رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

في زماننا.. أهل الشر ينتصرون


الحقيقة الإلهية الراسخة أن الحق حتمًا سينتصر على الباطل في النهاية مهما طال الزمن، فعدالة الله تقتضي نصرة الحق والوقوف إلى جانبه.. ولكن لماذا يأتي هذا النصر في زماننا متأخرًا وقد لا يأتي بعد جولات وجولات من الصراع بين الجانبين، وسألت نفسي لماذا لا ينتصر الحق بمجرد تعارضه مع الباطل؟ فتأملت في سمات البشر في زماننا فوجدت الآتي:


"أهل الشر متكاتفون ومنظمون ومخططون بارعون، لديهم قانونهم الخاص الذي يحترمونه ويرتضون العمل به في عرفهم، ولديهم عقوبات رادعة وعاجلة لمن تسول له نفسه من بينهم أن يتعدى أو يتحايل على قانونهم أو عرفهم الذي اتخذوه عهدًا وميثاقًا على أنفسهم.. لديهم إصرار متين في ظاهرة.. هش في باطنه.. لتحقيق مأربهم ومخططاتهم وأهدافهم، لديهم استعداد تام لمواجهة أي عقبات تعطل مسيرتهم الشريرة.. لذا حققوا أهدافهم، وطغوا وتكبروا.. لا يشبعون ولا يكتفون ولا يكفون بل يزدادون نهمًا وعشقًا لتحقيق مزيد من النجاحات والاستحواذ على المكاسب والمكافآت.. ومن أجل كل هذا استحقوا النجاح في تحقيق ما سعوا إليه وعملوا بجد واجتهاد من أجله.

آفــة أمتنا في هذا العصر أنك ترى الناس في زماننا «قد نسوا الله فأنساهم أنفسهم».. متكاسلين ومتفككين ومشاهدين.. مفعول بهم لا فاعلين.. سياستهم هي رد الفعل ودائمًا منتظرين.. لديهم قانون واحد عليه متفقين وهو: (خليك ماشي جنب الحيط ولو ملقيتش مكان ادخل جوا الحيط)، يتابعون خطوات أهل الشر كمتفرجين ولا ينتصرون لمظلوم طالما كانوا بعيدين.. والأدهى أنهم يزدادون خوفًا وقلقًا من أن ينالهم شرًا أو عقابًا لو انتصروا لمظلوم من بني جلدتهم.. واتخذوا من مقولة: (يا بخت من بات مظلوم ولم يبت ظالما) عزاء لخنوعهم وقلة حيلتهم.. ورفعوا شعار (وأنا مالي خليني في حالي.. ما دام مفيش فائدة ولا مصلحة).

أهل الخنوع والخضوع في زماننا أضاعوا الحق بإفساح المجال لطغيان أهل الباطل، وانتظارهم الدائم لبطل أسطوري سينزل عليهم من السماء ويخلصهم مما حل بهم، بدلًا من السعي والعمل لتحقيق أمانيهم وتحسين أوضاعهم بأنفسهم.. وبالرغم من إحساسهم بما يمكن أن يحققوه بتكاتفهم واتحادهم وقد رأوا بأعينهم مدى هشاشة وضعف عدوهم أمام طوفان قوتهم ووحدتهم.. إلا أنهم وياللعجب يعودون لتفرقهم وتشرذمهم وتواكلهم وكأن شيئًا لم يكن.

الفرق بين الفريقين أن أهل الشر أخذوا بأسباب الدنيا وقوانين الكون الإلهية في التخطيط والعمل.. فدانت لهم الدنيا واستحوذوها.. وأهل الخير تركوها وتواكلوا ولم يتوكلوا على ربهم، فعصيت عليهم وقهرتهم واحتقرتهم.

وها هي النتيجة: استحواذ فئة قليلة على مقدرات وثروات فئة كثيرة.. فقد صدق فينا قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين شبه أهل الحق في زماننا بأنهم كثير ولكن (كغثاء السيل) لا فائدة منهم لفرقتهم وتواكلهم وارتكانهم لأعدائهم. 

فهل سنعمل لنرتقي وننتصر.. أم سيكون انتصار الحق على أيدي أناس غيرنا.. في زمان غير زماننا؟!
اللهم احفظ بلادنا وانصر أهلها على مكر الماكرين وكيد الكائدين.
Advertisements
الجريدة الرسمية