رئيس التحرير
عصام كامل

وفيات الأطفال


يعتبر معدل وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات من أهم مؤشرات جودة الحياة والخدمات الصحية في كل دول العالم وقد حققت بعض الدول خاصة في شمال عرب أوروبا طفرات هائلة في الخدمات الصحية والاجتماعية مع ضبط النمو السكانى مكنتها من الوصول إلى معدلات غير مسبوقة في الانخفاض، حيث أوضح تقرير البنك الدولى لعام 2015 أن كلا من فنلندا وآيسلندا تقدما تقدما غير مسبوق بتحقيق معدل وفيات الطفال أقل من 5 سنوات هو 2 لكل 1000 مولود..


وجاءت كوريا الجنوبية كأفضل قصة نجاح عندما استطاعت في بضع سنوات النزول إلى 3 وفيات لكل 1000 مولود.. وتعتبر الدول المتقدمة أن نسبة وفيات تتعدى 10 حالات لكل 1000 طفل علامة خطر كبيرة في مجتمعاتهم وتفعل كل ما هو مطلوب من تدابير للحفاظ عليها حول 5 وفيات لكل ألف مولود كما هو الحال في غالبية الدول الأوروبية، خاصة عن طريق سن القوانين والتشريعات التي تضمن للطفل بيئة آمنة وتغلظ العقوبات على كل من يتسبب في تعريض أي طقل لخطر يهدد حياته.

وقد بدأت بعض الحكومات العربية التي تهتم بصحة الطفل في السير على نفس المنوال خاصة دول الخليج فها هي الإمارات العربية تغلظ عقوبات إهمال الأطفال حتى بتركهم في أماكن آمنه قبل بلوغهم سن 7 سنوات حتى ولو لفترة وجيزة وكان التغليظ الأخير برفع عقوبة ترك الطفل وحيدا ولو لدقائق في السيارة إلى السجن 10 سنوات مؤشرا كافيا ورادعا في بلد تطبق القانون بكل صرامة وبكل مساواة وحيادية على كل مواطنيها والمقيمين على أرضها وكانت النتيجة جلية في هبوط معدلات وفيات الأطفال إلى 7 حالات لكل 1000 مولود في التقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية متساوية في ذلك مع معدل وفيات الأطفال تحت 5 سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.

إلا أن الحال في مصر ورغم تحسنه النسبى فإنه يشير إلى ما يقارب ستة أضعاف الوفيات في دولة الإمارات الشقيقة فمعدل وفيات الأطفال المبلغ من الجهات الحكومية المصرية (المسجل رسميا) يبلغ نحو 25 طفلًا من كل 1000 طفل مولود.. وتشير الإحصاءات إلى نتائج مفزعة فإلى جانب الأسباب المعروفة لوفيات الأطفال الرضع من وفيات المبتسرين وناقصى النمو والتغذية والعيوب الخلقية وحتى النزلات الشعبية والمعوية الموجودة كسبب لوفياتهم في الدول النامية لتظهر الحوادث كأحد أهم أسباب الأطفال في مصر وتتقاسم الحوادث المنزلية وحوادث الطرق النسبة المرعبة غير المسبوقة في الدول ذات النمو المتوسط.

فمن وفيات نتيجة الاختناق لاستنشاق أجسام غريبة إلى الحروق الناتجه عن الإشتعال أو السوائل شديدة السخونة إضافة إلى ابتلاع مواد كيميائية خاصة المنظفات والمبيدات، ثم تأتى حوادث السير التي تضع مصر كأخطر بلد في العالم في السير على طرقها ويأتى الأطفال كثلث العدد الكلى للضحايا والذي يتعدى العشرة آلاف سنويًا في أكثر التقديرات الواقعية تفاؤلا.

ولا ننسى أن زيادة المواليد عامل رئيسى في التأثير فى صحة الأم والطفل والقدرة على تقديم الرعاية الواجية وتوفير المناخ الآمن له طوال الوقت.

إلا أن وجهة نظرى أن فساد التعليم والثقافة الخاطئة هي أهم أسباب تلك الظاهرة الخطيرة فالثقافة العامة هي التهرب من المسئولية وعدم الرغبة في علاج الأسباب والهروب من ذلك بالانشغال العاطفى بالنتائج.. ويأتى الفساد السياسي كثانى أهم الأسباب فالحكومات لا تعطى الاهتمام الكافى بالمشكلة ولا تظهر انشغالا إلا بما يهتم به الإعلام وقد وافق مجلس النواب على برنامج للحكومة لا يتضمن أي خطة حقيقية مموله وذات جدول زمنى واضح لمواجهة أهم المشكلات الصحية في مصر تستخدم هذه المؤشرات كدلائل على قدر النجاح في تنفيذها.

ثم يأتى الإعلام الذي لا يهتم إلا بالإثارة ولا يعنيه أي تنمية أو إصلاح في ظل الفساد المستشرى فيه وسيطرة رجال الأعمال عليه وتدهور مستوى إعلام الدولة.. ثم تأتى جودة الخدمات الصحية وظروف المعيشة كسبب أخير، حيث إن الوقاية في هذا الصدد هي أهم مقومات الإصلاح والتنمية ويأتى العلاج صعبا ومكلفا نظرا للعوامل الحيوية والتشريحية التي تزيد من مخاطر التعامل الطبى مع الأطفال.
الجريدة الرسمية