رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

التفسير السياسي للإسلام!!


تستمد الجماعات المتطرفة جميعها، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، وهي الجماعة الأم في العصر الحديث، والتي أنجبت، وأرضعت كل متطرفي العالم في القرنين العشرين والحادي والعشرين، تستمد هذه الجماعات شرعيتها من خلال انتسابها للإسلام، بل من خلال نسبة الإسلام إلى أنفسها!


فتعمد تلك الجماعات الإرهابية دائمًا إلى تكرار مقولة كاذبة مفادها: أنها تمثل الإسلام، وأن موالاتها، والتعاون معها هو في ذاته إكرام للإسلام، وبالعكس أن معاداتها أو التنكيل بها هو تنكيل بالإسلام، ثم تكرر هذه المقولة الخاطئة آلاف المرات في مواقف شتى، وبأساليب مختلفة، وذلك لكي تكرسها في عقول وقلوب الناس، وذلك على طريقة ما يعرف بــ"البرمجة العصبية"!

ولكون الإسلام لا يصلح -بحال-أن يُقدم كمستند للتطرف والإرهاب بحال، فإن هذه الجماعات المتطرفة تلجأ إلى "التفسير الخاطئ للإسلام"، أي تفسير الإسلام "تفسيرًا سياسيًا" خاطئًا، لكي تطوعه لصالح أهدافها الخبيثة!، فلا تعمد تلك الجماعات ليس فقط تفسير القرآن تفسيرًا خاطئًا ليتناسب مع مصالحها، ولكنها تعمد إلى رسالة الإسلام ككل فتحرفها تحريفًا بشعًا وخبيثًا، قاتلهم الله أنى يؤفكون.

فهم يفسرون الإسلام "تفسيرًا سياسيًا" بحيث يصلح للاستغلال والتطويع، وليتحول إلى مشروع سياسي يحصلون من ورائه مكاسب سياسية ومادية.

فالإسلام بالنسبة لهم معامل موضوعي أو بأسلوبٍ أبسط محض وسيلة توصلهم إلى غاية السيطرة على السلطة والجلوس على كرسي الحكم، أو بمقولة أدق فإن الإسلام بالنسبة لهم: هو محض رداءٍ أو حذاءٍ!! يلبسوه حتى يوصلهم لمقصودهم، فعاملهم الله بعدله.

فيعمدون إلى الآيات التي نزلت في الكافرين والمشركين فيكسرون عنقها وليس فقط يلونون أعناقها!، ويحرفون معناها ليجعلونها تنطبق فقط على كل من يعارضهم أو يختلف معهم.

ويذهبون إلى الآيات التي نزلت في المؤمنين والصالحين وأولياء الله المتقين فيحصرونها في أنفسهم، أو فيمن انضم إليهم.

ليصبح الأمر في النهاية: أنهم هم، ومن والاهم، أو ناصرهم فقط أهل الإسلام، والإيمان، والإحسان، وأن من عداهم، أو عاداهم، أو خالفهم هم أهل الكفر، والفسوق، والعصيان!!

وكذلك تصبح كل آية في القرآن، ويصبح كل حديث في السنة النبوية المشرفة تتحدث عن أهل الإيمان أو عن معنى من معاني الإيمان والصلاح، فإنها تنحصر فيهم هم دون غيرهم من العالمين، في الأولين والآخرين!

وكل آية أو حيث تتكلم عن أهل الكفر، أو الشر، أو الظلم، أو الفساد فإنها–بلا شك-تخص خصومهم، وأعداءهم، وإن كان أعداؤهم في الحقيقة، وواقع الأمر هم أهل الإيمان، والخير.

والحقيقة أن أكثر الآيات التي يركزون عليها ويعتمدون على تفسيرها الخاطئ السياسي هي الآيات التي يُذكر فيها الحُكم أو ما يطلقون هم عليه "الحاكمية".

من مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون..الفاسقون..الظالمون}.

وكقوله تعالى: {إن الحكم إلا لله}.

وأمثالهما من الآيات والتي يتم تفسيرها تفسيرًا خاطئًا على حسب أهوائهم، وبحيث يختص الوعيد فيها بالتكفير، وما يترتب عليه من استباحة الخروج على كل حاكم لا ينتمي إليهم، وخلعه، بل وقتله، فهو–عندهم-من الكافرين، والفاسقين، والظالمين، وإن كان من أعدل أهل الأرض، ومن أحكمهم، وإن كان يطبق الشريعة بحذافيرها، فهو أيضًا كافر، وفاسق، وظالم ما دام ليس منتميًا لهم يحقق مصالحهم.

وكل حاكم ينتمي إليهم فهو من أهل الإيمان، والفضل، والإسلام، والإحسان، والحكم بما أنزل الله، ولو كان أفجر خلق الله، وأظلمهم، وأفحشهم، وأخونهم للدين، وللوطن، وأبعدهم عن دين الله، وعن الإيمان، والفضل، والإحسان.

والحاصل أنه يتم تحريف رسالة الإسلام لتتماشى مع المتطلبات السياسية لجماعة الإخوان، وما انبثق عنها من جماعات متطرفة، فيتم ليِّ عنق النصوص، بل كسرها كسرًا، لتكون في صالح تلك الجماعات المتطرفة، ولكي تضفى عليها القداسة، والحق الإلهي المطلق في السيطرة على الشعوب، والقفز فوق كراسي العروش في كل الأمم!

ولكي يصبغها بصبغة الصواب الكامل، وذلك لتبدو أفعالهم في الأخير مختومة بخاتم الرب الجليل لا يجوز الاعتراض عليها، ولو من قبل الرب نفسه! ومن يعترض عليها فقد كفر!

فهذه هي نتيجة تفسيرهم الخاطئ للإسلام العظيم، وهو أمرٌ جلل يستوجب منا جهدًا كبيرًا جدًا لمقاومة هذه الأفكار الخبيثة وتفنيدها، وأن نتحمل مسئوليتنا تجاه ديننا، وطننا، وإلا فهي الخيانة العظمى لله ولرسوله– صلى الله عليه وسلم-وخيانة عظمى للوطن.
Advertisements
الجريدة الرسمية