رئيس التحرير
عصام كامل

«صديق مبارك الحميم».. قصة إسرائيلي عراقي دفن المصريين أحياء

فيتو

 أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن وفاة وزير الدفاع السابق، بنيامين بن أليعاز، والذي تربطه علاقة وثيقة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، ولقبه الإعلام الإسرائيلي والمصري بـ"صديق مبارك"، وذلك عن عمر ناهز 80 عامًا.


وأكدت وسائل الإعلام العبرية أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع تدهورت حالة الوزير السابق، ودخل إثر ذلك المستشفى، حيث تم حجزه في مستشفى «أساف هاروفيه»، ثم نُقل إلى مستشفى إيخيلوف، حيث تُوفي.

 برز اسم بنيامين (فؤاد) بن إليعازر بقوة على مسرح الأحداث بعد فوز رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في فبراير 2001، حيث تولى وزارة الدفاع التي أوكلت إليها مع غيرها من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مهمة إخماد انتفاضة الأقصى، وكانت حصيلة الشهداء منذ قبول بن إليعازر لهذا المنصب في مارس حتى نهاية ديسمبر من عام 2001 أكثر من 600 شهيد وقرابة 20 ألف جريح.

1- المولد والنشأة

 ولد بنيامين بن إليعازر في العراق عام 1936، وهاجر إلى إسرائيل عام 1949 بعد عام واحد فقط من إنشائها، حيث كان يبلغ من العمر آنذاك 13 عامًا، وفور إنهائه دراسته الثانوية التحق بكلية القادة والأركان، ثم استكمل دراساته العليا في كلية الأمن القومي بتل أبيب.

2- حق الفلسطينيين

لا يعترف بن إليعازر بحق الفلسطينيين في الوجود داخل القدس، سواء الغربية أو الشرقية، ويعمل جاهدًا لتقليص عددهم هناك، ويعتقد بأنه لا يوجد غير قدس واحدة أبدية هي عاصمة الدولة العبرية، وعن ذلك يقول "أرفض قبول فكرة القدس الشرقية، فثمة قدس واحدة فقط، وإن خططي ترمي إلى دعم القدس وتلبية احتياجاتها".

ويؤمن بحتمية المستوطنات الأمنية لا السياسية لضمان بقاء إسرائيل، ويعمل جاهدًا على بنائها سواء في القدس التي قال في أثناء الاحتفال بتدشين ضاحية جديدة في مستوطنة إفرات بجنوب بيت لحم عام 1995، إن هذه المستوطنات "جزء لا يتجزأ من حزام الدفاع عن القدس"، أو في غيرها من الأراضي المحتلة، لذلك لم يكن مستغربًا أن تزداد أعداد الوحدات الاستيطانية في معظم الأراضي الفلسطينية لتبلغ 24 ألفًا و500 وحدة استيطانية استوعبت نحو 50 ألف يهودي في معظم الأراضي الفلسطينية، وكان نصيب القدس وحدها من هذا العدد 22 ألف مستوطن، أي أن عدد المستوطنين ازداد خلال عامين ونصف العام فقط من تولي بن إليعازر وزارة البناء والإسكان بنسبة 20% عما كان عليه الحال طوال 25 عامًا مضت.

3- بناء المستوطنات

ولم تكن سياسة بناء المستوطنات الأمنية بعيدة عن نظرته لمفهوم الأرض الفلسطينية التي يؤمن بضرورة مصادرتها إذا كانت المستوطنات في حاجة إليها، فبعد عام واحد فقط من توقيع اتفاق أوسلو (1994) صادر بن إليعازر 30 ألف دونم في الضفة الغربية، و535 دونمًا في القدس الشرقية، الأمر الذي استحق بسببه أن يُطلق عليه بجدارة داخل إسرائيل وصف "شارون الصغير".

ولم يكن هذا الوصف ليتأكد فقط من توسعه في مصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات، ولكنه تأكد بصورة كبيرة منذ توليه وزارة الدفاع في حكومة شارون "الكبير" في مارس 2001، حيث تورط في قتل أكثر من 600 فلسطيني وجرح قرابة 20 ألفًا آخرين منذ ذلك الوقت حتى الآن، وكان أول وزير دفاع إسرائيلي يستخدم طائرات الـ"إف 16" الأمريكية الصنع في ضرب مواقع فلسطينية منذ حرب 1967، الأمر الذي رفع شعبيته داخل المجتمع الإسرائيلي الذي بات أكثر من أي وقت مضى يبحث عن الشخصية الأكثر عنفًا لتعيد إليه أمنه المفقود.

قضى بنيامين بن إليعازر معظم سنوات حياته في الجيش الإسرائيلي، وتولى خلالها العديد من المناصب، فبدأ حياته العسكرية في أحد ألوية الجيش الإسرائيلي في الجولان السورية المحتلة، ثم تدرج في المناصب حتى أصبح قائدًا لسرية، وفي حرب 1967 كان قائدًا لفرقة استطلاع داخل سيناء، وبين عامي 1970 و1973 سافر إلى سنغافورة للعمل ضمن البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية هناك.

4- حرب 73

واتهم بن إليعازر خلال حرب 67 بدفن 250 جنديًا مصريًا أحياء في سيناء، وفي حرب 1973 كان بن إليعازر نائبًا لقائد لواء مدرع في سيناء، وبانتهاء الحرب صدر قرار بتعيينه قائدًا لأحد ألوية الجيش في المنطقة الشمالية، وألغيت زيارة له إلى القاهرة عام 2007 بسبب دعوى قضائية مرفوعة ضده.

ولعب بن إليعازر دورًا مهمًا في جنوب لبنان عام 1977، خاصة في محاولاته التنسيق بين الجيش الإسرائيلي وبعض المسيحيين اللبنانيين، وبين عامي 1978 و1981 تم تعيينه حاكمًا عسكريًا للضفة الغربية وقطاع غزة.

ترك بن إليعازر الجيش لمدة قصيرة في عام 1981 حاول خلالها دخول الكنيست، فانضم إلى حزب «تامي» بزعامة أهارون أبو حتسيرا، وعُين سكرتيرًا عامًا للحزب، ورشح نفسه في انتخابات 1981 لكنه لم ينجح، فعاد مرة أخرى إلى الجيش ليعمل منسقًا للأعمال في الضفة الغربية وقطاع غزة في الفترة من 1983 إلى 1984.

5- دخول الكنيست

قرر بن إليعازر ترك الجيش مرة ثانية عام 1984 ليجرب حظه في دخول الكنيست على قائمة حزب «ياحد» بزعامة عذرا وايزمان، وتكللت جهوده هذه المرة بالنجاح بعد أن فاز الحزب بثلاثة مقاعد برلمانية، وفي عام 1988 وبعد أن قرر "وايزمان" دمج حزبه مع حزب العمل أصبح بن إليعازر العضو الخامس والعشرين في قائمة الحزب التي فازت في انتخابات الكنيست الثاني عشر، وعمل ضمن فريق الحزب في لجنة الشئون الخارجية والأمن في الفترة من 1984 إلى 1992، وكذلك في الفترة من 1996 إلى 1999، وضمن فريق لجنة العمل والشئون الاجتماعية في الفترة من 1984 إلى 1988، ولجنة الإسكان من 1984 إلى 1988، ورأس اللجنة البرلمانية للصداقة الإسرائيلية الكندية من 1988 إلى 1992.

في عام 1992 فازت قائمة حزب العمل في انتخابات الكنيست الثالث عشر والتي كان بنيامين بن إليعازر يحتل المرتبة الرابعة فيها فاختير لمنصب وزير البناء والإسكان. 
وفي يوليو 1999 اختير وزيرًا للاتصالات ونائبًا لرئيس الوزراء السابق إيهود باراك وظل محتفظًا في الوقت نفسه بمنصبه وزيرًا للبناء والإسكان حتى مارس 2001. 
تولى حقيبة وزارة الدفاع في حكومة شارون بعد فوزها في مارس 2001، وفي نهاية ديسمبر 2001 فاز برئاسة حزب العمل بعد أن تغلب على منافسه رئيس الكنيست إبراهام بورغ، وأصبح الطريق شبه ممهد أمامه ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الوزراء في انتخابات عام 2003.

6- اعتزال السياسية

وأعلن بن إليعازر صديق مبارك الحميم، اعتزال الحياة السياسية نهاية عام 2014 بعد مرور ‏30‏ عامًا في الكنيست.

وجاء قراره بحسب صحيفة «معاريف» العبرية حينها، خلال خطاب كتبه لرئيس الكنيست قال فيه إنه لن ينتظر إلى ما بعد الانتخابات، وينوي الاستقالة من الكنيست فورًا.

وتحدث بن إليعازر في خطابه أيضًا عن التهم الموجهة إليه مؤخرًا، قائلًا: "إضافة إلى الصعوبات الصحية، في الأشهر الأخيرة، أدير نضالا حادًا على سمعتي الطيبة".

وأضاف بن إليعازر في الخطاب: "أثق جيدًا في السلطات القانونية والعدل في دولة إسرائيل، وأنا متأكد، أنه في نهاية الإجراء، سيتم تطهير سمعتي ولن يتم العثور على أي خلل في أعمالي. 

وتابع: "طوال حياتي العامة عملت باستقامة، بنزاهة وشفافية، أريد متابعة النضال من أجل سمعتي واحترامي، ومن أجل الحقيقة".

7- متهم بالفساد

وفى فبراير الماضي قررت المحكمة الإسرائيلية إصدار حكم غيابي، على عضو الكنيست وزير جيش الاحتلال السابق، بنيامين بن إليعازر، في عدة تهم اختلاس.

واتهم بنيامين بن إليعازر، باختلاس أكثر من مليوني شيكل من رجال أعمال مقابل تسهيلات قام بها مستغلًا عمله موظفًا حكوميًا.

تم اتهامه أيضًا بتلقي أموال بقيمة مئات آلاف الدولارات في عملات أجنبية لم يعلن عنها وخبأها في خزانات داخل منزله وفي مصرف، على ما يبدو، متهربًا من قوانين الضرائب والشفافية المفروضة على أعضاء الكنيست، وورد أنه استخدم الأموال لشراء العقارات، ومن ضمنها شقة في يافا.

وذكرت تقارير إسرائيلية أن القاضي جورج قرة ومحامي بن إليعازر الذين قالوا إنه لا يجوز إجبار الوزير السابق، الذي يعاني من أمراض في الكلية، وافقا على عدم حضور بن إليعازر الجلسة نظرًا لأوضاعه الصحية.
الجريدة الرسمية