رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أمريكا تقصف السعودية بـ«جاستا».. الأزمة بدأت بـ28 صفحة سرية في تحقيقات 11 سبتمبر.. زعم تورط 3 أمراء وضباط مخابرات في الهجوم..«الشيوخ» يقر القانون لنهب أموال الرياض.. والمملكة تستعد

العاهل السعودي، الملك
العاهل السعودي، الملك سلمان والرئيس الأمريكى باراك أوباما

وضع مجلس الشيوخ الأمريكي، نهاية موجعة للعلاقات الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، بعد التصويت بأغلبية ساحقة ضد فيتو الرئيس باراك أوباما لما يسمى بقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب المعروف بـ«جاستا» والذي جاء سريعًا وحاسمًا، ليشكل بهذا سابقة وتحديًا للبيت الأبيض، وليكون أول «فيتو»، يتم نقضه بعد تمكن المجلسين من الحصول على أغلبية ثلثي الأصوات المطلوبة لجعل القرار نافذًا.


وقد قرر مجلس الشيوخ التصويت عليه بعد أقل من ساعتين على تقديمه، وقال السيناتور تشاك شومر وهو سيناتور من ولاية نيويورك وأحد مقدمي مشروع القرار: إن القرار «قريب إلى قلبي وربما يحقق بعضًا من العدالة لضحايا اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر».

ومرر القرار بتصويت 97 من الأعضاء مقابل صوت واحد للسيناتور هاري ريد الذي سيترك الكونجرس قريبًا.

وتبع الشيوخ مجلس النواب الذي صوت أيضًا بأغلبية ساحقة 348 مقابل 77.

رد البيت الأبيض
وسارع البيت الأبيض إلى وصف قرار الكونجرس بالمخجل بعد أن كان قد أسهب في شرح مخاطر تمريره على الأمن الوطني الأمريكى وإمكان تعرض دبلوماسيين وجنود أمريكيين لملاحقات قضائية عبر دول العالم، وبهذا يتم نزع الحصانة الدبلوماسية عن الدول ومقاضاتها في المحاكم الأمريكية على عكس قرار مرر عام 1976، يعطي الحصانة الدبلوماسية للدول ذات السيادة.

ويرى كثيرون أن الكونجرس لا يستطيع أن يقف ضد عائلات ضحايا الحادي عشر من سبتمبر وخصوصًا في عام انتخابي.

تعليق «أوباما»
وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تصويت مجلس الشيوخ والكونجرس بإسقاط «الفيتو» الذي استخدمه ضد تشريع يسمح لأقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة الحكومة السعودية بـ«الخطأ والسابقة الخطيرة».

وقال «أوباما» خلال مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية، في أول تعليق على تمرير القانون، وفي إشارة إلى الدعاوى القضائية المحتملة: «إذا ألغينا فكرة الحصانة السيادية هذه فإن رجالنا ونساءنا من العسكريين حول العالم قد يرون أنفسهم عرضة لخسائر متبادلة».

5 معلومات عن «جاستا»

الوصول إلى انفجار الأزمة لم يكن وليد الأمس كما يعتقد البعض، لكن الإرهاصات الأولى بدأت مبكرًا منذ العام الماضي، وهنا ترصد «فيتو» أبرز 5 معلومات توضيحية عن تاريخ قانون «جاستا».

1. في سبتمبر 2015، قدم السيناتور جون كورنين والسيناتور تشاك شومر قانون مكافحة الإرهاب «11 سبتمبر»، أمام مجلس الشيوخ الأمريكي.

2. ينص مشروع قانون 11 سبتمبر على منع الحكومات الأجنبية من التذرع بالحصانة السيادية الخارجية في المحكمة الاتحادية في الحالات التي يزعم أنهم ارتكبوا أو ساعدوا الآخرين في ارتكاب هجمات إرهابية في أراضي الولايات المتحدة.

3. في حال إقراره وتوقيعه ليصبح قانونًا، فإنه سيسمح لمواطني الولايات المتحدة، بما في ذلك أسر ضحايا 11 سبتمبر، بمقاضاة الحكومات الأجنبية في المحاكم الاتحادية.

4. مشروع قانون يحظى بدعم أعضاء مجلس الشيوخ وروبيو، وفرانكن، ولي، فينشتاين، وجراهام، وهاتش، وجراسلي، ولكن تعارضه الإدارة والحكومة السعودية.

5. هددت السعودية بشن هجمات انتقامية اقتصاديًا وبيع سندات خزانة وأصول أخرى بالولايات المتحدة قيمتها 750 مليار دولار، وهذا يمكن أن يكون له تأثير سلبي في استقرار البلدين والاقتصاد العالمي.

تحذير المخابرات
وفي سياق المخاوف من مغبة العواقب حذر جون برينان مدير المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.أيه)، الأربعاء، أن تشريعًا يسمح برفع دعاوى ضد الحكومة السعودية بشأن هجمات 11 سبتمبر سيكون له «تداعيات خطيرة» على الأمن القومي الأمريكي.

جاءت تصريحات "برينان" التي أدلى بها في بيان رسمي قبل تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على إلغاء «فيتو»، الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما ضد مشروع القانون.

وقال برينان: «النتيجة الأشد ضررًا ستقع على عاتق مسئولي الحكومة الأمريكية الذين يؤدون واجبهم في الخارج نيابة عن بلدنا، مبدأ الحصانة السياسية يحمي المسئولين الأمريكيين كل يوم، وهو متأصل في المعاملة بالمثل».

وأضاف قائلًا: «إذا لم نلتزم بهذا المعيار مع دول أخرى فإننا نضع مسئولي بلدنا في خطر».

أزمة الـ28 صفحة
ابتزاز أمريكا للمملكة العربية السعودية تحت زعم تورطها في أحداث سبتمبر، بدأ مع التلويح بنشر 28 صفحة ضمن التحقيقات تحتوي على معلومات تؤكد تواصل أمراء بالعائلة المالكة مع منفذي الهجوم ودعمهم ماليًا.

وفى يوليو الماضي، قالت لجنتا الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب في 28 صفحة من هذا التقرير رفعت عنها السرية: إن وكالات الاستخبارات الأميركية لم تتمكن من «أن تثبت بشكل نهائي»، وجود صلات بين السلطات السعودية ومنفذي تلك الهجمات.

ورحبت السعودية بالكشف عن الصفحات السرية من التقرير الرسمي، وعبرت عن أملها في أن يبدد ذلك «أي شكوك حول تصرفاتها أو نواياها أو صداقتها طويلة الأجل مع الولايات المتحدة».

محتوى الصفحات
وقد تبين لاحقا أن هناك 29 صفحة، وليس 28، مرقمة من 415 إلى 443 في التحقيق الذي أجراه الكونجرس حول هجمات 11 سبتمبر، كما أنه مع الحذف الذي تم في الصفحات، والذي يشمل في بعض الأحيان كلمات، وغالبًا أسطرًا بأكملها، يصل عدد الصفحات إلى ما يعادل ثلاث صفحات بالإجمالي.

الصفحة 415: «في أثناء وجودهم في الولايات المتحدة، كان بعض مختطفي الطائرات في 11 سبتمبر على اتصال بأفراد قد يكونون مرتبطين بالحكومة السعودية ويتلقون الدعم والمساعدة منها، وزعم البعض أن اثنين على الأقل من هؤلاء الأفراد هما ضابطان في الاستخبارات السعودية».

الصفحة 417: أحد الأفراد الذين تم التعرف إليهم في الصفحات على أنهم قدموا الدعم المالي لاثنين من الخاطفين في هجمات11 سبتمبر، هو أسامة بأسنان، تلقى في وقت لاحق «مبلغًا كبيرًا من المال» من «عضو في العائلة المالكة السعودية» خلال رحلة قام بها في عام 2002 إلى هيوستن.

الصفحة 418: «يشكل سعودي آخر تربطه علاقات وثيقة مع العائلة المالكة السعودية، [محذوف]، موضع تحقيقات من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكى في قضايا مكافحة الإرهاب».

الصفحتان 418 و419: كان من ضمن جهات الاتصال على هاتف زعيم تنظيم «القاعدة» المحتجز أبو زبيدة الرقم غير المدرج للشركة الأمنية المسئولة عن مقر إقامة السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الأمير بندر بن سلطان في ولاية كولورادو.

الصفحة 421: [يشير] [محذوف]، بتاريخ 2 يوليو 2002 إلى «أدلة دامغة بأن هناك دعمًا لهؤلاء الإرهابيين داخل الحكومة السعودية».

الصفحة 426: كانت زوجة باسنان تتلقى المال «من الأميرة هيفاء بنت سلطان»، زوجة السفير السعودي. (اسمها الحقيقي في الواقع الأميرة هيفاء بنت فيصل).

الصفحة 436: شهد المستشار القانوني العام في وزارة الخزانة الأمريكية ديفيد أوفهاوسر بأن «مكاتب [المؤسسة الخيرية السعودية] «الحرمين» على اتصال كبير بالمتطرفين، المتطرفين الإسلاميين». كما شهد مسئولون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بأنهم «كانوا يحرزون تقدمًا في تحقيقاتهم حول مؤسسة «الحرمين»، وأن رئيس المكتب المركزي متواطئ في دعم الإرهاب، مما أثار أيضًا أسئلة حول وزير الداخلية السعودي الأمير نايف».

قيمة التعويضات
العودة بالأزمة إلى نقطة الصفر من خلال القانون الذي تم إعداده خصيصى لدفع الرياض إلى نفق مظلم، قد يكلفها مبالغ مالية طائلة تنهي مستقبلها الاقتصادي أو على الأقل تسمح لواشنطن بمصادرة جميع الأموال السعودية الموجودة لديها، خاصة أن تقديرات أولية تقول إن التعويضات لعائلات ضحايا 11 سبتمبر قد تصل قيمتها إلى 3.3 تريليونات دولار، بمعنى آخر أنها لن تتوقف عند تعويض أسر الضحايا، وإنما قد تصل لخسائر افتراضية مادية ومعنوية ونفسية أيضًا، فعمدة نيويورك وحده، يقدر خسائر ولايته بنحو 95 مليار دولار، وعلينا أن نضع في حسابنا خسائر شركات الطيران، وربما حروب أمريكا في العراق وأفغانستان، وتكاليفها التي جاءت كرد فعل على هجمات سبتمبر.

حزمة قرارات سعودية
الآن وبعد أن خرجت الأزمة السياسية بين واشنطن ورياض من السر إلى العلن، وللهروب من «الفخ الأمريكى» الذي وقعت به المملكة بعدما سلكت طريق فيتو أوباما المشكوك في نواياها تجاه الدول العربية، ورغبته في خلق تحالف جديد مع إيران.

هذه التعقيدات دفعت الرياض إلى إعداد حزمة قرارات موجعة للرد على الغطرسة الأمريكية، وبحسب صحيفة «المدينة» السعودية، فإن المملكة تحتكم إلى ترسانة من الوسائل التي تكفل لها رد الفعل، من ضمنها تجميد الاتصالات الرسمية وسحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأمريكي، وإقناع أشقائها في مجلس التعاون الخليجي بالحذو حذوها، واتباع سياستها التي قد تشمل تجميد التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والاستثمار، والسماح للقوات المسلحة الأمريكية باستخدام قواعد المنطقة العسكرية.

وقال عبد الخالق عبد الله، المحلل السياسي والأستاذ في جامعة الإمارات: «ينبغي أن يكون واضحًا لدى الولايات المتحدة وبقية العالم أنه إذا تم استهداف دولة من دول مجلس التعاون بكيفية غير عادلة فإن باقي أعضاء المجلس سيدعمونها»، وشدد على أن جميع أعضاء المجلس سيساندون المملكة بكل ما يملكونه وبكل الطرق والأساليب.

وقد أظهرت المملكة خبرة في التعامل مع مثل هذه المواقف في التعامل مع مواضيع إقليمية ودولية، من ضمنها التعامل مع حملة استهدفتها من قبل وزارة الخارجية السويدية العام الماضي، دفعت استوكهولم إلى التراجع عن مواقفها، تحت وطأة الرد بعقوبات اقتصادية ضدها من قبل مجلس التعاون وحلفائه.

واعتبر مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق لشئون الأمن الدولي شاس فريمان الذي شغل منصب سفير واشنطن في الرياض في أثناء عملية عاصفة الصحراء، أنه بإمكان السعودية الرد على القانون بأساليب من شأنها أن تضع مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية على المحك.

أولها- عدم السماح بالتحليق بين الأجواء الأوروبية والآسيوية.

ثانيا: منع استخدام قواعد عسكرية في المنطقة، والتي تعد ضرورية لعمليات الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق وسوريا.

وأوضح فريمان: «من الممكن أيضًا أن يتسبب القانون في تجميد الاتصالات والعلاقات والإضرار بالتعاون بين الولايات المتحدة والسعودية فيما يخص مكافحة الإرهاب».

من جهته قدّر جوزيف جانيون، الباحث في معهد باترسون للاقتصاديات الدولية حجم الأصول الرسمية السعودية في الولايات المتحدة بنحو 500 مليار دولار، وحتى أغسطس، تمتلك المملكة 96.5 مليار دولار في أصول تحت إدارة وزارة الخزانة تجعل منها المستثمر رقم 15 في لائحة مالكي أصول الخزانة الأمريكية.

Advertisements
الجريدة الرسمية