رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«الأسطورة» من كريستيانو لرمضان!


بعد أن قبــض 25 مليون جنيه من مسلسل (الأسطورة) ذهب محمد رمضان ليشتري بتسعة ملايين منها سيارتين لهما أسماء رنانة في عالم السيارات الفارهة الأولى اسمها لامبورجيني أفنتادور، والثانية رولز رويس جوست، وأرجو أن تكون كتابتهما صحيحة فأقصى معلوماتي عن السيارة الجامدة في جيلي هي المرسيدس أو البي إم دبليــو أو التمساحة أو خنزيــرة سناء جميــل في مسلسل (الراية البيضاء) التي ظهرت مع الانفتاح..


وليعذرني محمد رمضان لأنني من الطبقة المتوسطة التي كان آخر سيارة ركبتها هي المتسوبيشي لانسر وقد بعتها والحمد لله بعد 25 يناير، وأفكر حاليًا في شراء سورزوكي ماروتي رغم أن ارتفاع سعر الدولار لــ12 جنيها ربما يجعلني لا أحلم بأكثر من الاكتفاء بالميكروباص، (بالمناسبــة لست شيوعيًا ولا يساريًا ولا قاسم السماوي) لكن اعذروني فأنا بدوري مستفز مما فعله نجم عصره وأوانه محمد رمضــان الذي يحصد الملايين في مسلسل واحد لتعليم الأجيال البلطجة والصعود من القاع للقمة بالفهلوة.. والصاعد بدوره من الفقر المضجع إلى عالم الرولز رويس، ولم يكتف بذلك وإنما قام بنشر صورته مع السيارتين على الفيس قائلا (الحمد لله.. اشتريت أمس السيارتين الأقرب إلى قلبي) وكأنه اشترى دجاجتين من السوبر ماركت رغم ارتفاع أسعار الدواجن!!

وعندما تسبب ذلك في استفزاز الجمهور بل بعض زملائه الفنانين قام عبده موتة (وهذا اسم واحد من أفلامه الشهيرة) بالرد على مواقع التواصل بصور لنجوم عالميين قاموا بنشر صورهم قائلا: «كريستيانو على فيس بوك بجانب سيارته رولزرويس وروك بجانب اللامبورجيني أفنتادور.. محمد رمضان لم يفعل شيئًا جديدًا»، هكذا هو عذر رمضان الأقبح من الذنب..

فهو لا يرى غضاضة فيما فعل ولم يشعر أنه صدم جماهيره العريضة من أطفال الشوارع والتعساء الحالمين بفرصة لكي يحصلوا على وظيفة أو حتى راتب شهري لا يزيد على الألف جنيه بعد أن أكلت الدولة الحد الأدنى للأجور الذي حكمت به المحكمة في أعقاب ثورة مجهضة جعلت التعساء من الصفوة أمثالي لا يحصلون على دخل أكثر من ثمن فردة كاوتش في سيارة الأخ رمضان الذي يبدو أنه نسي أيام الضنك وصورة نشرها له بعض الجمهور وهو يرتدي جلابية بسيطة وعيونه تلمع بالحلم والأمل في عبور حاجز الفقر الذي هو ليس عيبًا بالطبع..

لكن العيب أن ننسى أنه ما زال هناك غلابة يصومون في شهــر رمضان كما في غيــره من الشهور لأنهم لا يملكون قوت يومهم، أو ينتظرون كارتونة رمضان أيضًا من العام للعام؛ لأن ببساطة رمضان كريم.. لكن رمضان الممثل ليس كذلك، وهو ينسى كل ذلك ولا يتذكر سوى أنه نجم من حقه أن يقلد نجوم هوليود الذين يحصلون مثله على الملايين دون مجهود أو قيمة فنية مقابل تسلية الناس، لكنهم أبدا لا يبيعون هذا الجمهور عندما يتعلق الأمر بالإنسانيات..

رمضان وغيره من أساتذته بعض النجوم الكبار في مصر الذين جاعوا نسوا أيام المرمطة والصعلكة بعد أن سكنوا القصور، ويتصورون أنهم حصلوا بمجهودهم الإبداعي غير المسبوق على الشهرة والثراء، دون أن ينظروا للجانب الآخر في نجوم هوليوود الذين يتحجج بهم رمضان، مثل قيامهم بتقديم الدعم والتبرع بالملايين لدور الرعاية والأيتام ومرضى السرطان التي كانت الفضائيات -عندنا- تشحت عليهم طوال شهر رمضان..

فهو لا يعرف ربما بحكم أنه لا يقرأ سوى أخبــار السيارات، أن نجمــة مثل أنجلينا جولي التي يعتبرونهـا أيقونة الإنسانية بلا منازع سافرت الصومال والعراق لتدعم أطفال وضحايا الحروب، هل تعلم شيئا يا رمضان عن أطفال سوريا الجائعين، تحب أصدمك يارمضان وأقول لك خد التقيلة: هل تعلم أن كريستيانو الذي نشرت له صورة على حسابك باعتباره أسطورة ملاعب أيضًا، على رأس المشاركين في القضايا التضامنية، ومن ضمنها التبــرع بأكثر من 83 ألف دولار لعملية في المخ لطفل عمره 10 سنوات، كما تبرع اللاعب- الذي نشأ في أحد أحياء فونشال المتواضعة بماديرا في البرتغال والذي لا تختلف كثيرًا عن الحي الذي نشأ به رمضان- بأكثر من 165 ألف دولار خلال 2008 لمركز لعلاج السرطان في البرتغال، حيث كان قد عالج والدته دولوريس أفييرو من سرطان الثدي؟

هل لم تجد في وطنك كله مستشفى أو دار مسنين أو أيتام لتتبرع لهم؟ ألم يصادفك أيام الكحرتة أي معاناة مع أحد من أسرتك في مستشفى تتبرع لها لمعالجة بني وطنك؟ يا سيـــدى اتبرع لمصر التي منحتك 25 مليونا في مسلسل واحد ولو بمليون تفتح به مصنعا للمساعدة في حل مأساة البطالة!

المشكلة الحقيقية ليست في رمضان الممثل وإنما في المناخ الذي أفرز هؤلاء، فعندما نرى وزيرة التضامن تطالعنا خلال الأيام الأخيرة وهي تكرمه باعتباره قدوة في محاربة المخدرات رغم أنه روجها في أعماله ثم عاد ليدينها في الحملة التي شارك فيها والتي كانت برعاية وزارة التضامن الاجتماعى فلابد أن تكون هذه هي النتيجة!

والحمد لله يا رمضان لعل قلبك يكون قد ارتاح بالسيارتين الجديدتين كما كتبت.. تعيش وتدوب !
Advertisements
الجريدة الرسمية