رئيس التحرير
عصام كامل

اضطهاد الأقباط في الصعيد.. أكذوبة!


في أبريل عام 2000 وقبل عيد القيامة وحال كنت طالبا جامعيا بالفيوم سألنى زميلى ديفيد عن مكان صلاتى يوم العيد!! وهو ما أصابنى بالدهشة أن ديفيد الذي كان يلازمنى طوال 6 أشهر لم يعرف أننى مسلم!! وقد أصيب ديفيد بدهشة مماثلة وأخبرنى أن عدم التطرق للنواحى الدينية والود الذي كنت أكنه له جعله يظن خطأ أننى أنتمى لذات ديانته!


نعم هناك خلافات أو مناوشات بين مسلمين وأقباط ولكنها مشكلات واردة بين المسلمين والمسلمين وليست مبنية على الطائفية والتعصب الدينى.

إن هناك تعايشا حقيقيا بين المسلمين والأقباط في صعيد مصر، فلديهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم والذهاب إلى كنائسهم وأديرتهم، لديهم الحرية الكاملة في التملك والتجارة، بل إن لديهم علاقات اجتماعية مكثفة مع جيرانهم وزملائهم المسلمين، حيث يشاركوهم أفراحهم وأحزانهم ومشكلاتهم.

وحيث إننى أنتمى لمحافظة أسيوط التي تضم أكبر نسبة من الأقباط على مستوى الجمهورية، لم نلحظ طوال حياتنا ما يسمى "الفتنة الطائفية" وأن القول بوجود اضطهاد للأقباط في صعيد مصر أكذوبة لا تمت للواقع بصلة.

فقبل ثورة يناير تولت القبطية إيفا هابيل منصب عمدة في قرية كوم بوها بديرط كأول سيدة مصرية تتولى المنصب في قرية تضم أقباطا ومسلمين وقد أنجزت مهمتها في سلاسة لسنوات عدة! بل إن أول رسائل معايدة لى في الأعياد والمناسبات تكون من أصدقاء مسيحيين منهم العمدة إيفا هابيل والمستشار طارق عزيز رغم أنى لم ألتق معهم منذ عدة سنوات.

وفى "نيش" منزلنا بالصعيد مازلنا نحتفظ بفناجي قهوة زجاجيين كان صديق قبطى لوالدى قد أحضرهما إليه من بورسعيد منذ أكثر من 40 عامًا ومازلنا نطلق على هذين الفنجانين الأنيقين اسم الشخص القبطى الذي أحضرهما لنا ! وقد كان أشهر طبيب في قريتنا الدكتور رفعت جوارجى كان يتردد عليه المسلمــون أكثر من الأقباط !

وأتذكر جيدًا أننا عندما كنا طلابًا بالثانوية العامة كان الطلاب المسلمــون يترددون في الدروس الخصوصية للغة الفرنسية على مدرس قبطى اسمه شهدى، بينما كان يتردد الزملاء المسيحيون على مدرس مسلم اسمه محمد حلمى.

انظروا للمشكلات والخلافات التي تدور رحاها في الصعيد نجد أن تطورات المواقف المختلفة لا تتوقف كثيرًا على ديانة الأشخاص وإنما تتوقف على طبيعة المشكلة وفحواها.

مصر وطن للجميع نعيش فيه سويًا دون فرقة ولكن الأمر بالفعل يتطلب التدخل السريع من الجانب الأمني في السيطرة على أي أمور من شأنها تعكير صفو العلاقة بين المسلمين والأقباط من خلال سرعة ضبط الجناة وتقديمهم لمحاكمة عادلة وتفعيل عمل لجان المصالحات، وكذلك رفع الوعى بحقوق المواطنة والتعايش السلمى، وتجديد الخطاب الدينى باعتباره العمود الفقرى الذي يكفل حقوق الجميع.

وفى النهاية أؤكد ما بدأت به أن اضطهاد الأقباط في مصر إكذوبة تلوح بها أجندات خارجية، وأن مصر الوطن لن تسمح بأى اضطهاد أو فتنة طائفية وأن ما حدث في المنيا مشكلات كان من الممكن أن تحدث بين مسلمين ومسلمين مثلما حدثت بين مسلمين وأقباط، ولكن يد الأمن القوية لابد أن تتدخل سريعًا لوأد أي مشكلة في مهدها حتى لا تتفاقم الأمور.
Aymanpress333@yahoo.com
الجريدة الرسمية