رئيس التحرير
عصام كامل

كيف يهاجم مهنا النمنم بهذه الطريقة؟!


ساعات على تصريحات الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة أمس في مؤتمر السلام المجتمعي بالهيئة الإنجيلية بالإسكندرية وفوجئنا-والوزير بالقطع-بهجوم عنيف من الدكتور محمد مهنا مستشار الإمام الأكبر شيخ الأزهر.. الهجوم واحتراما للأزهر يمكن وصفه على الأقل بالقاسي جدا وغير المتوقع بألفاظه وطريقته.. الوزير قال حرفيا: "ليس هناك مجتمع ميال بالفطرة للعنف ولكن هناك ظروفا اجتماعية تولد هذا العنف ولابد من مواجهتها" وقال "المجتمع المصرى شهد مؤخرا احتدادا طائفيا لأول مرة بعد الثورة مثلما حدث في المنيا والتي اختفت تماما في فترة الثورة خاصة بعد خروج الشباب القبطى من حضن الكنيسة إلى حضن الدولة وكانت بادرة طيبة".


قال أيضا: "إن المجتمع المصرى يجب أن يتحلى بالشجاعة ومواجهة ظاهرة العنف حيث يعانى المجتمع المصرى من قصور في النواحى الثقافية والتعليمية وذلك يرجع إلى عدة أسباب منها توغل التعليم الأزهرى في مصر، حيث يشكل التعليم الأزهرى نسبة كبيرة في مصر وهو أمر لابد من إعادة النظر فيه وكذلك إعادة النظر في المناهج الدينية التي تدرس في المعاهد الأزهرية" !

ربما كانت تصريحات النمنم-مع حفظ الألقاب-محل اتفاق من الكثيرين، بما فيهم ازهريون يعترفون بضرورة تنقية المناهج وهو ما يقولون إنه يحدث فعلا..والجميع يتفق أن العنف ظاهرة غير مقبولة في مجتمعنا، وأنها إفراز لجملة أسباب طارئة وستختفي متي اختفت أسبابها..فما المبرر أن يرد مستشار الإمام حرفيا مساء أمس على قناة العاصمة فيقول عن الوزير: "إنه يصنع فتنة طائفية ويمزق المجتمع وابتلينا بوزراء متتابعين يعيشون بيننا أغراب وأفكارهم مستوردة تربوا عليها ويريدون أن يفرضوها على الأمة"!

ثم يضيف:"أتعجب من هذا البلاء الذي نراه كل يوم من هؤلاء.. ولا أصدق أن يصدر هذا التصريح من وزير مسئول ينمي ثقافة بلاده"! ويضيف: "هذا الوزير يمزق الأمة في عقر دارها ويلعب على نفس وتيرة الفتن الطائفية"!

بالطبع هناك حدود لوضع علامات التعجب تحتمها مساحة المقال وأي مقال..فكيف لموظف كبير في الأزهر أي في الدولة أن يتحدث عن وزير في الدولة بهذه الطريقة؟ وما سر المعارك التي يدخلها الأزهر مع وزارة بعد أخرى؟ وإذا كان النمنم هاجم التعليم فهل يغضب وزير التعليم ويهاجمه؟ وانتقد ظاهرة التشاحن الطائفي فهل تهاجمه الكنيسة؟ وأليس هو النمنم الذي دافع عن الأزهر في قضية إسلام بحيري وقال إن الأزهر بريء من حبسه؟ وماذا تبقي من مصطلحات متظرفة من عينة " العلمانيون ال.." التي يستخدمها المتطرفون ليصف الدكتور مهنا بها وزير الثقاقة؟ وهل هذه مصطلحات في الرد على وزير من عينة""ابتلينا بوزراء" و" أفكارهم مستوردة" و"يعيشون بيننا أغراب" و"أتعجب من هذا البلاء" و"هذا الوزير يمزق الأمة"؟!! وأين الحكمة والموعظة واللين؟ وإن كان الدكتور مهنا من رموز الاعتدال كما يصفونه فماذا عن متشددي الأزهر؟!

بالطبع تناولنا الأمر عند حدود رد من الدكتور مهنا الذي يعمل مستشارا للمشيخة على الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة، وليس باعتباره أزمة بين مؤسستين (المشيخة والوزارة) ولا يصح أن يكون..ولذلك يحتاج الأمر إلى تداركه سريعا ولكن الأهم وبعيدا عن الموضوع: هل بات الأزهر فوق المناقشة؟ لا نقول فوق النقد ونبقي الأمر عند حدود المناقشة لكن مجرد طرحنا السؤال الأخير بصيغته السابقة مؤشر خطر جدا على مؤسسة عريقة وكبيرة ومهمة يريد البعض أن يحولها شيئا فشيئا إلى كيان مقدس لا يجوز الاقتراب منه، رغم انهم يعلمون الناس قول الإمام مالك "كل يؤخذ من رأيه ويرد إلا صاحب هذا المقام" ويشير إلى مقام الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يقصد أنه لا عصمة لأحد من البشر أم أن للدكتور مهنا رأي آخر؟!!
الجريدة الرسمية