رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فقه الأساطير !


تتهيأ وتتعطر وتستحم استعدادا للنزول لصلاة الجمعة، وتستعد بكل جوارحك لسماع الخطبة آملا أن تستفيد منها في هذا الورد الأسبوعى الروحانى الذي يجدد فيك ثقتك في ربك ويقينك في رحمته وغفرانه، ويشحن بطاريتك الإيمانية حتى الأسبوع الذي يليه لكي تستفيد ولو بكلمة يمكن أن تغير مجرى حياتك للأفضل، وتجعلك تتخلى عن أمور ذميمة في حياتك.


تصلى تحية المسجد وتجلس في طمأنينة وأمان تستمع لاستهلال الخطبة والحمد والثناء، ويدخل الخطيب إلى صلب الموضوع، وصلب موضوع الخطبة كان عن سوء الخاتمة أو حسنها، والتي نتمنى جميعا من الله عز وجل أن يرزقنا حسنها.

ولكي يدعم خطيب الجمعة كلامه بدلا من أن يشجع الناس على الأمل في رحمة الله ورجاء غفرانه والطمع في لقائه بحبه لا بالخوف والتهويل، ينسج لنا قصصا وأساطير عن أهوال سوء الخاتمة.

فتلك قصة الشاب الذي كان يتهيأ لمشاهدة فيلم إباحى ودخل غرفته وأغلق الباب وأدار الفيلم وخلع ملابسه وتهيأ لممارسة العادة القبيحة، وفجأة صرخ ونادي على أمه التي اقتحمت الباب عليه ووجدته عاريا متوفيا والفيلم ما زال يعمل فسترته بملاءة السرير، ونادت الجيران وأخبرتهم بما فعل ابنها وأن هذا من عقاب الله له.

أدار الشيخ عقول الناس وهو لا يدري للتقليد وليس للمنع أو التخويف فمن كل 10 سيمتنعون ويخافون سيدفع كلام الشيخ واحدا على الأقل للتجربة، لأنه أدار لنا تفاصيل الفيلم الإباحى في الخطبة بقصص من نسج خياله.

هل يعقل أن تقول أم على ابنها إننى وجدته متوفيا عاريا يشاهد فيلم إباحى؟، وهل تشمت أم في موت ابنها مهما أخطأ؟، ومن أين عرفت أيها الشيخ بتلك القصة ومن رواها لك أم أنك دائم الجلوس أيضا على النت ومتابعة أساطيره؟

قصة أخرى حكاها لنا وهو يستغل أن العامة من البسطاء سيصدقون ما سيقول ويمصمصون شفاهم من روعة أساطيره، عن فتاة كانت ترتدى الجينز الذي يطلقون عليه “سكينى” بلفظ الشيخ ونطقه، وترتدى “البدى” الضيق الذي يكشف عن مفاتنها، ولم ينس أن "البدى" كان شفافا أيضا وشعرها مسدلا على كتفيها وتمشي في دلال تغمز بعينها تريد إيقاع الشباب في سهامها المسمومة.

وفجأة! حضرتها الوفاة وهى في الشارع وحملوها إلى بيتها، وبدأت المغسلة في إجراءت الغسل للفتاة، وماذا رأت المغسلة يالهول ما رأت، يالهول ما رأت، يالهول ما رأت، كررها الشيخ ثلاث مرات وهو يصرخ.

عارفين حصل إيه.. قالها بالعامية.. واستمر ونحن نتخيل تلك الفاتنة الأسطورية وهى ممدة على طاولة الغسل، ويكمل الحكاية:

جاءت المغسلة تخلع بنطلون الفتاة وتقسم بالله أن لحم أفخاذ الفتاة خلع مع البنطلون، وتقسم أيضا أن وجهها كان أسود كئيبا موحشا، وتزيد القسم أن شعرها كان يسقط على الأرض عندما تضع الماء فوق رأسها، وسألت أم الفتاة ماذا كانت تفعل ابنتك كى يحدث هذا فردت الأم المكلومة بكل بساطة ”بنتى كانت مصاحبة أصدقاء سوء وماشية في سكة وحشة”.

يروى الإمام الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ)، وسنفترض صدق حديثك أيها الشيخ..

لو كانت روايتك صحيحة فأنت جعلتنا نتخيل جسدا وهميا لفتاة جميلة حدث لها هذا وتخلع بنطلونها وتتعرى لأنك قبل هذا شحنتنا بأساطير عن بنطلونها الضيق والبدي الشفاف المكتنز.

ولو كانت أساطيرك صحيحة فمن باب الأمانة أن تعلم الناس أن غسل الميت أمانة وأنه مهما رأى المغسل من علامات أو أشياء عن الميت ألا يبوح بها مطلقا حتى لأقرب الناس إليه.

وكيف تسمح لنفسك أن تستمع لرواية مغسلة عن عورة فتاة، حسب قولك إن السيدة هي من روت لك، كيف تسمح لنفسك أن تنصت لهذا وتتحدث به ؟

الخوف من الله ومراقبته أمر حميد وواجب على كل إنسان ولكن بدلا من هذا شجع الناس أكثر على حب الله فبحب الله تأتى المخافة وتأتى الطاعة ويأتي الالتزام الأخلاقى، وما كان للإسلام أبدا أن يكون دين أفخاذ عارية “مخلوعة”، وشعر محروق ووجه ميت كئيب، فأنت نفسك لا تعلم مصيرك وأمرك موكول إلى الله عز وجل، طمعا في رحمته وغفرانه وعفوه.

ببساطة.. العقول استنارت والمدارك تفتحت والعلم واضح.. أما أساطير مصمصة الشفاه والصعبنة وأجواء الرعب التعذيبي، فهذا في طريقه إلى الزوال بإذن الله، لأن هناك يقينا بشيء واحد فقط.
أن رحمته وعفوه تفوق كل التصورات..
(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، صدق الله العظيم.


Advertisements
الجريدة الرسمية