رئيس التحرير
عصام كامل

د. مختار الشريف أستاذ الاقتصاد: الأجور التي تدفعها الدولة للموظفين «معونة اجتماعية»

فيتو



  • أرفض تعويم الجنيه وأؤيد مرونة سعر الصرف
  • ركود قناة السويس غير صحيح.. وإيرادات الـ 5 مليارات دولار تثبت أنها لم تخسر
  • الدولة تعاني من التضخم الكبير في الجهاز الوظيفي
  • نحن شعب تعود على التملص من المسئوليات
  • يجب تطبيق قانون الضرائب على المتواجدين بالداخل قبل البحث عن المتهربين بالخارج
  • ارتفاع الدولار مقابل الجنيه لا يتم بإرادة البنك المركزي
  • قرض صندوق النقد ضرورة حتمية والصندوق لم يملى علينا شروطا
  • رفع الدعم ضرورة كان يجب تحقيقها منذ وقت مبكر

حاوره: إيمان مأمون - جمال عبد الناصر - ميرفت أبو زيد
تصوير: ريمون وجيه

هل ينقذ قرض "صندوق النقد الدولى" تعثر الاقتصاد المصرى؟ وهل تشكل قيمة القرض البالغة " 12 " مليار جنيه على مدى ثلاث سنوات طوقا للنجاة تعود بعد اللجوء إليه عجلة الاقتصاد للدوران مرة أخرى؟.. أسئلة تدور في أذهان المتابعين للشأن العام وللحالة الاقتصادية في مصر بشكل خاص، لنرى فريقا يرفض هذا القرض بدعوى أن شروطه سيفا مسلطا على رقاب المواطن البسيط، لما يتبعه من ارتفاع في الإسعار وتحصيل مزيد من الضرائب وتقليص في المرتبات.. إلا أن هناك فريقا آخر يؤيد لجوء الحكومة إلى "صندوق النقد" ويرى في قرضه الملاذ الأخير الذي يمكن أن ينعش الاقتصاد المصرى ويفيقه من غيبوبته.
وفى هذا الصدد استضاف "صالون فيتو" الدكتور "مختار الشريف" أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة؛ للوقوف على تداعيات اقتراض مصر من صندوق النقد الدولى.

*لماذا لجأت مصر للاقتراض من اللجوء صندوق النقد الدولي، ورؤيتك حيال أزمة النقد الأجنبي في مصر؟
قبل الحديث عن الأسباب لا بد من التطرق بالحديث إلى مصادر المتحصلات من النقد الأجنبي في مصر، والتي تعاني من نقص كبير جدًا، فكان أهمها هو السياحة والتي كان تدر 13 مليار دولار سنويًا تلك العملات كانت سريعة الحركة والتداول، فتنساب مباشرة إلى المجتمع، وهذا الرقم كبير جدًا بالمقارنة بالمنح أو القروض التي أخذتها مصر من الدول العربية، أما الدخل الحالي من السياحة فوصل في السنوات الأخيرة إلى 2 أو 3 مليارات دولار، وحاليًا يكاد يقترب من الصفر.
وبالتطرق إلى أزمة الطائرة الروسية، فنحن كنا على وشك تحقيق دخل 6 مليارات دولار في السنة من السياحة، ولكن وقع حادث الطائرة، أما المصدر الثاني، فيتمثل في تحويلات المصريين العاملين بالخارج داخل البلاد من النقد الأجنبي، والتي كانت تصل إلى20 مليار مليار دولار، لكن هذا الرقم انخفض إلى ما يقرب من 6 مليارات دولار، وهذا بسبب أن هناك قوى قاصدة متعمدة أن تشتري الدولار من العاملين في الخارج كي لا يدخل في خزينة البنك المركزي، فيتم شراؤه من المصريين في الخارج بأسعار أعلى مما يمكن بيعه به ثانيًا، كما أنه يعطي المصريين الدولار بالعملة المحلية قبل أخذ «الورقة الخضراء».

*هل هناك خطة لإنفاق هذا القرض فيما ينعش الاقتصاد المصرى؟
صندوق النقد، لا يقدم مشاريع ولا يعطي تمويلا لمشاريع، لكن الفكرة تأتي من أن كل دولة لها ميزان مدفوعات، أي كل دولة لها سجل تتعامل بناء عليه مع العالم الخارجي، تحته مجموعة موازين، مثل ميزان التجارة الخارجية، سواء للسلع أو الخدمات، لذا عندما يعطي الصندوق قرضا، فهو يعطيه لإصلاح الخلل في ميزان المدفوعات.

*قناة السويس ومحورها الجديد ألا تعد مصدرا هاما لتوفير النقد الأجنبي كبديل للسياحة؟
قناة السويس تعد المصدر الثالث لمصادر الدخل الأجنبي داخل البلاد، حيث تُدر 5 مليارات و400 مليون دولار، أما الأقاويل التي قيلت عن ركودها، فغير صحيحة فهي حققت 5 مليارات و200 مليون دولار، حيث حافظت على أكتر من 5 مليارات دولار، وبما أن القناة عالمية فنادرًا ما تجوب بها سفن مصرية، بالتالي شركات الملاحة العالمية هي التي تُخرج البيانات وتُعطي المؤشرات الحقيقية عن حركتها، لكن ينبغي أن ننظر إلى أن حجم التجارة العالمية في العالم أجمع انخفض، والذي أدى بطبيعة الحال إلى انخفاض عمليات الملاحة البحرية، وبالتالي العائد من التجارة العالمية انخفض الأمر الذي يشير إلى نجاح قناة السويس في التطوير الأخير لها، وهذا يعني أن القناة باتت تقضي على آمال أي مشروع جديد يريد منافستها، معنى محافظة القناة على أكثر من 5 مليارات دولار، فهذا يعني أنها لم تخسر، حيث أننا كنا نتوقع نقصان مواردها.

*ماذا عن الصادرات المصرية وتأثيرها على توافر النقد الأجنبي؟
الصادرات التقليدية شهدت مشكلات كبيرة في الآونة الأخيرة حيث إنها تحتاج لبعض مُدخلات وخدمات إنتاج تأتي من الخارج، وبالتالي تحتاج إلى عملة صعبة، وبالنهاية متحصلاتنا من النقد الأجنبي انخفضت، ليس بالتكهنات ولكن لأسباب واقعية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على أزمة الدولار.
في حين أن المشكلة التي نجابهها في الميزان الخاص بالتجارة الخارجية، هو نسبة ما تصدره مصر وما تستورده، وهذا الميزان الذي يحدد قيمة العملة الوطنية في مقابلة العملات الأجنية، ومنذ عام تقريبا كنت نستورد بـ60 مليار دولار، ونصدر بأكثر من 70 مليار دولار وهذا ما يُفسر، لماذا يتواجد لمصر 15 مليار دولار احتياطي بالبنك المركزي، لكن اليوم قيمة الصادرات انخفضت 20 مليار دولار، أما الواردات فتلامس ما يقترب من 90 مليار دولار، ومن هنا زادت الفجوة بين الصادرات والواردات، والحكومة غير مسئولة عن الإنتاج المباشر لكنها تُنظم وتُنسق، وهذا أثر على قيمة الجنيه أمام الدولار، وأقلل من قيمته أما العملة الخضراء.

*وهل الاقتراض يساهم في إحداث توازن في الموازنة العامة؟
الموازنة العامة بها خلل جوهري، بدأت منذ أوائل يوليو، وفي حين أننا نستعد لتطبيقها فتم تقييم العجز بها إلى ما يقرب من 320 مليار جنيه، ونحن لم نبدأ تطبيق أي شيء بها، كما أن الأجور تأخذ ما يقرب من 228 مليار جنيه، فيهم 7 ملايين موظف، تلك الأجور التي تنفق على الموظفين تُعد «معونة اجتماعية»، وذلك لأن الدولة تعاني من التضخم الكبير في الجهاز الوظيفي، وإذا تم عملية إصلاح يتم طرد 6 ملايين، وهذا يؤدي إلى مشكلة اجتماعية، فنحن ندفع التزامات للفوائد 300 مليار جنيه، يتبقى مبلغ لا يكفي للإصلاحات في جميع الجهات سواء في التعليم أو الصحة أو غيرها.

*لماذا نقترض 12 مليار بالتحديد وهل كان يمكن أن نحصل على المزيد؟
عندما أتقدم للاقتراض من صندوق النقد، فمن حقه مسائلتي عن كيفية السداد بالمواعيد المحددة وبمقدار الفائدة المحدد المتفق عليه، فالصندوق لا يعطي منحا وهبات، وعندما تعاملت مصر مع الصندوق، عليها أن تدفع رسوم تأسيس 2.8 مليار دولار داخل الصندوق لذا من حقها أخذ 4 أضعاف هذ الرقم.

*وماذا عن شروط صندوق النقد الدولي التي يرفضها البعض بدعوى أنها تزيد العبء على المواطن البسيط برفع الأسعار وتقليص الدعم ؟
لا تتواجد شروط بالمعنى المفهوم، كل ما يتم أن الصندوق يحتاج لخطة واضحة تقدمها الدولة توضح كيفية عجز الموازنة بها، ويبدأ مناقشة في الأرقام المقدمة، لكن الناس تترجم هذا أنه شروط، والخطأ الذي أريد توضيحه، أن الشرط الوحيد الذي يضعه الصندوق، هو أن مجلس النواب يوافق على القرض، وذلك لكون الشعب هو من يدفع قيمة القرض وليس الحكومة، حيث إن الحكومات تتغير.

*وماذا عن إلزام الصندوق لمجلس النواب بمجموعة من القوانين لتمريرها مثل الخدمة المدنية والقيمة المضافة؟
المشكلة تأتي من تواجد ضغوط على الموازنة العامة، والقيمة المضافة موجودة منذ بداية القرن الحالى، وليست مستحدثة، ولكنها كانت مرفوضة في المجتمع، لكونها تجعل هناك حسابات دقيقة للمواطن، ولابد من حصوله على فاتورة عند شراء أي شىء بها قيمة الضريبة، وبالتالي يعرف كل مواطن ما له وما عليه، ولن يؤثر ذلك على زيادة الأسعار إلا بنسبة بسيطة.

*يتوازى مع الحديث عن القرض الحديث عن رفع الدعم وارتفاع الأسعار فهل رفع الدعم الحل للأزمة الاقتصادية أم أنه من إملاءات صندوق النقد؟
الدعم بدأ في مصر منذ بدايات الحرب العالمية الثانية، ولم تجرؤ حكومة من كل الحكومات التي توالت منذ ذلك الحين إلى الآن على إلغائه، فالدول التي تقدمت عليها أن تبني نفسها بالطريقة الصحيحة، فالدعم مؤقت باسمه ومحتواه، ولا بد من رفعه لحل الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها، نحن نطالب بتحسين الخدمات، ولكن لم نفكر في كيفية التنفيذ، فأي دولة لديها أزمة حقيقية لن تنفرج قبل 2018 عليها أن نتكاتف لحلها.

*هل جمع الضرائب المتعثرة من المتهربين يساعد في حل الأزمة الاقتصادية؟
جميع الناس التي لها ملفات في الضرائب، ترفع قضايا، وبالتالي الأمر يطول لسنوات، فنحن شعب تعود على التملص من المسئوليات، لذا يجب علينا أولًا تطبيق قانون الضرائب على المتواجدين بالداخل، قبل البحث عن المتهربين ضريبيًا بالخارج وإدخالهم السجون.

*الأسباب الأساسية لأزمة الدولار في السوق المصرى؟، وكيف يكون الحل؟
الأسباب الأساسية وجود فجوة كبيرة بين الصادرات والواردات، لذلك العلاج هو العمل على زيادة الإنتاج، نستطيع من خلاله توفير استهلاك محلي وباقي للتصدير، والحل في مرونة التعامل في سعر الصرف، للجنيه مقابل الدولار، ربما يساعد في الأمر، أما التعويم فأرفضه تمامًا وهو ما يعنى أن أتركه للعرض والطلب الأمر الذي يؤدي استحالة الحياة بمصر، وهذا لا يعني أن ارتفاع الدولار مقابل الجنيه تم بإرادة البنك المركزيِ، وذلك لأننا نستورد أكثر من 95% من الخارج.

*بعد وصول القرض هل تتوقع أن ينتعش الاقتصاد المصري بشكل ملحوظ؟
ما يهمني في هذا الصدد هو توافر احتياطي نقدي في البنك المركزي، الأمر الذي يسمح بتنفس الصعداء، ستتواجد فترة التقاط أنفاس، وميزة الصندوق أنه يعطي قرضا بـ1.5% وفترة سماح تمتد لـ 5 سنوات، وبالتالي هو يعطي ميزات لم تستطع أي مؤسسة دولية منحها، فهو جاد جدًا في إعطاء القرض، وهذا سيؤدي إلى تواجد ثقة في المستقبل.
الجريدة الرسمية