رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عبدالباري عطوان: طلاق شبه بائن بين السعودية ومصر

الرئيس السيسي والملك
الرئيس السيسي والملك سلمان

رأى الكاتب الفلسطينى المعروف عبد الباري عطوان، أن العلاقات المصرية السعودية تمر بحالة فتور سياسي وتناقض واضح، معتبرا أن الخلافات بين القاهرة والرياض خرجت من حيز جدران الدبلوماسية المغلقة إلى العلن، متوقعا في ذات السياق والتحليل الذي قدمه بمقال مطول بصحيفة "رأي اليوم" التي يترأس تحريرها الآن، أن شهر العسل بين العاصمتين انتهى وأن هناك حالة طلاق شبه بائن بين القاهرة والرياض.


واستهل عطوان تحليله بالإشارة إلى استقبال الملك سلمان في القاهرة قائلا، من تابع الاستقبال الحافل الذي حظي به العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أثناء زيارته الرسمية إلى القاهرة في أبريل الماضي، والآمال العريضة التي بنيت عليها سياسيا واقتصاديا وعسكريا، يخرج بانطباع بأن البلدين دخلا في تحالف إستراتيجي إقليمي صلب، يمكن أن يستمر لعقود أو سنوات على الأقل، ولكن الطموحات والتمنيات شيء، والواقع شيء آخر.

هوة تاريخية

بعد خمسة أشهر من هذه الزيارة التي وصفها الإعلامان السعودي والمصري بأنها "تاريخية"، بدأت الهوة في العلاقات بين البلدين تتسع، وبدأت الوعود والاتفاقات المالية والسياسية "تتبخر"، فمشروع جسر الملك سلمان فوق خليج العقبة، والمنطقة التجارية الحرة التي ستقام في الجانب المصري منه في سيناء لم يعد يذكر، وربما جرى دفنه، وعدم تصديق البرلمان المصري على إعادة جزيرتي "صنافير" و"تيران" في فم الخليج المذكور إلى السيادة السعودية لم يتم حتى الآن، رغم تصديق مجلس الوزراء السعودي الفوري عليه، والأنكى من ذلك أن محكمة مصرية طعنت في هذا الاتفاق، وأكدت على بطلانه مرتين، والثالثة في الطريق.

شهر العسل
مستطردا، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي حظي بإطراء خاص على ألسنة المسئولين السعوديين وإعلامهم، باعتباره المنقذ لمصر، لم يعد كذلك هذه الأيام، بل بات موضع انتقادات كثيرة مباشرة، أو غير مباشرة، وصل بعضها إلى الشتم بكلمات نابية.

شهر العسل السعودي المصري لم يدم أكثر من ثلاثة أشهر على الأكثر، بدأت بعدها إجراءات "طلاق شبه بائن"، انعكس في مجموعة من الخطوات المصرية جاءت صادمة للشريك السعودي:

الأولى: المشاركة المصرية المكثفة في مؤتمر غروزني الذي انعقد قبل شهر في العاصمة الشيشانية، تحت عنوان “من هم أهل السنة والجماعة”، حيث شاركت في هذا المؤتمر الذي اعتبر “الوهابية” خارج هذا التعريف، أربعة من أهم المرجعيات الإسلامية المصرية وهم، شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، ومفتي مصر الشيخ شوقي علام، ومستشار الرئيس للشئون الإسلامية أسامة الأزهري، والمفتي السابق الدكتور على جمعة.

الثانية: التصريحات المؤيدة والداعمة للرئيس السوري بشار الأسد التي وردت في خطاب الرئيس السيسي الذي أدلى به في الأمم المتحدة، وأكد فيها أن لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا، وتلك التوضيحية التي أدلى بها سامح شكري، وزير خارجية مصر لاحقا لصحف مصرية، وأقر فيها تباين الرؤى بين بلاده والسعودية بشأن سوريا خصوصا حول ضرورة تغيير نظام الحكم أو القيادة السورية، حيث أكد أن مصر تعارض تغيير الحكم، ولا تتبنى النهج السعودي في هذا الإطار.

الثالثة: عدم حدوث أي لقاء بين الرئيس المصري والأمير محمد بن نايف، ولي العهد السعودي، أثناء تواجد الاثنين في الأمم المتحدة على رأس وفدي بلادهما، والشيء نفسه يقال عن وزيري خارجية البلدين باستثناء مشاركتهما في اجتماع مجموعة دعم سورية.

الرابعة: وهي الأهم في نظرنا، أي اللقاء الذي أجراه السيد شكري مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم أمس، وبحث معه ملفات عديدة من بينها الملف السوري، وهذا اللقاء وحده يكفي لإصابة نظيره السعودي عادل الجبير، وربما من هم أعلى منه، بأزمة قلبية، ولا نستبعد أن تتحول هذه الأزمة إلى جلطة، في حال صدقت التكهنات حول لقاء شكري ونظيره السوري وليد المعلم الموجود حاليا في نيويورك.

صديق مطيع

القيادة السعودية أخطأت التقدير عندما اعتقدت أن هذه المساعدات ستجعل من نظيرتها المصرية "صديقا" مطيعا، وتابعا، ينفذ كل مخططاتها، ويخوض كل حروبها، ويتبنى كل مواقفها ضد إيران والحكومة السورية، ويقاطع كل أعدائها على غرار ما فعلته وتفعله معظم الحكومات الخليجية الأخرى، الأمر الذي يعكس "سوء تقدير" في الحسابات، علاوة على عدم فهم الذهنية المصرية، والتاريخ الحافل بالمطبات والصدامات بين البلدين، في معظم عصوره.

السلطات المصرية تستخدم الإعلام في أغلب الأحيان، وليس القنوات الدبلوماسية التقليدية، لإيصال الرسائل إلى الدول المعنية، ولعل حديث السيد شكري إلى وسائل الإعلام المصرية دون غيرها، حول التباين في العلاقات المصرية مع السعودية هو أحد التطبيقات الواضحة لهذا النهج المصري.

الأزمة السورية

السلطات المصرية تركت مسافة كبيرة بين موقفها وحليفها السعودي (السابق) في التعاطي مع الشأن السوري لأنها تدرك جيدا أن البديل عن نظام الرئيس الأسد هو حركة الإخوان المسلمين، أو الفوضى الدموية على غرار العراق وليبيا واليمن، الأمر الذي يشكل تهديدا لأمن مصر واستقرارها، ونظام الحكم فيها، مضافا إلى ذلك أن تحالف الرئيس السيسي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، يتقدم على تحالفه مع السعودية وقيادتها، ولذلك لا يمكن أن يتبنى سياسات تتعارض مع السياسات الروسية في الشرق الأوسط.

دبلوماسية إدارة الظهر

دبلوماسية إدارة الظهر، هي الوصف الأمثل للعلاقات بين السعودية ومصر هذه الأيام، ومن المرجح أنها بدأت تتمدد إلى العلاقات المصرية الخليجية أيضا، فزيارات المسئولين المصريين إلى عواصم الدول الخليجية باتت شحيحة هذه الأيام، وكان لافتا أن الدكتور عبد الخالق عبد الله، أحد أبرز مستشاري الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، وحاكمها الفعلي، أيد ما ختمت به مجلة "الإيكونوميست" البريطانية تحقيقها السوداوي عن مستقبل اقتصاد مصر قبل ثلاثة أسابيع، ويتلخص في توجيه نصيحة للرئيس السيسي بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية عام 2018، ويقال إنه هو الذي سرب هذه النصيحة إلى المجلة البريطانية العريقة، والله أعلم.
Advertisements
الجريدة الرسمية