رئيس التحرير
عصام كامل

الزعيم.. حسام حسن!


لن تخسر مصر كثيرا لو نفذ شقيق لاعب الكرة حسام حسن تهديده بأن يدفن خارج مصر، الأمر المؤكد أن خسارته ستكون فادحة ولن يجد من يترحم عليه أو يقرأ الفاتحة على روحه.


استقزتني صورة نشرت في إحدى الصحف لأعضاء الجهاز الفني لنادي المصري، وهم يرتدون تي شيرتات.. كتب عليها "لا تهدموا تاريخ مصر" تحت صورة لاعب الكرة حسام حسن، ولا أدري ما العلاقة بين لاعب كرة اعتدى على مواطن أثناء أداء عمله وتاريخ مصر الذي تهدم، ولو أن العبارة كانت "لا تهدموا تاريخ الكرة المصرية"، لربما تقبلها البعض رغم غرابتها، فالأمر المؤكد أن حسام حسن لا يجسد تاريخ الكرة، وإن كان أحد اللاعبين الذين استمروا في الملاعب سنوات طويلة.

ولكن شقيق اللاعب يتحدث عنه وكأنه زعيم وطني، مصطفى النحاس أو سعد زغلول وربما عبد الناصر أيضا، وحتى هؤلاء لو كانوا ارتكبوا جريمة في حق مواطن بسيط، لتمت محاكمتهم وخضعوا لتطبيق القوانين السارية في البلاد، دون أن يهدد أحدهم بأنه لن يدفن في مصر، التي يشرف كل مواطن أصيل بأن يدفن في أراضيها.

التصريحات التي أدلى بها للصحف شقيق اللاعب، تدل على أن هناك خللا في المعايير، لأنه ليس لإنسان في مصر أفضال عليها سواء كان زعيما أو حتى لاعب كرة، تصفق له الجماهير، طالما هو قادر على الأداء الجيد وتلعنه إذا أصر على البقاء بعدما فقد لياقته عليها، وتاريخ الكرة حافل بسير لاعبين حصلوا على جماهيرية واسعة بين مشجعي الكرة ونفس الجماهير لفظتهم وهتفت ضدهم عندما فقدوا اللياقة البدنية التي تمكنهم من الأداء الجيد.

وحتى الزعماء الذين قادوا البلاد في فترات تاريخية حرجة، وحصلوا على شعبية جارفة فقدوا مكانتهم عندما فشلوا في تحقيق أهداف مواطنيهم، وأظن أن الشعبية التي حصل عليها ديجول في فرنسا لم يسبق أن حصل عليها زعيم آخر في أوروبا، ولكن الفرنسيين لم يقبلوا الوصاية الأبوية التي كان يمارسها ديجول.

وليس هناك مجال للمقارنة بين قائد عظيم لفرنسا.. ولاعب كرة بأحد الأندية المصرية يقدمه شقيقه على أنه زعيم يستحق أن تثور من أجله الجماهير يقول إبراهيم حسن شقيق اللاعب حسام: «حق حسام عند الرئيس عبدالفتاح السيسي» ولا أعرف أي حق للاعب اعتدى على مواطن، ولم يراع أن كرامته أهدرت أمام المئات من مشجعي الكرة، وأمام أفراد أسرته الذين شاهدوا العميد وهو ينهال عليه بالضرب، وكأنه يخوض معركة حربية ولا يستطيع المصور الأعزل أن يرد عليه، وعندما يلجأ إلى الشرطة يتدخل الكبار من مشجعي الكرة لإقناعه بالتنازل عن البلاغ، ويبتلع شعوره بالهوان وعدم الإنصاف، لأن الذي اعتدى عليه لاعب مشهور، يمن شقيقه على مصر بأن توجه إلى شرم الشيخ بعد حادث الطائرة تشجيعا للسياحة «!!» ويرى أن ما ارتكبه شقيقه في حق المواطن الغلبان لا يستدعي المساءلة، بل إن المصور هو الذي أخطأ لأنه استفز العميد«!!» بوجوده في الملعب، فقام «بالجري خلفه وحطم الكاميرا».. تلك هي الرؤية التي عبر عنها شقيق لاعب قدم العديد من الأمثلة للاعبين آخرين اعتدوا على مواطنين ولم يحاسبوا.. وكان تلك ذريعة تبرئة حسام حسن عن الاتهامات التي وجهتها النيابة إليه.

ويتطاول شقيق اللاعب على أحد مقدمي البرامج الذي أدان تصرف حسام حسن ويصفه بأنه «نصف رجل» ويهدده بالقول: لن نتركك.

ونحن لا ننكر شغف الملايين بلعبة كرة القدم.. وتشجيعها للاعبين، ولكن هذا لا يحولهم لزعماء.. ولا يعطيهم شيكا على بياض للاعتداء على غيرهم من المواطنين، ولا يصح أن يدعي لاعب بأن أفضاله على مصر، فالحقيقة أن مصر هي صاحبة الفضل عليهم، فقد التقطت بعضهم من الحواري الضيقة.. وصنعت منهم نجوما، ولو تركوا في تلك الحواري للعب «الكرة الشراب».. لما حصلوا على تلك المكانة المميزة.. والتي تغري بعضهم بالاعتداء على الأبرياء.. ويعترضون على إخضاعهم للقوانين السارية، ويهددون المصريين بأنهم سيدفنون في بلاد أخرى.. مع السلامة!
الجريدة الرسمية