رئيس التحرير
عصام كامل

الإنجاز والتشكيك.. إيه الحكاية !


توقفت كثيرا أمام عبارة الرئيس ( إيه الحكاية.. صحيح إيه الحكاية !! )، ولعل هذه العبارة –في تقديري– أهم كثيرا من معظم عبارات الكلمة التي قالها الرئيس في الاحتفال بذكرى مرور عام على افتتاح قناة السويس الجديدة، ومرور 60 عاما على قرار الرئيس خالد الذكر عبد الناصر بتأميم القناة الأم لتعود إلى أصحابها وينتهي احتكارها الذي كان سيستمر طويلا !


لم يكن الرئيس في حاجة إلى الحديث عن إنجازات.. فالصورة التي نشاهدها تقول كل شيء، وحبات العرق التي تروي الرمال العطشانة لا تحتاج إلى كلام، وسواعد العاملين من الرجال والشباب تلمع في ضوء الشمس وتضوي مع ساعات الليل، فالعمل لا يتوقف ليلا أو نهارًا، وأقدام الجنود والضباط من قواتنا المسلحة تدب في الأرض فتزلزل رمالها وتفتح دروبا للخير فيها، وطموح شباب الجامعات في كليات الهندسة من مواقع العمل يشق عنان السماء منطلقا من إنجازات تسد عين الشمس، ووجوه الجميع في مواقع العمل تشع حبا ووفاء لهذا الوطن الكبير.. الإنجازات تعبر عن نفسها بلا كلام.. هكذا نراها ويراها من يؤمنون بقدرة المصريين على صنع المستحيل، ولهم في ذلك سابقة أعمال ( إنجاز حفر قناة السويس الجديدة في سنة ) لا ينكرها إلا جاحد وخائن وعميل.

يا نحكمكم يا نقتلكم، البناء والبقاء، وأخيرًا.. الإنجازات والتشكيك.. ثلاث عبارات تلخص مشوار الشعب المصري وقيادته التي اختارها طوعًا وهو يسترد دولته التي اختطفتها الجماعة الإرهابية أملا في أن تحكمها 500 عام قادم، لكن الشعب المصري التي تحتوي جيناته على مادة استشعار الخطر على دولته لم يعط الفرصة للإرهابية أكثر من عام، وقبل أن ينتهي العام بعدة أشهر أطلق تحذيره وأعلن عن هدفه.. لن تحكم مصر جماعة، ولن تتحكم فيها عصابة لا تعرف للوطن معني ولا قيمة غير أنه مجرد شقة مفروشة !

وكان ما كان عندما قرر الشعب استدعاء جيشه الوطني الذي لا تتغير عقيدته منذ نشأته، وقرر الشعب مع الجيش والقائد أنه لن تحكمنا الجماعة ولن تقتلنا، وكان القرار.. ليس أمامنا غير البناء وخوض معركة البقاء، والمعركة ليس فقط ضد إرهاب الجماعة وخلعها من جذورها والقضاء على حلمها في حكم مصر، لكن معركة البقاء اشتبكت بشراسة وما زالت مع كل أنواع الفساد المالي والإداري والأخلاقي الذي ضرب معظم مؤسساتها إلا ما رحم ربي، وضد مؤامرة تستهدف هدم مؤسسات الدولة وتركيع الوطن كله، وأخيرًا تستهدف وحدة شعبه وهويته وشخصيته العبقرية !

لذلك كانت عبارة الرئيس الأخيرة كاشفة عن إدراك حقيقي لخطورة المرحلة وصعوبة التحديات التي تواجهها الدولة وتواجهها القيادة السياسية التي قطعت الطريق على مؤامرة كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تتحقق وينتهي الأمر.

مع كل إنجاز تخرج خفافيش الظلام التي تسكن الخرابات والأماكن العتمة، ويخرج دعاة العدمية من المتخصصين في إشاعة اليأس ونشر الإحباط رغم علمهم أن ما يحدث على الأرض واقع وحقيقي وإنجاز صنعته إرادة المصريين.

عندما قال الرئيس (إيه الحكاية !) لم يكن يطرح سؤالا يريد إجابة عنه.. فهم يعلم جيدًا الحكاية، ويعرف لماذا يشكك البعض فيما يحدث على الأرض.. الرئيس كان يوجه الرسائل إلى الشعب وإلى دعاة التشكيك والعدمية.. إلى الشعب يقول: انتبه.. ما يحدث على الأرض لا يمكن التشكيك فيه لأنه يتحدث عن نفسه وليس محض خيال كما يصور البعض الذين في قلوبهم مرض، وإلي المشككين يقول: كسدت تجارتكم وفسدت سلعتكم وانفضت عنكم السوق وروادها إلا من قليل لا يملك شراء سلعتكم الفاسدة، ولم يعد هناك من يسمع لكم أو يتابع شاشتكم.. رائحتكم زكَّمت الأنوف !

النفر القليل الذين يصدرون اليأس والإحباط بالتشكيك لا يستحون، ولا يدركون أن الناس أسقطت عنهم ورقة التوت فبدت سوءاتهم لكل مبصر فتحول ببصره عنهم! كان الرئيس يسخر منهم.. فلا هم يعملون ولا يتركون من يعمل يتم عمله، ولا هم ينتقدون فيقدمون الرأي الصواب ولا يصمتون حتى يكتمل الإنجاز، وإن اكتمل الإنجاز يمارسون البذاءة والسطحية والتدليس على الناس !

إن أخطر ما يواجه الوطن هو هذا النوع من الحروب القذرة التي تستخدم التشكيك منهجا والشائعات وسائل للتأثير على الناس البسطاء وتعتمد الإحباط مناخا لإسقاط الدولة، لذلك شدد الرئيس على عبارة الإنجاز والتشكيك، وحذر من السقوط في الفخ والوقوع في مصيدة المعلومات المغلوطة والأخبار المفبركة.

هل ينتهي الأمر عند كلام الرئيس وتحذيره أم أن الأمر يحتاج إلى عمل وجهد من كل مؤسسات الدولة ومن المصريين الذين يخافون على الوطن، ويحتاج إلى شفافية عالية من الحكومة عندما تتحدث إلى الشعب، ويحتاج أن يشارك الشعب كما طلب الرئيس في حماية إنجازاته، ويحتاج إلى قدرة فائقة من الحكومة للتواصل إيجابيا مع الشعب.. الشعب هو الرقم الصعب في المعادلة كما يقتنع الرئيس دائما ويشير إليه.. أظن عرفنا إيه الحكاااااااية.
الجريدة الرسمية