رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الإنجازات الوهمية


الإنجاز هو الأمر الخارق للعادة، والشيء الذي تم إنجازه في ظروف غير طبيعية، وفى وقت قياسى هذا هو تعريف كلمة إنجاز ولكن في مصر نحن لدينا قاموس آخر للكلمة يختلف تماما عن جميع البشر والدول والقواعد المتعارف عليها قاموس لا يعرفه غير المصريين.


حتى أصبحت كلمة إنجاز على لسان جميع المسئولين بدرجاتهم المختلفة حاضرة بمناسبة وبدون مناسبة من أول الوزير حتى الغفير، فحصول مصر على ثلاثة ميداليات في أولمبياد ريو جانيرو بالبرازيل إنجاز وحتى مجرد المشاركة بدون تحقيق ميدالية واحدة إنجاز ورفع علم مصر في حفل الافتتاح وسط باقى الدول إنجاز، ومجرد اللعب في الألمبياد في حد ذاته إنجاز.. هذا في الرياضة والأمثلة كثيرة لا حصر لها.

 وفى الصحة هناك إنجازات كثيرة تسعد المرضى فمجرد دخولك أبواب المستشفى فهذا إنجاز ليس مهما وجود سرير لك أو حصولك على الدواء الذي تريده أو إجراء عملية جراحية، ثم يخرج وزير الصحى في مؤتمر صحفى متحدثا بكل جرأة أن ما تحقق في قطاع الصحة إنجاز غير مسبوق، فبضل الله تمكنا من بناء وحدات صحية في القرى ونجحنا في صيانة عدد من المستشفيات وقمنا بشراء عدد من الأجهزة الطبية الجديدة.. أين هو الإنجاز الذي تحقق فهذا هو الطبيعى، فدورك هو بناء الوحدات الصحية في القرى ورفع كفاءة المستشفيات وشراء أجهزة جديدة الإنجاز.

ما يستحق أن يطلق عليه إنجاز هو علاج مرضى فيروس سى، لأن هذا أمر غير مسبوق في مصر أما دون ذلك فهو العادى والطبيعى.

وإذا استعرضنا الإنجازات في المحليات فهى كثيرة ومتنوعة، فإزالة الإشغالات إنجاز ورفع القمامة من الشوارع وطلاء الأرصفة إنجاز، وزراعة شجرة واحدة أمر خارق للعادة وعودة المياه بعد انقطاعها شهرا كاملا حدث يجب أن نتوقف عنده كثيرا ونسجل إعجابا بالمسئول الذي نجح في هذا الإنجاز التاريخى ولابد من ترقيته لدرجة محافظ.

أما في التعليم فالإنجازات كثيرة وغير مسبوقة فمجرد إجراء الامتحانات في موعدها إنجاز وعدم سقوط البوابات الحديدية على التلاميذ أمر يجب أن يسجل في سجلات الأرقام القياسية وبناء مدارس جديدة أمر خارق للعادة لم يتكرر منذ سنوات طويلة وعدم تسريب امتحانات الثانوية العامة سوى قبل الامتحانات بساعات قليلة إعجاز بشرى سوف تتوقف عنده الأجيال الجديدة بكل فخر وإعزاز وتوفير أماكن لجلوس الطلاب أمر يستحق الثناء ووصول الكتب في نهاية العام وليس العام الجديد يستحق القائمين عليه مكأفاة كبيرة وانتقال الطلاب من الصف الأول إلى الثانى في ظل الظروف التي تعيشها البلاد أمر لم يتحقق من قبل وكأن الطبيعى أن يظل الطلاب للأبد في الصف نفسه.

وفى الزراعة حدث ولا حرج، فالزراعة في حد ذاتها إنجاز ونضج المحصول في الوقت المحدد له يجب أن نتوقف عنده كثيرا، ليس مهما تحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض المحاصيل فهذا أمر خارق للعادة، وأمامنا الكثير حتى نصل إلى هذه المرحلة من الإعجاز البشرى واستلام المحاصيل من الفلاحين بعد انتظار أيام طويلة أمام أبواب الشون أمر لم نعهده في السنوات الطويلة الماضية ويستحق القائمون عليه أن نطلق أسماءهم على الميادين الرئيسية..

 للأسف الأمثلة كثيرة في كل القطاعات فقد حولنا الطبيعى إلى إنجاز، والأمر العادى إلى أمر غير مسبوق تحقيقه وحق المواطن إلى رفاهية لم يرها من قبل، حتى أصبح كل ما تقدمه الحكومة إلى المواطن إنجاز تاريخى غير مسبوق ولم تشهده مصر منذ مئات السنين حتى لو كان حصول المواطن على رغيف خبز دون طوابير.

الإنجاز الذي يقبله العقل في مصر خلال الفترة الماضية مشروعات مثل قناة السويس الجديدة ومشروعات الطرق ومحطات الكهرباء، وفيما عدا ذلك إنجازات وهمية فليس كل عمل يقال عنه إنجاز حتى لو كان رصف شارع في حارة شعبية.
Advertisements
الجريدة الرسمية