رئيس التحرير
عصام كامل

القيمة المضافة..العيب في مين !


أخيرا وافق مجلس النواب بصفة نهائية على قانون ضريبة القيمة المضافة.. قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.. حققت الحكومة خطوة مهمة في برنامجها للإصلاح الاقتصادي بتمرير القانون من البرلمان بهدف إصلاح (تشوهات الضرائب غير المباشرة) ومع ذلك سيظل الجدل قائما ومحتدما بين المؤيدين والمعارضين للقانون، وسيأخذ الرأي العام وقتا طويلا حتى يتبدد عنده الشك من أن هذه الضريبة لن تلحق الأذى بالطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل والمعدمة، وسيظل أصحاب الدخول البسيطة وغير القادرة على صفيح ساخن، وهم يواجهون موجة ارتفاع الأسعار العاتية التي بدأت قبل إقرار القانون وصدور لائحته التنفيذية التي تطبقها الأجهزة المسئولة !


(هدفع ليه..لما ممكن مدفعش) جملة تتردد في عقل وخاطر من يخضع للضريبة، والسبب ببساطة أن تحصيل الضرائب لا يسري على الجميع.. فالمتهربون حدث ولا حرج.. والكسالى والمهملون في التحصيل كالهم على القلب في المصالح والهيئات المعنية بالتحصيل، وفكرة الضمير الوطني، وحب بلدك كعينيك.. كلام عاطفي ومرسل، والدليل هو حجم الضرائب التي لم تحصلها المصلحة من المتهربين والتي تقدر بالمليارات، وميزانية الدولة في أمس الحاجة إلى كل جنيه من تلك المليارات المهدرة !

منذ بدأ الكلام عن ضريبة القيمة المضافة، ومحدش فاهم حاجة، ومفيش حد في الحكومة قادر يفهم الناس طبيعة هذه الضريبة وكيف يمكن تطبيقها، كل الشرح عبارة عن كلام وأرقام..القيمة المضافة ضريبة مكان ضريبة المبيعات.. بس أعلي منها في النسبة بقدر بسيط..رغم أن الخبراء يقولون إنها مطبقة في أكثر من 150 دولة في العالم، ومع ذلك عجز الجميع..المؤيدون والمعارضون عن شرحها للناس، وتحديدا من سيتأثرون بها وهم النسبة الأكبر من الشعب.

خبراء اقتصاد ونواب في البرلمان قالوا: القانون تأخر تطبيقه أكثر من 15 سنة.. بما يعني أن القانون ضرورة وأن تأخيره كلف الاقتصاد الكثير، وفتح المجال واسعا لوجود اقتصاد بالمليارات خارج الاقتصاد الرسمي لا تستفيد منه الدولة رغم ما تقدمه له من خدمات!

وخبراء اقتصاد ونواب قالوا: القانون لمصلحة محدودي الدخل.. لم يشرح لنا أحد منهم كيف ذلك؟.. القانون لن يمس محدودي الدخل ولن يتأثروا به.. لم يخبرنا أحد منهم أيضا كيف ذلك؟

خبراء اقتصاد ونواب وسياسيون قالوا: القانون سيرفع الأسعار ويرفع نسبة التضخم، وطبعا كلامهم لا يحتاج إلى شرح ولا أدلة فالأسعار ترتفع بسبب وبغير سبب..بالضريبة وبغيرها!

الحكومة تقول: القانون لن يمس الغلابة، وهناك 56 مجموعة سلعية غير خاضعة للضريبة وبالتالي لن ترتفع الأسعار..(بس خلاص على رأي شعبان عبد الرحيم).. كل الطعام وكل السلع الأساسية (خضراوات، فواكه، لحوم، أسماك، طيور، سكر، زيت، خبز، أرز، وكل الخدمات الأساسية، والمواصلات.. وغير ذلك) معفاة من الضريبة.. يعني لن ترتفع أسعارها..هذا كلام الحكومة!

المستهلك يقول: الأسعار نار..نار..ولم تعد لنا طاقة لمواجهتها.. فكيف يكون الحال بعد تطبيق الضريبة؟ المخاوف تتزايد من ارتفاعات غير مبررة تحت سمع وبصر الحكومة.. وفي بلدنا كل حاجة طالعة لفوق.. ما شاء الله !

كما قلت.. قضي الأمر.. ماذا تفعل الحكومة لمساندة غير القادرين– وهم كثير..كثير– في مواجهة هذه الموجة العاتية التي يعتليها تجار جشعون ماتت ضمائرهم لا يراعون الله ولا الغلابة، ويبقي السؤال العيب في مين؟ الحكومة أم البرلمان أم التجار أم القانون أم الرقابة أم الغلابة!
الله أعلم

الجريدة الرسمية