رئيس التحرير
عصام كامل

انتصارات "أوباما ونتانياهو"


إن انتصار باراك أوباما جلى للجميع، ففى غضون يومين أصلح كل الأخطاء التى قام بها تجاه إسرائيل خلال الأربع سنوات الأخيرة، وفى غضون خمسين ساعة، أسر قلوب الرأى العام الإسرائيلى والإدارة الإسرائيلية أيضا.. بل إن باراك أوباما اخترق بشكل شعورى قلب المتشكك بنيامين نتانياهو وقلوب أسرته، واستطاع أن يقنع الإسرائيليين وحكومتهم بأنه يقف إلى جانبهم وأنهم ليسوا وحدهم وأزال فجأة الشكوك التى تثار حول ما إذا كان أوباما معاديا لدولة اليهود ولديه تحفظ من الصهيونية، إن حضور أوباما فى القدس عرض تاريخى مدهش أحدث تحولا سياسيا حقيقيا.


وانتصار رئيس حكومة إسرائيل "بنيامين نتانياهو" خفى أمام العيان، فبعد أربع سنوات من النضال جاء بالزعيم الأمريكى ليعترف بالدولة اليهودية على نحو لم يفعله أحد من سابقيه، وكذلك جاء برئيس الولايات المتحدة ليلتزم بأن تفعل القوة العظمى كل ما فى وسعها لوقف البرنامج النووى الإيرانى، وبعد حرب الخنادق جعل الولايات المتحدة تتخلى عن طلبها بوقف الاستيطان كشرط أساسى لإجراء عملية المفاوضات مع الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، وقد أحرز السياسى الصهيونى نتانياهو واحدا من أعظم ما أنجزت الصهيونية السياسية فى كل عصورها، وهو جعل رئيس الولايات المتحدة وزعيم القوى العظمى فى العالم أن يعترف بالصهيونية مع منحه إسرائيل شرعية عميقة وقوة سياسية وقوة ردع صلبة وكأنه يعزز من جديد وعد بلفور وفقاً لمفاهيم القرن الواحد والعشرين.


إن النصر المفاجئ لأوباما ونتانياهو هو سلسلة تأثيرات مباشرة، حيث أصبحت الآن الولايات المتحدة ترى إسرائيل كنزا استراتيجيا يمنحها قاعدة مستقرة فى شرق أوسط لا يلوح فيه أى استقرار، كما أن الولايات المتحدة تنظر إلى إسرائيل الآن أنها القوة الإقليمية الصديقة التى ستحمى المصالح الأمريكية الحيوية المعرضة للخطر فى المنطقة، كما أن الولايات المتحدة تتوقع أن تعمل إسرائيل بالتنسيق مع تركيا والأردن لا لصد القوى الشيعية المتطرفة فقط، بل أيضاً القوى السنية المتطرفة التى تهدد التوازن الإقليمى بالمنطقة، وبعد أن أيقنت الولايات المتحدة المعانى الكارثية للربيع العربى تتجه إلى إسرائيل التى كانت تشك دائما فى هذا الربيع، وذلك لكى تكون السد المنيع الذى يقف فى وجه طوفان العنف والفوضى الذى نتج عن الربيع العربى.

لكن انتصار أوباما ونتانياهو ما زال يحدق به تحدٍ مُضاعف، وهو إيران وفلسطين، لأنه يجب من جانب الديمقراطية الأمريكية الكبيرة والديمقراطية الإسرائيلية الصغيرة أن تعملا معاً على نحو مشترك لمنع تملك إيران القدرة النووية التى ستهدد العالم بأثره، كما يجب على الديمقراطية الأمريكية الكبيرة من جهة أن تساعد الديمقراطية الإسرائيلية الصغيرة على إنقاذ نفسها بأن تبدأ المسار الطويل الذى سيساعد على إنهاء الاحتلال، ويجب أن يكون المساران متوافقين، كما يجب أولا القيام بمسار جزئى مع فلسطين، ثم بت الأمر بعد ذلك بشأن إيران، وينبغى فى نهاية الأمر إتمام مسار تقسيم البلاد ورسم حدود معترف بها للصهيونية.. وذلك بعد أن فشلوا فى المرة السابقة، وبعد أن أضاعوا أربع سنوات ثمينة، لذا فيجب على الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء الإسرائيلى اللذين أصبحا صديقين أن يحققا الآن الأمل الجديد الذى زرعوه.

* نقلاً عن هاآرتس..
الجريدة الرسمية