رئيس التحرير
عصام كامل

والحكومة قاعدة في السيما !


ارتفعت نغمة التيئيس في المقاهي السياسية الناشطة 24 ساعة، سبعة أيام في الأسبوع، حتى ينتهى آخر نفس في الزمن وفى آلة الحرب الإخوانية الأمريكية، لابد للنار من طعام، يغذيها ويشعللها، وكان الجنيه المصرى المسكين،المترنح أصلا، هو الطعام،الذي يقتات عليه خرفان الإخوان، ليبثوا دعاياتهم المسمومة في شرايين الشعب المصرى.


من المهم جدًا قبل أن نمضى في تحليل الظاهرة الدولارية وتأثيرها فى تثوير الأمعاء المصرية، أن نوضح أن الجماعة الإرهابية تطبق بالحرف الواحد النظرية النازية في الإعلام، وهى تنهض على ضخ سيول وأمطار غزيرة وفيرة من أنصاف الحقائق وأنصاف الشائعات، مع إضافة شائعات كاملة جانبية، ربما لا تتعلق بالموضوع الرئيسى، لكنها تنخر نخرا في الثوابت التي يتصل بها الهدف أو الموضوع من بعيد.. فمثلا، وكما بدأنا القول أعلاه، فإن المصريين ما كادوا يفرغون من مسلسلات رمضان، حتى تفرغوا لمسلسل جديد اسمه جنون الدولار !

المسلسلات الرمضانية وغيرها، يذهب الناس إليها طواعية، وشوقا، لكن المسلسل الإخواني "جنون الدولار"، فرض نفسه عليهم فرضا كبلطجي قادر على سرقة قيمة الجنيهات المعدودة بالجيوب، تستر الحال، وتمشي بها الحياة حتى يفرجها ربك الكريم.

المسلسل من تأليف وإنتاج وإخراج وبطولة التنظيم الدولى للإخوان. وأمس فقط..فقط.. وضعت الحكومة يدها على خطة الإخوان للاستيلاء على أي دولار يرسله المصريون من الخارج إلى مصر، بأن يشتروه بزيادة ٣٠٪‏، والحقيقة أن الحكومة سبق أن أعلنت هذا الكلام من قبل، وهي تعلم أن الإخوان يعترضون طريق الدولار من المنبع، بوصفهم أصحاب تاريخ عريق في قطع الطرق والأرزاق.

يدهش المرء حقًا أن الحكومة باتت وأصبحت وأمست، ثم أصبحت تنظر للدولار يلهو ويعبث بالجنيه، يركبه ويمتطيه، وهى تفرك عينيها، فركة المذبهل في السيما أو العاجز المقهور، حتى دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي المجموعة الاقتصادية البائسة إلى اجتماع لبحث ظاهرة التهام الدولار الجنيه والتمثيل بكرامته. مجرد الاجتماع وحملات أمنية على مخازن الصرافة ولا أسميها مكاتب، جعلت الدولار يتراجع، وينهار، ولا أعرف من أين جاء زملاؤنا على المواقع بتعبير انهيار للدولار الذي لا يزال يبرز لسانه متفوقًا بل جاثمًا على أنفاس الجنيه.

هناك تلاعب وتدبير وفاعل ينظم ويخطط ويوجه.. هذا صحيح.. لكن هل هو جديد ؟

الجديد المحير للناس حقًا هو سكوت الدولة سكوت المعجب أو المسحور أو المسحوب، بل يمكن القول أيضًا إن السيد الرئيس جاء تحركه متأخرًا، على غير العادة.

ليس مهما كل ما سبق فيما نحن فيه، على خطورته، بل المهم أن ما سبق صنع، ويصنع ما يمكن أن نسميه بالطبق الطائر العملاق، يذهل الناس بألوانه وضخامته، عما سيمطرهم به من موت وشيك. تجنين الدولار وتقزيم الجنيه ليس له من هدف إلا تثوير الشارع وتسخيطه، وبث الريبة في الدولة وإظهارها عاجزة أمام البطون الجائعة !

تزامن مع مسلسل الدولار المجنون مسلسل سقيم آخر اسمه الفتنة الطائفية، أي احتكاك عاطفى بين مصرى مسلم ومصرى مسيحى يعني غضبا ودماء، وأي حد مسيحى يجعل من بيته مصلي ويعبد ربه، يعتبره السلفيون الدواعش خارجًا على الدولة وقوانينها وشرع الله، أما الحرق والتخريب الذي يلحقونه ببيوت الله المسيحية فهو عمل يرضي الله !

أي الله هذا الذي يقبل مجرمين قتلة يحرقون ويدمرون تنفيذًا لمشيئته ؟

الله هو الرحمة والهداية والعدل والحساب يوم الحساب.

في المسلسل السقيم هذا وقفت الدولة، وتقف وبيدها نفس العلاج والدواء: الشـاش والقطن واليود، وقبلات كاذبة، وعفا الله عما سلف!

القانون الباتر يقطع دابر المتطرف المسلم والمتطرف المسيحي، وهو أيضًا الذي يقطع دابر لصوص الدولار في مصر، بإعدامهم، لأنهم يثيرون الفتن والخراب، ويحرضون على الدولة: السماء والأرض التي تأوينا إلى يوم الدين !

تعرف مصر الأزمات الاقتصادية الطاحنة، لكنها لا تعرف من يبيت فيها جوعـان، ولا ينبغي أن ينام فيها مواطن مسيحى وهو خائف !
الجريدة الرسمية