رئيس التحرير
عصام كامل

التأمين الصحي بين دروس الماضي وآمال المستقبل (2)


وبدأ إنشاء مستشفيات التأمين الصحي في محافظات الجمهورية وتم الاستقرار على شراء الخدمة من المستشفيات القائمة عن طريق التعاقد، وكما كانت تلك أول خطوة في سبيل تغطية صحية شاملة إلا أن الخلفيات السياسية أدت إلى انحراف التأمين الصحى عن مساره تدريجيا، فالتأمين الصحي بالأساس هو تنظيم تعاوني يهدف إلى إنشاء صندوق تمويلى لتغطية تكلفة الخدمة الصحية لمن يحتاجها من المشتركين، أن عدم الاهتمام بالضبط المالي للإنفاق وزيادة الاشتراكات بالتوازي مع زيادة تكلفة الخدمة الصحية، وبدلا من ذلك تعددت القرارات السياسية الدعائية غير المدروسة بضم المزيد من المواطنين للتغطية التأمينية دون أي دراسة اقتصادية وباشتراكات رمزية وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع دون أي نظر للارتفاع المطرد في تكلفة الخدمات الصحية.


وبدأت الحكومات المتعاقبة في إجبار المستشفيات العامة والجامعية على قبول عقود إذعان مع التأمين الصحي بأقل من سعر التكلفة، وتم غض الطرف تماما عن أجور الفريق الطبى، مما كان له أكبر الأثر في تدهور الخدمات الصحية.

ففى عام 1975 صدر القانون رقم 79 وهو قانون للتأمين الأجتماعى شمل خمسة أنواع من التأمين، هي تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة / تأمين إصابات العمل / تأمين المرض / تأمين البطالة/ تأمين الرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات .
وبذلك أصبح اشتراك تأمين المرضى حصة صاحب العمل 3% من إجمالي الأجور الشهرية وحصة المؤمن عليه 1% من إجمالي الأجر الشهري.

كما يشمل تأمين المرض لأصحاب المعاشات مقابل 1% من المعاش الشهري لصاحب المعاش و2% من معاش الأرملة فقط بدون حصة لصاحب العمل .

أوضحت المادة 47 من القانون بالمقصود بالرعاية الطبية ما يلي:
•الخدمات الطبية التي يؤديها الممارس العام.
•الخدمات الطبية على مستوى الأخصائيين بما في ذلك أخصائي الأسنان.
•الرعاية الطبية المنزلية عند الاقتضاء.
•العلاج والإقامة بالمستشفى أو المصح أو المركز المتخصص.
•العمليات الجراحية وأنواع العلاج الأخرى حسب ما يلزم.
•الفحص بالأشعة والبحوث المعملية "المخبرية" اللازمة وغيرها من الفحوص الطبية وما في حكمها.
•صرف الأدوية اللازمة في جميع الحالات المشار إليها فيما تقدم.
•توفير الخدمات التأهيلية وتقديم الأطراف والأجهزة الصناعية التعويضية، وذلك طبقًا للشروط والأوضاع التي يحددها قرار من وزير الصحة بالاتفاق مع وزير التأمينات.

كما ألزمت المادة 86 من القانون الهيئة العامة للتأمين الصحي عند الاتفاق مع جهات العلاج أن لا يقل مستوى الخدمة عن الحد الأدنى الذي يصدر به قرار من وزير الصحة (لضمان الحد الأدنى لجودة الخدمة) .

وكما نرى فإن محتوى هذا القانون يرسم مستوى من الخدمات الصحية لم نره، ومن المستحيل أن نراه في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد بل أن أي منصف يرى أن الحقوق التي يتضمنها قانون 79 قد يتضمنها أي قانون جديد.

و في نفس الطريق وبدون دراسة اقتصادية تضمن تغطية تكلفة الخدمة صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1 لسنة 1981 وفيه أجاز القانون للأرملة الانضمام لمظلة التأمين الصحي باشتراك شهري بواقع 2% من المعاش المستحق لها.

وبالمثل وفي عـام 1992 صدر قانون 99 في شأن نظام التأمين الصحي على الطلاب بتطبيق التأمين الصحي على طلاب جميع المراحل التعليمية من رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية دون التعليم الجامعي، وذلك مقابل 4 جنيهات سنويًا اشتراك الطالب مع 12 جنيها دعم من الخزانة العامة للدولة لكل طالب مع مساهمة الطالب بواقع الثلث في ثمن الدواء خارج المستشفيات عدا الأمراض المزمنة، وقرر القانون تحصيل رسم قدره 10 قروش على كل علبة سجائر 20 سيجارة لصالح الصحة.

واستكمالا للقرارات السياسية ومع حلول عـام1997 صدر قرار وزير الصحة والسكان رقم 380 لسنة 1997 بشأن تطبيق التأمين الصحي على الأطفال من الميلاد، وحتى السن المدرسي، ويكون الاشتراك كما يلي 5 جنيهات اشتراك سنوي دون بيان كيفية ضمان تحصيلها، بالإضافة إلى ثلث ثمن الدواء خارج المستشفيات عدا الأمراض المزمنة.

وتبع ذلك في عام 2012 صدور القانون رقم 23 لسنة 2012 بشأن تطبيق التأمين الصحي على المرأة المعيلة– على أن تكون الاشتراكات السنوية التي تتحملها المرأة المعيلة بنسبة (1%) من الدخل بحد أدنى اثني عشر جنيهًا سنويًا. وتتحمل الخزانة العامة 200 جنيه عن كل امرأة معيلة، وتبع ذلك ضم ما يقرب من 7 ملايين فلاح بنفس الطريقة لمظلة التأمين الصحي حتى بلغ التغطية النظرية للشبكة أكثر من ستين مليون مواطن لكنها تغطية نظرية مستحيلة التطبيق بل وتعتمد على صعوبة الحصول على الخدمة وسوء مستواها في صرف المرضى إلى القطاع الخاص لتقليل التكلفة.
(يتبع)
الجريدة الرسمية