رئيس التحرير
عصام كامل

حزن الحكومة على زويل


منذ الإعلان عن رحيل الدكتور أحمد زويل توجد حالة حقيقية من الحزن داخل فئات المجتمع المصرى وكاذبة لدى الحكومة على فقدان عالم بمكانته.. العالم الراحل كان يعتز كثيرًا بمصريته التي يفخر بها في كل مكان وفى المحافل الدولية على مستوى العالم وكأنه كان يريد أن يقول "مصر إذا أرادت فعلت، ووصلت إلى أعلى المراكز العلمية".


مع كل مناسبة يزور فيها مصر كان العالم الراحل حريص أن يؤكد أنه لا مستقبل دون علم ولا علم دون توفير ميزانية وكأنه كان يريد أن يوجه كلامه إلى الحكومة التي كانت تتعامل معه بطريقة "فض المجالس "و احترام كلامه وتأكيد أهميته أمام الكاميرات أما الواقع فشيء آخر تمامًا.. ورغم معاناته لم ييأس وتحدى الجميع وخرجت مدينة زويل إلى النور وتغلب على حالة الإحباط التي يقودها بعض المسئولين الذين يرددون إننا نحتاج الصرف الصحى قبل التكنولوجيا والطرق قبل الفيمتوثانية..

ومن يشاهد حالة الحزن المصطنعة والشحتفة من جانب الحكومة على رحيل الدكتور أحمد زويل يؤكد أننا دولة لا نحترم العلم ولا نقدر العلماء ولا ندرك قيمتهم سوى بعد رحيلهم ولا نشعر بأهميتهم سوى بعد فراقهم ولا نعطيهم حقهم سوى في بيانات النعى المجانى وهذا ما حدث بالضبط مع الدكتور أحمد زويل.. فمجرد إعلان خبر وفاته خرجت الحكومة بجميع وزرائها يعلنون بأسى إلى مصر والعالم أننا فقدنا عالمًا كبيرًا وأن ما قدمه للبشرية لن ينساه أحد.. وأن مصر ستظل تفخر دائمًا أنها أنجبت عالمًا مثل الدكتور أحمد زويل.

البيانات المفرطة للحكومة تشعرك بأننا نعيش في المدينة العلمية وأن جميع المصريين يرتدون البالطو الأبيض وأن أخبار العلم تسبق أخبار رمضان صبحى وأن صور العلماء تزين الجدران بدلا من المطربين ولاعبى كرة القدم والحقيقة أن الواقع يقول عكس هذا تماما، فالعلماء في مصر بؤساء، فالحكومة تعتبرهم كمالة عدد والمجتمع يعتبر أن كل من يحصل على الماجستير والدكتوراه يعانى من الفراغ والملل وأن العلماء "عيال دحيحة" يحفظون ولا يفهمون ونسخر منهم في المسلسلات وخير مثال على هذا حالة البهدلة والهوان التي يواجهها حملة الماجستير والدكتوراه من سنوات من أجل التعيين في الحكومة التي تعتبر عمال النظافة أكثر فائدة منهم.

نحن لا نحترم العلم والعلماء حتى لو قلنا عكس هذا، فالحكومة تغلق الأبواب في وجه البحث العلمى بقرارات وزارية فميزانية العلاقات العامة في الهيئات الحكومية أكبر من ميزانيات البحث العلمى في المركز القومى للبحوث. وميزانية البحث العلمى في أكاديمية البحث العلمى لم تعد تصلح لإنتاج تجارب جديدة على بمب العيد وحال الجامعات المصرية لا يختلف كثيرًا فهى تبحث عن أجور الموظفين..

نحتاج أن نغير أولوياتنا وأن تكون الحكومة صادقة في احترامها للعلم وألا يقتصر دورها على تقدير العلم في بيانات النعى فقط، بالفعل لدينا نماذج كثيرة من العلماء من الممكن أن تمثل إضافة حقيقية لمصر بقليل من الدعم المادى وكثير من الدعم المعنوى، فالعلم هو المستقبل كما كان يؤكد دائمًا الراحل الدكتور أحمد زويل.
الجريدة الرسمية