رئيس التحرير
عصام كامل

درس «أحمد جويلي» الذي لم يستوعبه «خالد حنفي»!


كما قلنا في مقالات سابقة.. فلا توجد مأساة إلا ولها جانب من الكوميديا مهما كانت مساحته وبسبب ذلك قالوا قديما "شر البليــة ما يضحك".. وفي أزمة الوزير خالد حنفي توجد المأساة وتوجد الكوميديا.. المأساة أن الوزير الذي أبهر الناس في الأشهر الماضية بعد ضبط منظومتي الخبز والتموين مع إنجاز آخر يحسب له وهو إعادة الروح لمجمعات الدولة الاستهلاكية التي تحولت إلى مأوى للقطط والفئران في العشرين عامًا الأخيرة وبعضها تحول سابقًا إلى منافذ لبيع السلع بسعرها في السوق وهو ضرب في مقتل لهدف هذه المجمعات !


صحيح التوجه الأساسي في ذلك هو توجه دوله ونظام والوزير منفذ له لكن يبقى هو في صدارة المشهد بعد أن استأمنته الدولة على الإنجاز.. وطالما تصدر الوزير مشهد الإنجازات الكبرى كان منطقيًا أن يتصدر أيضًا مشهد الإخفاقات أيضًا.. وصحيح أيضًا أن وزارة التموين وكر من أوكار الفساد في مصر السنوات الطويلة السابقة، والتي تحولت من أمن وأمان المصريين منذ وزيرها الأشهر في الستينيات الدكتور رمزي استينو، مؤسس المنظومة كلها وإلى آخر وزرائها قبل ضرب دورها في الصميم وهو أحمد نوح وزيرها الأسبق ومرورًا بأطهر وزراء التموين في تاريخها أيضًا وهو الدكتور أحمد جويلي الذي حاول أن يعيدها إلى دورها الحقيقي بما تيسر له من فرص وإمكانيات فخرج من الوزارة رغم شعبيته الهائلة، بينما بقي فيها يوسف بطرس غالي ويوسف والي !

على كل حال.. إدانة الوزير في أي قضايا مسئولية القضاء بعد جهات التحقيق إنما نتكلم فيما رأيناه وفيما نعرفه ومن بين ما رأيناه كان هناك حوار مهم جدا أجرته "الوطن" أمس مع رئيس شركة السكر وقال كلاما مهما جدا على مافيا السكر وأكد فيه أن كل التفاصيل قدمها للرئاسة قبل فترة وبالطبع الحوار اجري على الأقل قبل أيام !

في كل الأحوال دفع الوزير ثمن الفساد حوله وأمامه وقد انتصر عليه في نهاية الأمر ويبقى -ويجب أن يبقى- درسه مع جويلي ( مع الفارق الكبير حيث انتصرت الدوله وقتها للفساد على حساب جويلي، بينما استبعدت الدولة اليوم الوزير لعدم قدرته على التصدي للفساد) قائما أمام أي وزير قادم ففي وزارة التموين قوت المصريين ومخزونهم وخصوصا الغلابة منهم وما يحصلون عليه حقوقهم التي غابت طويلا حيث ذهبت لجيوب الكبار بالقوانين الظالمة مرة وبمخالفة القوانين الأخرى مرات والخلاصة أنها أموال فقراء مصر ردت إليهم ولكن نريدها أن ترد إليهم كاملة غير منقوصة ولن يتحق ذلك إلا بالقضاء التام على المافيات الكبيرة وشبكات النهب المنظم وهو ما يحتاج التفافا حول إجراءات الحرب على الفساد لأنها إجراءات طالب بها المصريون وتأخرت كثيرًا ولا يحتاج الأمر إلى الصراخ والبكاء عن حال البلد المنهوب عند الكشف عن أي قضية !!

وشكلا.. تبدو استقالة الوزير بطلب من الحكومة والحكومة لا تفعل ذلك إلا إذا طلبت الرئاسة وطريقة تقديم الاستقالة وكتابتها على ورق عادي وبخط اليد تحوي أخطاء إملائية مشطوبة تؤكد الارتباك والعجلة فيها وطلبها فجأة.. وتبدو الأسباب الشكلية أيضًا خطأ الوزير عندما قال "إنه لن يستقيل ولن يقال" وهي مصادر غير مقبولة على رأي القيادة السياسية وكان الأفضل والأكثر دقة أن يتحدث عن نفسه بأنه "لن يستقيل" وهذا حقه وحده.. وهنا تبدو الكوميديا، حيث ظل االكثيرون يتساءلون الأيام الماضية.. هل سيستقيل حنفي؟ وهو يرد.. لا لن أستقيل.. ويتكرر السؤال وتتكرر الإجابة حتى كان الختام أمس.. صرخت فجأة الحكومة وقالت: حنفي !! فجاء رد حنفي على الفور: خلاص.. هتنزل المرة دي.. و"استقال" الوزير على الفور !!
الجريدة الرسمية