رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قبل محاكمة هذا الرجل..فليحاسب النظام نفسه!


لقد تعدينا مرحلة شبه الدولة التي أطلقها الرئيس على مصر، وانزلقنا بقوة وتهور إلى مرحلة حرجة لا يصلح فيها التشبث بالرأى الواحد، والارتكان كليا أو حتى جزئيًا على أهل الثقة الذين أضاعوا اقتصادنا، والذين صاروا خطرا حقيقيا على الجميع حكاما ومحكومين.. إدارة الاقتصاد تعنى إدارة حياة المواطنين وإدارة مقدرات الدولة وقدرتها على الاستمرار في عالم لا يعترف سوى بالقوة، ولكى تصل لتك القوة يجب أن يكون لديك نظام سياسي لا يعترف إلا بالكفاءة وأصحابها، ولا يقدر سوى الأذكياء والمبدعين المخلصين..لا من هم بجوار دوائر صنع القرار بفضل وظائفهم التي ورثوها منذ عقود أو بسبب انتمائهم لمؤسسة أو أخرى، لها كل الاحترام في مجالها الذي يشرفها العمل به ولكن لا تستطيع إدارة الاقتصاد..هكذا يسير كل العالم، ليس بالضرورة المتقدم ولكن ما أعنيه العالم الطبيعى.. بلاد الله لخلق الله..والتي يحيا فيها المواطن حياة عادية، يجد متطلباته بكل سهولة ويسر، لا يستيقظ صباحا على كارثة حياتية بفضل حكومة تخطت مرحلة الفشل إلى مرحلة تدمير الوطن وأهله!


طارق عامر نموذجا !
هل هناك من سبب قوى وفعلا وجده النظام لمنح كل تلك الثقة في السيد طارق عامر حتى يأتى به محافظا للبنك المركزى.. تامل المسمى الوظيفى(محافظ) أي وظيفته الأساسية هي المحافظة على عملة دولته الوطنية وحسن إدارتها وصيانة مقدرات الوطن وأصوله!..إن كانت الإجابة ،هي نعم..فبأى منطق يفسر لنا السيد الرئيس وهو المسئول عن كل شىء في الدولة بقوة الواقع قبل الدستور والقانون اختيار رجل لم نسمع عن تاريخ مؤثر له إقتصاديا بل وتدور حوله الأقاويل حول مؤهلاته الأكاديمية... لكن دعك من كل هذا، كيف يصرح محافظ البنك المركزى قبيل عيد الفطر الماضى بأن الجنيه في طريقه للتخفيض بدون شك، وأن ذلك يرجع لقراره هو والبنك المركزى!..لا تنس أن سيادته قد خفضه فجأةً 14 % في قرار منفرد، بعدما طرح عطاء ًكبيرا بسعر أقل قبلها بليلة واحدة!

بالطبع..لم يُحاكم على تلك الكارثة الأولى ولم يُحاكم حتى ساعته على هذا الكلام الذي لو صرح به مسئول مغضوب عنه ولو قليلا، لاتهم بالخيانة أو العبث بمصالح الوطن.. وأى مصالح تعلو فوق اقتصاد دولتك ! وأى مصيبة تفوق الخيانة أو العبث إن كان ناتجا عن جهل أو غرض خبيث أو مصالح شخصية أو سوء تقدير..أهكذا بكل يسر وسهولة تعبث حديثا بعملة وطنك الرسمية وتكون السبب الرئيسى في انهيارها وإفلاس دولتك وإفقار وتشريد شعبها وحضرتك اآمن مطمئن.. أي عبث هذا وأى كارثة تلك واى خيال هذا يمكن أن يجنح بالإنسان لتصور ذلك !

بالطبع استعر سعر الدولار وحقق السادة (الوطنيون) المبررون بالفطرة بتوع ادبح يا ريس وافرم يا ريس، ملايين طائلة من تصريح محافظ البنك المركزى المصرى، هرول هؤلاء ممن يملكون الثروات وممن لا يشعرون ببؤس أغلبية الشعب لاكتناز الدولار بأية سعر ثم بيعه بمبالغ طائلة مع استمرارهم في الغناء والتصفيق وتأييد الإنجازات !..تخيل محافظ البنك المركزى محافظ الجنيه يعريه ويهينه ويدوس قيمته بالأحذية من أجل من ؟!..هذا ما يجب أن يُحاكم عليه وفورا.

إذن الموضوع سياسي قبل أن يكون اقتصاىيا..فاختيار الكفاءات مقدم على الكيانات وأصحاب الثقات..على الرئيس أن يبادر بانتقاء مجموعة اقتصادية تحظى بالخبرة والكفاءة والتجرد للوطن.. وما أكثر هؤلاء في مصر ولكن ليس لهم نصيب من حب النظام..البعيد عن السلطة لا يجب أن يكون بعيدت عن خدمة الوطن وإن كانت الحكومة أو قل النظام بأسره لا يعرف كيف يدير اقتصادا سنحت له فرص تاريخية للنهوض، فعليه الآن أن يقدم مصلحة مصر على أي شىء ويستعين بمن ينقذه هو نفسه كنظام قبل أن ينقذ الوطن والدولة..عليه أن يتخلى عن طارق عامر وكل طارق للسلطة متقرب منها متزلف إليها على حساب مصالح الوطن العليا.

بالطبع لن يتحقق ذلك بدون تغيير جذرى في فكر النظام وإيمانه بالآخر الذي ربما يعارضه ويعارض سياساته وتوجهاته، ولكنه أمام مصالح الوطن وأمنه وأمانه وفرص بقائه، يتناسى كل ذلك ويجاهد من أجل إنقاذ مصر وطنه وبيته وملاذه الذي لا يجد سواه ولن يجد مادام بعيدا عن أضواء ومكتسبات السلطة.. إنها الحرية التي يجب أن يؤمن بها النظام، أن يستعين بمن ينتقده لا بمن ينافقه فيهوى بالوطن لأسفل سافلين..

مصر لا تستحق هذا يا سادة ومصر التي أعنيها هي شعبها بكل فئاته، وأغلبها مفقور ومكتئب بل وأوشك على الانفجار..فليمنع الرئيس الانفجار بحرية صادقة تتخطى حدود النقد في بعض المواقع أو التنفيس عن الكبت في فيس بوك الذي تحرص الدولة على بقائه أكثر من روداه حتى يظل المنفذ الوحيد لمكبوت يوشك على الفيضان.. فليحاسب النظام نفسه وليراجع سياساته قبل أن يحاكم طارق عامر ويقيله فورا أو يجبره على الاستقالة وهذا أقل واجب معه.
fotuheng@gmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية