رئيس التحرير
عصام كامل

أقدم حزبي صعيدي: أحمد عز أطاح بي لأنني حصلت على مليون عضوية لـ«الوطني»

فيتو

  • المحليات هي الحل للقضاء على الفساد
  •  الاتحاد الاشتراكي ساهم باشتراك الشباب في العمل السياسي 
  •  خلط العمل السياسي بالعمل التنفيذي قضى على الإرهاب في الصعيد
  •  أحمد عز ساهم في القضاء على شعبية الحزب الوطني قبل الثورة
  •  جمال مبارك أطاح بـ 15 شخصية قيادية في الحزب الوطني
  • محمد عبد المحسن صالح: شعبية السيسي الكبيرة يجب أن يكون لها ظهير سياسي
  • مبارك رفض إقالتى وطالب بالاستفادة من خبرتى
محمد عبد المحسن صالح، أمين المجالس الشعبية سابقا، أقدم حزبي صعيدي على مستوى الجمهورية، أحد أعمدة الأحزاب السياسية في مصر عاصر 5 رؤساء وكان شاهدا على أحداث كثيرة، لم يعرفها الجيل الحالي، استطاع بحنكته السياسية أن يشكل ملامح العمل الحزبي في محافظات الصعيد وبابه مفتوح أمام أي شكوي من مواطن مهما كان توجهه الحزبي أو العقائدي، أطلق عليه في الحزب الوطني الشيخ محمد عبد المحسن لأنه يتميز بشخصية شيخ العرب في كرمه وقدرته على حل المشكلات بسلاسة.


وفى حوار لـ "فيتو" قال إن الرئيس السيسي لازالت لديه شعبية كبيرة بسبب المواقف التي اتخذها لحماية البلاد من خطر الإخوان، وأضاف أن هذه الشعبية لابد أن يكون لها إطار قانوني يحميها، وهو إقامة حزب مثلما فعل قبله عبد الناصر والسادات ومبارك.

وأوضح صالح أن فكرة إنشاء حزب سياسي ليس المقصود بها الهيمنة ولكن المقصود بها إطار شرعي ينضم إليه كل مؤيدي الرئيس بشكل منظم في كل أنحاء الجمهورية.
وإلى التفاصيل:

*هناك كواليس كثيرة للحزب الوطني أنت شاهد عيان عليها لا يعرفها الكثيرون.. حدثنا عنها؟
منذ 2002-2006 عندما بدأ يظهر جمال مبارك في المشهد وتم تعيينه أمينا مساعدا للحزب الوطنى، بدأت ملامح جديدة للحزب وأعلنوا عن فكر جديد وبدأ الإطاحة بالرموز القديمة، فتم التخلص من يوسف والي وكمال الشاذلي اللذين أسماهما الشارع وقتها الحرس القديم ودخل أحمد عز المعادلة السياسية وهو أول شخص اصطدمت معه سياسيا وحزبيا وكان سببا في انهيار الحزب الوطني في الشارع.

*كيف بدأ الصدام بينك وبين أحمد عز؟
تم تعيين أحمد عز أمينا للعضوية على مستوى الجمهورية، وتم اختياري أمينا مساعدا معه وطلب أن نزيد من العضوية في الشارع، واختار هو الوجه البحري والدلتا وهم يمثلون ثلثي الكتلة الحزبية في مصر، وطلب مني أن أتولي الصعيد، وهو الثلث فقط.. وعندما جاء المؤتمر السنوي العام وبدأت المناقشات عن حجم إنجازات كل منا فوجئ أنني حصلت على مليون عضوية منهم 200 ألف في أسيوط وحدها، أما هو فكان المفروض المستهدف منه 3 ملايين لم يأت منهم سوى800 ألف فقط وظل أعضاء المؤتمر يصفقون لي نحو ربع ساعة ومن وقتها بدأ التربص بي.

بعدها بدأ أحمد عز يقنع جمال مبارك بالتغيير وأهم ملامحه الإطاحة بالقيادات القديمة وبالفعل تمت الإطاحة بـ 15 أمينا للحزب وقتها حاول الإطاحة بي لكن الرئيس مبارك رفض، وقال له عبدالمحسن سياسي قوي يجب الاستفادة من خبرته سياسيا.

فقام عز بالإطاحة بي من وجهة نظره، بفقداني للمنصب الذي بقيت فيه 30 عاما كرئيس للمجلس المحلي وأمين عام للحرب الوطني بأسيوط، بدعوي ترقيتي إلى رئيس عام للمجالس الشعبية المحلية على مستوى الجمهورية، ولم يكتف بذلك بل أعطاني مكتبا في نفس الدور الذي به مكتبه حتى يراقب تحركاتي واستمر هذا الموقف حتى 2010.

*كيف كانت الحياة السياسية عقب ثورة 23 يوليو 1952، وكيف بدأت العمل الحزبي؟
عبد الناصر بعد ثورة 23 يوليو بدأ العمل في كل المجالات، تحقيق العدالة الاجتماعية توزيع الأراضي على الفقراء إقامة مصانع ومشروعات كبري للاستغناء عن الخارج الذي لديه فكرة استعمارية للدول الأفريقية.
ثم بدأ بتكوين الاتحاد الاشتراكي كإطار لمشاركة الشباب في الحياة السياسية وفتح مجال للقوى الفاعلة، بأن تخدم من خلال الاتحاد الاشتراكي وكانت تجربة ثرية جدا فتحت مجالا للشباب للمشاركة الفعالة في حركة التنمية والتطوير التي قادها عبد الناصر في ذلك الوقت.
أما أنا فقد اشتركت في العمل السياسي عام 68 فقد انتخبت أمينا لقرية درنكة في أول انتخابات محلية عقب نكسة 67، وكنت في نفس الوقت أعمل مفتشا للتحقيقات في مديرية القوى العاملة وقمت مع زملائي ببناء مقر للاتحاد الاشتراكي في درنكة بالجهود الذاتية فأعجب بالفكرة اللواء ممدوح سالم الذي كان محافظا لأسيوط وقتها، واستدعاني لمكتبه وقال لي أنا معجب بتجربتك جدا وأريد تعميمها بشرط أن تشرك العمل السياسي بالعمل التنفيذي، وقام بانتدابي من عملي بالقوى العاملة رئيسا لمركز ومدينة درنكة، وبصراحة خفت أن أخسر عملي الحكومي وصارحته بالأمر، ولكنه طمأنني وقال لي: "سوف أنتدبك لمدة عام ولو فشلت الفكرة تعود لعملك الأساسي"، فوافقت ومن هنا كانت البداية.

*ما معنى إشراك العمل السياسي بالتنفيذي.. وضح لنا الفكرة؟
العمل التنفيذي ينصب على تنفيذ القانون بحذافيره دون عمل حساب للتقاليد والأعراف والظروف المحيطة، أما العمل السياسي فهو تنفيذ القانون ولكن بسياسة عدم خسارة المحيطين بك، وهذا ما اتبعته مع أهلي في أسيوط على مدى 40 عاما كنت أنزل الشوارع والمزارع للناس البسطاء وأحاول حل مشكلاتهم وأتوسط بينهم وبين المسئولين للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف.

وكان العمل في الاتحاد الاشتراكي تجربة ثرية للشباب وعام 70 فوجئنا بوفاة عبد الناصر لأننا كنا شبابا ومتشبعين بالفكر الناصري وعبد الناصر كان الزعيم والرمز الذي التففنا حوله دون تفكير.
بعدها تم حل الحزب وكانت هناك محاربات كثيرة للاتحاد الاشتراكي حتى قام السادات عام 78 بتكوين حزب مصر، وأيضا قمت بالانضمام إليه وبعدها الحزب الوطني، وكان دوري تشكيل الحزب في أسيوط وفي عام 80 تم اختيارى أمين تنظيم الحزب الوطني ودخلت انتخابات المجالس المحلية، وانتخبت عضو مجلس محلي محافظة، وعام 82 انتخبت رئيس مجلس محلي محافظة أسيوط، وفي عام 87 صدر قرار بتعييني أمينا عاما للحزب الوطني بأسيوط، وظللت منذ ذلك التاريخ أمينا عاما للحزب الوطني بأسيوط ورئيسا للمجلس المحلي حتى 2006.

*هناك معارك سياسية كثيرة خضتها في أسيوط أهمها محاربة إرهاب الجماعات الإسلامية.. حدثنا عن هذا الدور؟
في أواخر الثمانينيات بدأت الجماعات الإسلامية في الظهور علانية في الشوارع خصوصا في الصعيد، وبدأ معها تصاعد العنف والقتل وكان فكرهم مبنيا على معاداة الدولة والشرطة، وكان دورونا كحزب وطني ومجالس شعبية مساندة الشرطة في القضاء على هذا الإرهاب.. كان وقتها اللواء سميح السعيد محافظا لأسيوط واللواء حسن الألفي وزيرا للداخلية، وقد اقترحت عليهم عمل مصالحات مع من لم تلوث أيديهم بالدماء وكان وقتها قد عاد الكثير من "عتاولة الإرهاب" من أفغانستان ونص الاتفاق على أننا كمجالس شعبية نقوم بتسليم الشخص لأمن الدولة يقومون باستجوابه والحصول منه على المعلومات وبعد التحري عنه يوقع على المصالحة وينخرط في الحياة دون المساس به وكان يتم إبلاغ الرئاسة يوميا بما يحدث في أسيوط وبالفعل قمنا بتسليم 371 شخضا من أخطر الإرهابيين القادمين من أفغانستان والمتشددين فكريا.

حتى أشيع وقتها أن اللواء سميح السعيد محافظ أسيوط سوف يتم تصعيده كوزير للداخلية مكان حسن الألفي بسبب النجاحات التي حققناها في أسيوط في محاربة الإرهاب، هنا بدأت الحرب معنا ومع وزير الداخلية وكانت أسيوط وقتها لم تشهد أي حادث إرهابي منذ 73 حتى 93، وكان أول حادث وقع بسبب أنني ذهبت بمفردي إلى قرية شطب ودخلت في زراعات الذرة الشامية أحضرت 3 من العناصر الإرهابية القادمة، وقتها، وكان الاتفاق مع الشرطة ما زال قائما بأن يتم استجوابهم وأخذ المعلومات منهم وتركهم وحدث هذا بالفعل، وفي اليوم الثاني للإفراج عنهم قامت الشرطة بمهاجمتهم بقتل أحدهم ويدعي عبد الكريم وكان قادما من اليمن، وهنا حدثت الردة بعد تعمد الداخلية نقض الاتفاق، وأصبحت أسيوط من أكبر البؤر الإرهابية الملتهبة في مصر عقب هذا الحادث الذي أدي إلى تجمع معظم العناصر الإرهابية من المحافظات المجاورة للانتقام للإرهابي الذي قتل فتركت الأمر للشرطة التي حاولت بأسلوبها القبض عليهم وشهدت أسيوط أعنف الحوادث الإرهابية في تاريخها حتى جاء اللواء سامي خضير عقب وفاة اللواء سميح السعيد محافظا لأسيوط وجاء لي مكتبي، وقال "لابد أن نوقف هذه المهزلة"، فشرحت له ما حدث من الداخلية وجددنا الاتفاق مرة أخرى بعد أكثر من عام على الحادثة، وبدأت المشاورات مع قيادات الجماعات الإسلامية، في البداية كان العداء منهم واضحا نحوي شخصيا لأنني لم ألتزم بالعهد الذي أعطيته لزملائهم الذين وقعت معهم الحادثة ولكن سرعان ما تغير هذا العداء وبدأت القيادات تستجيب وأول استجابة كانت من مركزهم في جامع الرحمة عندما خرجوا معي وسط المساكن والشرطة تحاصرهم دون المساس بأحدهم وهو ما أعطي الأمان للآخرين الذين كانوا يختبئون داخل الزراعات وفي المراكز المتطرفة وتم إغلاق صفحة الجماعات الإسلامية في أسيوط حتى ثورة 25 يناير وخروج الإخوان من جحورهم.

*كيف ترى الحياة السياسية في مصر الآن؟
الرئيس السيسي لديه كاريزما الزعامة التي كانت عند جمال عبد الناصر التي جمعت حوله المواطن المصري البسيط، عقب مواقفه الحازمة من حكم الإخوان ومن سيطرة الخارج على قرارنا السياسي ولكن هذا غير كاف لأن كل رئيس لابد أن يكون لديه ظهير شعبي يحميه فهو قيمة كبيرة لمصر، ويقوم بتعيين مستشارين علماء ولكن هذا غير كاف، لابد من وجود حزب يصل إلى القاعدة الكبيرة من الشباب في جميع قرى ونجوع ومحافظات الجمهورية يتبني فيه مجموعة من المبادئ التي خرجت من أجلها الجماهير عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ويتم تعيين قيادات من النماذج الشبابية التي كان لها دور في الثورتين ويتم من خلالهم النزول والتفاعل مع الشارع هذه القاعدة هي التي تقوم بتوصيل أفكار الحكومة للفئات البسيطة وتحصل منها على اقتراحات التغيير ومطالب الفقراء والبسطاء، خصوصا في ظل الحرب الشرسة التي يشنها الإعلام الإخواني المعادي للسيسي، وكل ما يفعله مما يؤدى إلى عدم ظهور حجم الإنجازات التي يقوم بها في مجال التنمية في ظل الإشاعات المشككة، والسيسي خلال عامين أنشأ مشاريع قومية عملاقة مثل قناة السويس الثانية والمشروعات المقامة على جانبيها، واستصلاح الأراضي الصحراوية ولكن كل هذا بدون ظهير سياسي يجعله يعمل في واد والشعب في واد آخر.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لــ "فيتو"
الجريدة الرسمية