رئيس التحرير
عصام كامل

عصام فايد.. الرجل «الصامت»

عصام فايد
عصام فايد

ليس لوزارة الزراعة ولا لوزيرها مثيل في مصر، فالوزارة التي قد يستهين بها البعض عن جهل بدورها المهم في الأمن القومى هي الكيان الإدارى الأكبر في الدولة المصرية بـ130 ألف موظف، وبمساحات شاسعة من المبانى والأراضى والممتلكات التي لم تشفع لوزير الزراعة الحالى الدكتور عصام فايد في أن يخضع للمحاكمة حول الملفات التي تراكمت على ظهره فأحنته، فقرر معها الصمت بدعوى العمل في الهدوء، لكن لا صوت طحن سمعنا ولا دقيق رأينا.


الدكتور عصام فايد رجل وصل إلى منصب وزير الزراعة من خارج سرب التوقعات كلها، وكان اختياره مفاجأة للجميع، فنادرا ما سمع عنه أي من أعضاء المجتمع الزراعى الأكاديمي أو التنفيذي، وهو ما ظنه البعض في البداية نقطة إيجابية لصالح الوزير الجديد الذي يبتعد تخصصه الأكاديمى عن التخصصات التي عادة ما يتم اختيار وزراء الزراعة منها، فهو أستاذ ميكرو بيولوجى الألبان وهو تخصص لم يظهر بين وزراء الزراعة من قبل، الذين انحصرت تخصصاتهم بين البساتين والمحاصيل وأمراض النبات والاستصلاح.

ابتعاد عصام فايد عن “شلة الوزراء” السابقين والمجتمع المحيط بهم، جعل البعض يعتقد أنه قادم بفكر جديد ربما يصلح ما أفسده سابقوه خاصة بعد فضيحة رشوة الزراعة الكبرى التي راح ضحيتها الوزير الأسبق صلاح هلال، الذي ترك لفايد ملفات كثيرة تحتاج إلى الاختراق والحل السريع، أهمها ملف المشروعات القومية التي تعتبر أول اختبار وضح شخصية فايد داخل الحكومة.

المشروعات القومية
الصمت هو أكثر السمات المميزة لشخصية الدكتور عصام فايد التي جاءت على وزارة الزراعة بالسلب، بعد أن اتخذ الوزير موقف المتفرج أمام سحب الحكومة غير الرسمى لمشروع الـ1.5 مليون فدان منها، وتدشين شركة الريف المصرى التي سحبت كافة الاختصاصات في المشروع لصالحها، مع مزايا متعددة لوزارة الرى المنافس الأزلى لوزارة الزراعة، حيث نصبت الرى من قبل الحكومة كمتحدث باسم المشروع، بعد الإخفاقات التي وقعت فيها الزراعة بتضليل الرئيس من خلال ثلاثة وزراء متعاقبين بدءًا من عادل البلتاجى حتى صلاح هلال وصولا إلى عصام فايد بتصريحات وردية حول الانتهاء من المشروع الذي وعدت الوزارة منذ عام 2014 بإنهائه في عام ولم يحدث حتى الآن أي تقدم سوى في 10 آلاف فدان فقط استصلحتها الدولة في الفرافرة، وحتى الآن لم تقدم الزراعة ما يتناسب مع المشروع القومى، حيث غيرت خطط التراكيب المحصولية مرتين حتى الآن خلال 3 سنوات، ولم ينفذ منها أي شيء إلى جانب عجز الوزارة إلى الآن عن إنجاز مهمتها في طرح كراسة شروط المشروع، الذي ضمت اليه الوزارة كافة المشروعات الصغيرة في الاستصلاح، والتي كانت تطرحها للشباب في السابق وأصبحت اليوم ضمن المليون ونصف المليون فدان.

مشروع قومي آخر أخفقت فيه الزراعة، وعلى وشك أن تجردها منه الحكومة في الفترة المقبلة، وهو تطوير الرى الحقلى في الوادى والدلتا، حيث شهدت تقارير مستشارى وزراء الزراعة السابقين، وشهادات الفلاحين وتقارير استشاريى البنك الدولى على الفشل الذريع للزراعة في تنفيذ خطوط الرى المطورة وفسادها، مع إنجاز نحو 10% فقط من المستهدف خلال الخمس سنوات الماضية، ومعاناة الفلاحين من التنفيذ الخاطئ، وناقشت الحكومة فعليا سحب المشروع من الزراعة وإسناده للرى فقط التي نجحت في إنجاز 70% من المستهدف مع جودة التطبيق، لكن امتنعت الحكومة مرتين عن سحب المشروع من الزراعة، بسبب القروض التي حصلت عليها الزراعة من البنك الدولى وصندوق “الإيفاد” وخشية الحكومة سحب تلك الجهات للقروض من مصر دون الاستفادة منها.

الفساد
ثاني الملفات التي شهدت إخفاق عصام فايد في الوزارة، هي عدم قدرته على مواجهة الفساد المتفشى فيها والتزامه الصمت أيضا تجاه الملفات العاجلة التي كان من المتوقع أن يفتحها خلال ولايته، ويعتبر مراقبون للشأن الزراعى أن أول سقطات الوزير في ذلك الملف هي تعيين الدكتور خالد الحسنى رئيس هيئة الثروة السمكية السابق مديرًا لمكتبه، رغم الملاحظات الكثيرة التي تزداد حوله والتي ظهرت مستنداتها في بلاغات إلى جهات رقابية حول تجاوزات داخل هيئة الثروة السمكية في فترة تولى الحسنى رئاستها، إلى جانب مطالبة أحد نواب البرلمان بمحاسبة الحسنى، بعد أن قدم أمام لجنة الزراعة بالبرلمان مستندات تدين الحسنى بإهدار 80 مليون جنيه وقت توليه منصب رئاسة هيئة الثروة السمكية.

تعيين الحسنى لم يكن مظهرا وحيدا للفساد الذي لم يستطع عصام فايد السيطرة عليه داخل الوزارة، لكن تنامى دور الحسنى مقابل الوزير وتحوله إلى المدير الفعلى للوزارة، أسقط الزراعة في عدد من الأزمات كانت في غنى عنها، أبرزها بيعها للحوم سودانية كونها بلدية في منافذها بدعوى محاربة الغلاء، وتعاقدها مع جمعية الإسكندرية لتنمية الثروة الحيوانية، والتي تجرى التحقيقات معها بشأن منحة العجول الإماراتية هي وجهات أخرى في الدولة، ورغم ذلك تعاقد معها الوزير لتوريد لحوم بلدية في منافذ الوزارة، اتضح فيما بعد أنها لحوم سودانية مبردة.


الكارت الذكي
رغم الحديث منذ أربعة أعوام عن كارت الفلاح الذكى إلا أنه يحسب لعصام فايد إنجاز ذلك الملف المعطل منذ فترة، حيث أطلقت الحكومة قبل شهر مشروع كارت الفلاح الذكى ليستفيد منه نحو 3 ملايين فلاح لتقنين الحيازة الزراعية وإحكام منظومة دعم الأسمدة ومستلزمات الإنتاج، وبدأت الوزارة بالتعاون مع وزاراتى الاتصالات والإنتاج الحربى في تنفيذ المشروع الذي طرح من خلال بنك الائتمان الزراعى، إلى جانب إنجاز الوزارة لملف التأمين الصحى على الفلاحين، والذي بدأ التسجيل فيه قبل اسبوعين رغم مواجهته بعض العقبات إلا أن الوزارة تصر على المضى قدمًا في تنفيذ، ويرجع الفضل في إنجاز الملفات السابقة للدكتور أحمد أبو اليزيد رئيس قطاع الخدمات الجديدة الذي تولى المنصب قبل شهرين، ويدعوه بعض العاملين في الوزارة بوزير الزراعة القادم.
الجريدة الرسمية