رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أنا أحتكر الصواب!


لا تتعجبوا من هذا العنوان الذي قد يراه البعض مثيرًا للاستفزاز.. فهو يلحق لسان حال كثيرين يشاركون الآن في جدل حول عدد من القضايا والأمور.. كل طرف في الجدال يتصور أنه وحده الذي يمسك بناصية الحقيقة وأن رأيه وحده هو الصواب وأن ما يقول به غيره باطل وخاطئ.. ولا يحدث ذلك في الجدال الذين يشارك فيه العامة وغير المتخصصين أو غير الخبراء، إنما يحدث أيضًا بين المتخصصين والخبراء.. هل تذكرون ذلك الجدال الحاد حول مشروع من التنمية الذي اقترحه د. فاروق الباز وتحس له وأخذ يروح له وفي المقابل رفضه بشدة عالمًا آخر جليلًا هو المرحوم د. رشدي سعيد، والذي رأى فيه كارثة قومية وتبديدًا للموارد..


هذا أيضًا يتمرر الآن في الجدل والحوار حول العديد من القضايا والمسائل المهمة بدءًا من نسبة الأرجوت المسموح استيراد القمح بها من الخارج وحتى مشروع العاصة الإدارية الجديدة.

في هذا الجدل يتقدم لنا خبراء ومتخصصون كل منهم يقدم إلينا نفسه باعتبار أن ما يقوله وحده هو الصواب، وما يقال غير ذلك خطأ بل خطأ فادح وإن لم يكن خطيئة أيضًا.. وهذا يحدث للأسف علنًا وأمام كاميرات الفضائيات وعلى صفحات الصحف، مما يوقع الرأي العام في حيرة شديدة ولا يفيد في نهاية المطاف في حسن الاختيار وتحديد موقف سليم في كل القضايا والأمور المطروحة للنقاش.

وهذه الظاهرة.. ظاهرة احتكار الصواب واحتكار الحقيقة هي أحد أمراضنا الخطيرة والتي تفرخ لنا في النهاية تعصبا وتطرفا رفضا للعيش المشترك.. ولا علاج لهذه الظاهرة الخطيرة سوى من خلال التعليم والثقافة.. نحن نحتاج لإعادة تأهيل الإنسان المصري حتى لا يكون متحجرًا وأحاديًا في التفكير ومتصلبًا وأن يكون قابلا لاستيعاب الرؤى في المواقف المتعددة والمتنوعة.. ونعرف أن ذلك لن يتم بين يوم وليلة ولكن المهم أن نبدأ.
Advertisements
الجريدة الرسمية