رئيس التحرير
عصام كامل

أطفال بلا مدارس.. الحياة أكبر مدرسة «تقرير مصور»

فيتو

يُحكى أن أطفالًا في عمر الزهور يعيشون على أرض المحروسة تمامًا كالكبار، لا يعرفون مرحلة تُدعى الطفولة، ولا ترى عيونهم منذ نعومة أظافرهم سوى مشقة العمل.. لا يرتادون المدارس ولا يعلمون عن العلوم شيئًا ولا يتعلمون عن اللغات والمحفوظات والدراسات حرفًا.. لأن الحياة هي المدرسة الوحيدة التي يتلقون منها تعليمًا.. ولغة المال هي اللغة الوحيدة التي يتعلمونها تحت سماء هذه المدرسة، أما الدرس الأول والأخير الذي يحفظونه عن ظهر قلب فهو " اللى معاه قرش يساوى قرش".




يتابع هؤلاء الأطفال كل صباح من هم في مثل عمرهم أثناء ذهابهم وإيابهم بزي المدرسة.. يراقبونهم في صمت وهم يضحكون وينطلقون إلى فصولهم حاملين فوق ظهورهم حقائب أشكال وألوان، فيرثى هؤلاء الصغار الكبار لسوء أحوالهم وظروفهم التي حرمتهم من السير على درب أقرانهم في تلقي قدر من التعليم بين جدران مدرسة، وفى ارتداء ثياب نظيفة لا تعكرها شحوم وأتربة العمل، وفى الحصول على أدوات مدرسية ملونة وجديدة.



لا يعلمون عن الكتب شيئًا سوى أنها مادة جيدة لصنع "قراطيس" ملونة "لزوم الشغل"، أو أنها هدية يمنحهم إياها "ولاد الحلال" مع "علبة ألوان" لتسليتهم ولمحاولة إعادتهم إلى عالم الطفولة البعيد عنهم، كما أن أوراق الكتب في نظرهم "مفرش" ممتاز لتناول الطعام وأحيانًا مروحة لقتل الحر، لكن لا علم لهم بمحتواها ولا يلقون بالًا لأسماء الزعماء في كتب التاريخ وماهية الذرة ولا أهمية لعدد الكواكب في مجرتنا لديهم.



لا يعلم هؤلاء الأطفال مدى صعوبة "الواجب" الذي يُعانى منه طلاب المدارس والذي قد يواجهون بسببه عقابا لفظيا أو ضربا  بالعصى في أسوأ الظروف، لكنهم يعلمون تمامًا أن "غلطة" واحدة في العمل أو لحظة تقصير كافية لأن تقلب حياتهم رأسًا على عقب وتنتهى بـ"قطع رزقهم"، أو أن يقتصر العقاب - إن حالفهم الحظ- على " علقة سخنة" من صاحب العمل.



يواصلون الليل بالنهار تحت مسمى العمل، فلا "بريك" لدى هؤلاء الأطفال ولا فسحة يهنأون خلالها براحة أو بلعب الكرة مع الأصدقاء أو بالتحدث مع أقرانهم حول حلقة الكارتون الأخيرة أو عن فريقهم المفضل، وتستمر حياتهم على هذا النحو في عالمهم الموازى، فيأتى العام الدراسى ويمر دون أن يأبه هؤلاء بأن ثمة تغييرا حدث في الكون، عالمهم لم يتأثر وعملهم لم يتوقف وفقدانهم التدريجي لطفولتهم وبراءتهم مع زيادة قسوة الحياة ودروسها مستمر بسرعة تُنبئ بأن ثمة أطفالا نضجوا في الشوارع والطرقات قبل الأوان بأوان.



الجريدة الرسمية