رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة اليوم الأخير


كعادة أي شاب مصري، خلص صاحبنا إياه الشات مع كل اللي بيحبهم، واطمن على ست الحسن والجمال إنها في سابع نومة، قفل نور أوضته وحط دماغه على المخدة وراح هو كمان في النوم.


مابين تقليب شمال ويمين، ومابين أحلام بتروح وبتيجي، وقف عند حلم كان بالنسبة له هو الحلم الأخير.. كان بيحلم صاحبنا إياه بـشيء اسمه "ليلة اليوم الأخير".

شاف كل الناس في الشوارع ماشية اتنين اتنين، كل واحد ماسك في اللي بيحبه ومش سايبه، عواصف ترابية غريبة، واللون الأصفر بيسيطر على كل المكان، كل واحد ماسك إيد اللي كان بيحبه في الدنيا وبيحوط عليه بطريقته الخاصة، وبيتسند عليه وهو واقف في النص وحيد..

صوت كمانجات كتير بتعزف لحن واحد وهو اللحن الأخير، لحن نازل منه دموع تشبه دموع اليتيم ساعة فُقدان حد من أهله..

البيوت كلها على الأرض وكله أصبح تراب، لا العربيات الغالية فضلت ولا حتى الرخيصة استنت، بالعكس ده النوعين ماتوا في نفس الوقت، والنهاية كانت واحدة..

فكر في أهله لقى أبوه بيسند أمه من إيديها زي ما كانت هي بتعمل معاه في الدنيا، فكر في أخوه لقاه واخد حبيبته في حضنه ومستخبي من الهوا الكتير، فكر في أخته شافها محوطة على طفلين ودموعها مالية عنيها ونازلة تغسل التراب اللي على العيال اللي في أيديها..

فكر في حبيبته.. علشان كانت وحشاه.. فقرر يروح يلحقها وأه منها يملّي عينه قبل اليوم الأخير، هو يجري والأحلام تجري وراه، هو يسرع والأيام عمالة تسبقه.. كل الحاجات بتثبت إنه مش هيلحق، ورغم كل التأكيدات هو برضه "بيعافر" زي ماكان بيعمل في الدنيا بالظبط..

فجأة وبدون مُقدمات البحر ملى الشوارع والموجة بقت أعلي منه، فقرر يقضيها عوم، أصل الشخص اللي نفسه في حاجة بيعملها حتى لو الطرق مُختلفة، المهم يوصل..

بحر ورمل وحبيبته زي ماكان نفسه بالتمام، الأمنيات هي هي لكن للأسف الظروف مُختلفة جدًا، أصل برضه التوقيتات بتفرق كتير، استمر في المُعافرة واليوم الأخير برضه مستمر في قدومه..

صوت الكمانجا بيعلى وصوت صراخ حبيبته بيزيد، الودن دي تسمع بكا والتانية تسمع أنين، نفسه اتقطع بس أمله ثابت ومابيخلصش..

كان بيجري زي العمر مابيجري بسرعته، لحد ماوصل للشارع اللي قبل الأخير.. واتفاجئ بوجود العربيات فوق بعضها والعماير واقعة عليها.. يعني مهما يعمل مش هيعرف يعدي ولو إيه حصل، حظه في اليوم الأخير كان زي حظه في الدنيا وبالتمام، فقرر يرجع ويبدأ من جديد، بالمناسبة هو من زمان كدة معاها أول مايقرب يوصل، فجأة يبدأ من جديد..

شارع في شارع، وحارة في حارة والساعة بتخلص وفاضل ثواني وييجي اليوم الأخير، ولو ماوصلش هيتعب أكتر ماهو تعبان..

وصل صاحبنا أياه شاف بنوتة غلبانة مرمية على جنب، ودموعها قد البحر اللي مغطي الشارع ويمكن أكتر كمان، وفجأة يتقسم الشارع لنُصين، نُص مرمى فيه البنت الغلبانة هي وأحلامها وطموحاتها البسيطة، والُنص التاني واقف فيه جوزها بيحاول ينقذ العربية الغالية من الهلاك. وكأن مراته مش في الصورة!

يصرخ بأعلي صوته ويقول.. أنا هنااااااااااا...

بعديها يفوق من حلمه ويصحى، وبسرعة يمسك موبايله ويكتب كل اللي شافه في الحلم في رسالة لحبيبته القديمة ويقول فيها.. ده هيكون إحساسي بكره لما أشوفك وانتي جنبه في الكوشة بدون أي ملامح انبساط، ويكتب عنوان اسمه: "ليلة اليوم الأخير.. مبروك"

الجريدة الرسمية