رئيس التحرير
عصام كامل

لأني لست الوحيدة وابني

فاطمة مهدي
فاطمة مهدي

رغم أني أحيا بحب وبذنب كبير تجاه ابني كوني كنت شريكا في إن أتيت به للعالم الشرير، ألوم نفسى دائما، لأنى لم احسن اختيار والده الذي ذهب مع الريح.


لا أقولها استدرارا لمشاعر، ولا أقولها لشيء ولا مجرد نصيحة الطبيب بالفضفضة عالورق وعدم الكبت، احكى مشكلة يتعرض لها الكثير، اعتقد أن احتياج طفل لوجود أب شعور قد لا ينتهي، وخصوصا أنه ليس هنالك من يعوضه، نصحنى الجميع بالزواج لكننى لم أره حلا أبدا، ربما لأني من الناس اللى بتعمل اللى عليها، أنا لم أقاض والد ابني طول حياته وطول 6 سنوات كان عايشها مقرر مايشوفش ابنه، عاش ومات ماصرفش قرش على ابني.

كنت باقول لابني إنه مسافر لعله في يوم ضميره يصحو وماحبتش أشوه صورة الأب في عينه، لأنه ذلك الذي شب على الحنان والاهتمام والحيوانات الأليفة گ قطط وكلاب في منزل جدتي حيث نعيش، ورأي بأم عينيه مدى اهتمام القطط والكلب بمواليدها الصغار، فقطعا لم يكن ليستوعب أن هناك بشريا قرر أن يتنصل منه راضيا مرضيا بكل ضمير مرتاح فآثرت الكذب عليه بقصص السفر.

كان ممكن اعمل حاجات كتيييييير 90% منها حق على شويتين باطل، وشغل محامين وكنت هبقي بوب الكنتالوب، الشقة والعفش وكل ما سلبنيه في طلاق الإبراء كان هايرجع بس انا ماعملتش كده عشان مش انا اللى استجدي حاجة وخصوصا إني ماقصرتش في حق ابني، وبفضل الله وأمي لم يكن محتاجا لشيء قدر استطاعتي.. بس اكتشفت إني كنت غلط.. 100%غلط!

شخصنتي للحكاية ضيعت حق ابني، وضعت لنفسي وكرامتي طرف ضيع حق ابني في إنه يكون له مكان وسط ناس المفروض إنهم أهله.. ناس كل اللي بيزعلهم إني من وقت للتاني باتكلم..بافضفض عشان مانفجرش، وحين صرحوا بزعلهم طلبت منهم عيانا بيانا أن يكذبوني ويردوا ويقولولي ماحصلش انتي كاذبة ظالمة مدعية.. اخونا كان بيصرف على ابنه وبيحبه وبيمارس دور الأب وانتي ظالمة لكنهم فضلوا الطريق السهل وآثروا إنهم يزعلوا.. يمكن لأنهم مابيقوموش بأي دور ناحية ابني على نهج اخيهم، يمكن لأن اللى كان بينا كام شهر معدودين بمبلغ قرروة) واظنه كان مقابل إني اقوم لهم بدورهم هما وانا اللى اصل واتصل واذهب بابني لأطرق الأبواب.. ربما

أنا عايشه بجرح كبير أوان علاجه فات، وأنا قصرت في حق نفسي والمسكنات مش حل..

وفي وسط كل هذا الزخم ومن عمق هذا الجرح أحاول جاهدة أن اربي ابني كرجل، أربيه بأخلاقي وطباعي وما في قلبي من أنفة وإباء وما في شخصيتي من رجولة وقوة، ولكن معضلتي تبقي في ماذا افعل حين يحتاج نظرة حازمة، حضن قوي، قعدة على القهوة.. ماذا أفعل حين يحتاج ابني مجتمعا من الرجال وأحاديثهم ونبرات صوتهم الخشنة وسط الشايات والقهاوي وأدخنة الشيشه مثلا، هذا المجتمع غير الصحي ولو كمصل كيف لي أن أوفره

حرصت على المدرسة الجيدة والنادي والفسح والسفر قدر المستطاع، والإشباع العاطفي طوال الوقت كي لا أترك فراغا يتسلل منه غريب، نظرتي المتابعة تمتد للسائق والبائع والمدرس والمدرب خشية لمسة تحرش..خشية أن يدفعه أحدهم..خشية أن يروه صغيرا ابنا لأمراة بلا غطاء رأس لا رجل بصحبتهم فهم صيد سهل أحرص وأحرص وأحرص ووسط كل هذا الحرص اأرص على أن يكون مستقلا.. غير تابع.. ذا رأي.. قوي الشخصية كيف تتحقق نتيجة المعادلة.. لا اعلم واشكر ربي في صمت.. ربما يد الله تتدخل

حين كانت أسرة ابني من طرف أبيه لا وجود لها لمدة 6 سنين ونصف تقريبا  كان يراهم أناسا رائعين بسبب ماكنت أقول وأنسج من خيالي الكبير، وحين تقارب لمدة شهور لم تكمل السنة عاشر ورأي وجرب وكون رأيه المستقل، وعاب على مبالغتي في تجميل الصورة التي رأها بلا أي رتوش ورأي مكانه القصي البعيد فيها.

أخشي ما أخشاه أن تلعب ذاكرة الطفولة اللعينة دورها ولا ينسي فيتغافل عن عطاء لامحدود ملك يمينه، ويبقي احتياجه لحرمان فرضه من بلا ضمير، أخشي أن يتغافل عن فانوس العيد في ميعاده وهدية الكريسماس في ميعادها وكل الصغائر التي تسعد الأطفال، ويتذكر فقط كل من كان واجبه أن يفعل ولم يفعل، لا أريد أن أربي ابني بالخوف، ولكني جد خائفة من كل شيء.. لا أنكر أن هذا الخوف ثقلني وقواني وجعلني بقلب محارب، لكن كيف لي أن اخرق حاجز الغيب، لأري ماسيكون عليه قلبه فأصلح أعطاب الأشرار، كيف لي أن أصنع له عالما سعيدا وأناسا محبين ونجاحا مبهرا وقلبا أخضر لايغيره الزمن؟ كيف لي أن أضمن له سعادة وأمان واكتفاء حين ارحل؟ كيف لي أن اكفر عن ذنبي يا الله؟
اكتب لي ولكم..
اكتب كي ارتاح وكي تتعلموا من تجربتي
اكتب كي لا تصمتوا على حقوق الأطفال
اكتب كي لا تكرروا خطأي
اكتب مستدعية إنسانية في قلوبكم.. رفقا وهونا بالأطفال كونوا لهم كما تحبون  أن يكونوا لكم حين يكبرون، اعطوهم حبا بلا حدود وتسامحا غير مشروط، وخيرا كثيرا كثيرا اعطوا اعطوا اعطوا كي تسدوا ثقوب الاحتياج في أرواحهم وكلمتي الأخير..

حين تروانطفلا وحيدا مع أنثي كانت من كانت.. عاملوه كرجل وادعموه كي يشب رجلا بصفات أنقي وأطهر عمن تخلي عن الوجود سندا له سواء قصرا.. أو طوعا.

دمتم بقلوب أطفال محبين عادلين أنقياء.
Advertisements
الجريدة الرسمية