رئيس التحرير
عصام كامل

رؤية طموحة لتطوير التعليم.. عايدة نصيف


"الثقافة تأكل الاستراتيجية على الإفطار" مقولة شهيرة لبيتر داركر استخدمها أحد رؤساء الجامعات المصرية للتعليق على رؤية د.عايدة نصيف، أستاذة الفلسفة بجامعة القاهرة، نحو تطوير التعليم، وكأنه يبرر الخلل في أداء التعليم المصري فيما استعرضته الرؤية المطروحة من أجل تعليم حقيقي لبناء جيل قادر على التفكير العلمي وتربية جيل وطني منتمٍ للثقافة والتقاليد المصرية وكأنه لا مجال لتغيير الواقع.


ولكن ثورة ٣٠ يونيو إلى حرب أكتوبر إلى ملاحم وطنية عديدة أثبتت أن المصريين قادرون على تحدي الواقع وليكن تحدينا المنشود نهضة حقيقية من خلال تعليم هادف وتربية مصرية أصيلة.

وكان المؤتمر تحت مظلة منتدى الشرق الأوسط للحوار برعاية وكالة أنباء الشرق الأوسط الوكالة الحكومية الرسمية والمصنفة الأولى بالشرق الأوسط، وللعلم فقد تأسست سنة ١٩٥٥ في عهد الرئيس جمال عبد الناصر لتمثل أحد محاور القوة الناعمة المصرية ويقود منتدى الشرق الأوسط للحوار الصحفي المستنير محمود الشناوي.

بدأ المؤتمر بكلمة وزير التعليم الهلالي الشربيني عن الخطوات الجدية نحو حل مشكلات التعليم وكان أهمها رؤيته نحو المشاركة بين القطاع العام والخاص لإنشاء عدد من المدارس لتحل أزمة نقص الفصول التعليمية في ربوع مصر ثم تطرق لموضوع تطوير المناهج، ثم تحدث عن التعليم الفني، وعلى الرغم من تقديري لأسلوبه في مواجهة المشكلات فإنني أرى أن خطواته تدور داخل فلك إصلاح ما تم تجاهله على مدى عشرات السنوات السابقة دون وضع رؤية إصلاح التعليم المصري ومنتجه وهو ما يقل كثيرًا عن مستويات الجودة العالمية في برنامج زمني في ظل متغيرات العولمة عموما لا ألوم الوزير بقدر إشفاقي عليه من تشوش الهدف؛ بسبب حجم المشكلات التي ورثها عمن سبقوه.

انتقالًا إلى رؤية د. عايدة نصيف فقد كانت رؤية كاملة لحلم كل مصري نحو تعليم عالمي وتربية بنكهة مصرية وطنية داخل مخطط علمي بمنهجية واضحة الخطوات وبرنامج زمني لتحقيق الرؤية تضمنت الرؤية بحث الإشكالية بين أهمية النظم التربوية والمادة العلمية والطريق نحو الإصلاح من خلال أربعة محاور وهي:

الأول: تعليم قائم على مهارات التفكير والإبداع لينافس التعليم الغربي في ظل متغيرات العولمة
الثانى: ربط التعليم بالثقافة لتكون هي أساس فكر المتعلم وليس مجرد تعليم شكلي
الثالث: ربط التعليم بقيم المجتمع المصري لتواجه التحديات بصيغة تربوية وطنية
الرابع: آليات الإصلاح من خلال الأدوات والخطة والبرنامج الزمني المستهدف
أما تفاصيل الرؤية فهي متاحة في موقع الوكالة

إجمالا لقد كانت عبقرية هذه الرؤية أنها مزجت بين نبض الشارع المصري نحو مصطلح تطوير التعليم والتخطيط العلمي الاستراتيجي حسب المتغيرات العالمية الذي يمثل طوَّق النجاة الحقيقي للوطن وطرحت رؤية تتطابق مع طموحنا إبان ثورة ٣٠ يونيو لحلم التغيير في إطار علمي تنفيذي قابل للتطبيق.

إن مصر تحتاج إطلاق العنان لمن يستطيع كسر القيود والجرأة نحو تحقيق هذه الرؤية أو ما يعادلها لإنتاج طالب مصري بالمعايير السابقة وأتمنى أن تكون هذه الرؤية جزءًا من برنامج الرئاسة نحو من يتولى مقاليد وزارة التعليم وأن يكون تقييمه بمقدار الإنجاز المقاس في تحقيق هذه الرؤية خلال برنامج زمني من خلال علوم الإدارة الاستراتيجية، وعلى سبيل المثال نموذج بطاقات الأداء لتقييم حجم الإنجاز فعليًا.

للمرات القليلة التي أشيد فيها بشخص ما ولكني في هذا المقال أضع مسئوليتي أمام الله والوطن في الإشارة لنموذج فكري يستحق أن يشار إليه لأن الأمم لا تبنى إلا بالرؤى الطموحة والإرادة الصادقة وأرى أن واجبي الوطني هو دعم الرؤى الإيجابية لأنها قد تشكل بارقة أمل نحو نهضة حقيقية ولا ننسى أن هناك تجارب دول اعتمدت على تطوير التعليم لتحقيق نهضتها مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفلندا والهند، وهنا تستحضرني مقولة نهرو "نحن دولة فقيرة جدًا لذا سنصرف بسخاء على التعليم".

مصر في هذه المرحلة الحرجة في حاجة لوزارة حرب وليس وزارة تكنوقراط وأختص «التعليم»؛ لأنه إذا كان المواطن محدود الدخل يأن من ظروف الحياة فإن تعليمًا أفضل لأولاده يمنحه الأمل نحو مستقبل يستحق الصبر والعناء ضد من يستخدمون هذه التحديات لكسر روح الأمل والإيمان بالوطن.
الجريدة الرسمية