبت الأول من أكتوبر وحتى صباح يوم الأحد في مركز شرطة المنيا الجديدة، ولماذا تم احتجازه.

فإذا كان الأمر يتعلق بنسيان المواطن لرخصة قيادته، ألم يكن من المفروض أن يتم تحرير مخالفة أو محضر له والإفراج عنه بضمان عمله أو محل إقامته؟ وإذا كان الأمر يقتضى احتجازه، ألم يكن من الرحمة، فقط الرحمة، أن يسمحوا له بالاتصال بأسرته لإخبارهم بأنه محتجز في مركز الشرطة؟ وأنه إذا كان بعض الضباط يتعاملون مع شخصيات معروفة بهذه الطريقة، فكيف حال المواطن بسيط الحال؟

الجريدة الرسمية