رئيس التحرير
عصام كامل

على حافة الجوع.. الجميع في خطر

على حافة الجوع.. يفقد كل كلام معناه وتتهاوى كل الأفكار والمبادئ ويصير الحديث عن الوطن والأخلاق والمبادئ مجرد ترف يتحول لعبث في نظر الجوعى.. وللأسف لا يدرك ذلك سادتنا الكبار الذين يسيرون صفا صفا طاعة وحبا وخضوعا تحت أمرة صندوق النقد في ظاهر الأمر، بينما يتعدى ذلك إلى هدف آخر غير معلن هو المداومة على إفقار المواطنين المصريين ونقلهم طبقيا للأدنى، بحيث يتحول المستور لفقير والفقير لمعدوم.. ثم يتجول المعدم في ملكوت الله باحثا عن لقمة يسد بها رمقه.. 


 

لا يحتاج هذا الأمر لوضع علامات تعجب، لأن ذلك صار واقعا وبات مبدأً عن حكومة لا ترى إلا نفسها وتعتبر الفقير منها، ومن معسكرها المنعزل عن من تحكم وتسود معيشتهم، هو من يتحصل على 30 ألف جنيه شهريا كما هو حال الوزراء وكما صرح وأوضح وزير التنمية المحلية لا فض فوه. 

وبدون علامات تعجب أيضا، نرى النظام كله يسهب في وعد الناس بالثراء وبمصر أم الدنيا والتي ستصبح (أد الدنيا)، ثم يتراجع قليلا فيعد بالحفاظ على الأسعار في مستوى (معقول) ثم إذا بنفس النظام يناقض كل ذلك سريعا ويتحدث عن ضرورة اتخاذ إجراءات مؤلمة.. وكأن الشعب يعيش في رفاهية لا سمح الله ولا سمحت الحكومة بالطبع والرضا والقناعة والغاية، وكأن الشعب لا يعرف ألما، بينما الألم هو العنصر الأساسى لحياة المصريين وليس عارضا مضافا أو دخيلا أو مؤقتا كضريبة الخيبة المضافة التي ستعمق الشعور بالظلم وربما تفضى إلى ما يحدث عقباه وما لا يتخيله أحد من الحكومة المغيبة ونوابها التائهين في بحر من قبل رئيسهم الذي أرسل بقبلاته لهم حتى يبصموا بالعشرة وبكل غال عندهم لإقرار الفقر المضاف لحياة من يمثلونهم.. افتراضا يمثلونهم وينوبون عنهم.. على الورق طبعا.

وقد تسأل نفسك عن ضرورة تلك الإجراءات المؤلمة في نظر الحكومة والنظام بأسره، بينما هي إجراءات مفجعة وقاتلة وعبثية في واقعها، فتجد أنه وفقا للشو الإعلانى والإعلامي من قبل الوزراء والنواب، أن تلك الإجراءات ستوفر مبلغا (تافها) بحق يتراوح بين 23 و32 مليار جنيه.. هنا الأمر يستحق آلافا من علامات التعجب إذا علمت أن الدولة دائنة لرجال الأعمال (اللصوص) المتهربين من الضرائب بمبالغ أضعاف ذلك عشرات المرات، قدرها أحد النواب المحترمين بــ 150 مليار جنيه.. حسنا، فلنصبر قليلا على علامات التعجب ولنرى مثلا أن السيد ماسبيرو أو ما يعرف باتحاد الإذاعة والتليفزيون الوهمى، رضى النظام عنه، مدين للدولة بما يقدر بــ 21 مليار جنيه منذ سنوات.. تحديدا منذ 2014، في نفس العام الذي تم رفع أسعار المواد البترولية والكهرباء لتوفير 40 مليار جنيه. 

اصبر قليلا حتى تضع علامة التعجب بنفسك.. فالدولة التي تسود حياة شعبها بإجرءات عبثية كتلك، تتناسى أنها تمنح مجموعة من المستشارين وكبار الموظفين في الوزارات المختلفة مبالغ تفوق المبلغ المستهدف من ضريبة الجباية الجديدة، وأنه هناك بند واحد في الموازنة العامة أو (العامية) للدولة قفز من 41 مليارا في حكومة محلب إلى ما يقرب من 50 مليارا تحت اسم (مصروفات غير محددة).. عفوا لابد هنا من وضع علامات التعجب بكثرة!!!! 

إذن الإفقار عند الحكومة هدف قومى وغاية أسمى تريد بها سلسلة المواطن وتقييده حتى لا يفكر فيما عدا رغيف عيشه الحاف، الفقر يمكن التغلب عليه وعجز الموازنة يمكن اجتثاثه من منبعه أو تخفيفه لو كان هناك إرادة حقة بذلك ولو كنا حتى شبه دولة كما سبق أوصفنا بذلك السيد الرئيس، لكن يبدو حتى أن شبه الدولة لفظتنا واستكثرت علينا هذا التوصيف المخجل..لا نتحدث هنا عن عدالة مغيبة أو تطلع للحكم والعياذ بالله فذاك أمر بعيد والنظام نفسه موقن بذلك.. فقط نتحدث عن حق في الحياة يتلاشى يوميا ويغيب حتى نخشى من غياب الحياة الفعلية عن الجميع فيكون لغريزة الحياة شأن آخر عند من يتمسك بها وهم الأكثرية من المفقورين بفعل فاعل..


أنقذوا مصر يا ساداتها وتراجعوا بشجاعة عن هذا العبث قبل فوات الأوان.. اللهم بلغت، اللهم فاشهد.. اللهم احفظ مصر من كل سوء. 
fotuheng@gmail.com 
 

الجريدة الرسمية