رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. دينا علاء «ضحكة ملاك على فراش المرض»

فيتو

تسير بخطى ثابتة، مبتسمة الثغر بشوشة الوجه كأنما تسير إلى حفل زفافها، إلا أنها تسير في واقع الأمر إلى غرفة العمليات، إنها دينا الطالبة العشرينية صغيرة السن كبيرة القلب قوية الإرادة، لا يروق لها الدخول لغرفة العمليات إلا بارتداء الملابس الجديدة، يمكنك أن تطلق عليها قاهرة المرض والأطباء أيضًا.


بداية العاصفة!
كانت حياتها هادئة وروتينية إلى أبعد الحدود حيث كانت تقضي جل أوقاتها بين دفات الكتب وشاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي، كبقية زملائها ورفاقها في هذه السن، إلا أن حياتها الهادئة كانت على وشك أن تنقلب رأسًا على عقب.

في أغسطس الماضي استيقظت دينا على حالة قيء شديد ومريب، وعلى الفور انتقلت للمستشفي، لكن جميع الأطباء عجزوا عن تشخيص الحالة، ليس هذا فحسب فما هي إلا أيام حتى أصيبت بفقر شديد في الدم ووصل مستوى الأنيميا إلى 5 درجات فقط.

بدأت "دينا" جولات على الأطباء في شتى التخصصات ما عدا تخصص المخ والأعصاب، ليطلب منها أحد أطباء الباطنة بالتوجه على وجه السرعة لطبيب مخ وأعصاب.

بالفعل توجهت «دينا ووالدتها» إلى أحد أطباء المخ والأعصاب، الذي طلب منها إجراء أشعة مقطعية من نوع «جاما نايف» على المخ فورًا.

بعد إجراء الأشعة، أخبرها الطبيب بأنها تعاني من نزيف بالمخ وأنها حالة نادرة على مستوى العالم، ومن المحتمل وفاتها في خلال أيام قائلًا: «ربنا يتولاها برحمته».

حملت الوالدة أشعة ابنتها ومعها هم أكبر وتوجهت للطبيب المعالج الذي حولها للدكتور «مصطفى محمود» أحد أمهر أطباء المخ والأعصاب، الذي قرر هو وفريقه الطبي إجراء عملية طارئة بعد عدة أيام مؤكدًا «دي مجرد محاولة».

مساء اليوم التالي اتصل الطبيب بوالدة دينا ليعلمها أنه قرر إجراء العملية يوم الجمعة بعد الصلاة مباشرة، في نفس اليوم الذي كان يوافق عيد ميلاد دينا.

شبح الموت يخطف فرحتها بعيد ميلادها

حبست الأسرة أنفاسها وكتمت خوفها من أن تنتقل ابنتهم إلى بارئها في ذكرى مولدها، واستعدوا للذهاب بها لغرفة العمليات.

«همسح البلاط وسيبوني جنب بنتي»
فيما أشارت دينا إلى دور والدتها العظيم واصفة ما قامت به بـ«البطولة الحقيقية»، فأبت والدتها تركها بالعناية المركزة وقررت أن تنام تحت قدم طفلتها، وعندما يحاول الأطباء إخراجها تصرخ: «همسح لكم البلاط بس سيبوني جنب بنتي»، ووجهت الشكر والعرفان لجهود كل من «الدكتور عزت عبد الوهاب» وسكرتيريه الأستاذ سعيد وكذلك دكتور جمال الرفاعي رئيس قسم اللغات السامية وزوجته ودعمهم العظيم لها.

المعجزة
لكن القدر لم يهملهم، فقبيل ساعات من موعد العملية أصيبت دينا بفقدان للوعي ودخلت في حالة غيبوبة كاملة وفقدان الذاكرة، وتم حجزها بمستشفى عين شمس التخصصي، ووقع جميع أفراد الأسرة على تقرير بتحملهم المسئولية كاملة، كان الوضع حرجًا للغاية داخل غرفة العمليات، واستغرق الأطباء ساعات وساعات، وأخيرًا أطل الطبيب المشرف على العملية قائلًا: «ماعرفش إيه اللي حصل بس دي معجزة».

من غير بنج
أخبر «الطبيب» أسرة دينا بضرورة تعرضها لجلسات علاج ذري على المخ بعد استفاقتها، وبالفعل توجهت الفتاة مفعمةً بحالة من القوة غير الطبيعية، لتخوض جلسات العلاج «من غير بنج»، ليخرج الأطباء بعد انتهاء جلسات العلاج قائلين: «هي اللي بتخفف عننا بضحكتها».

«تموتي ولا تعيشي ميته!»
رغم كل ذلك فإن دينا لم تسجل أية استجابة للعلاج، ما دفع الأطباء لإخبار أسرتها أنه لا يوجد أمامها سوى خيارين، الأول أن تستمر بجلسات العلاج الذري، والثاني أن يتم عمل حقن في المخ، لكن الخيار سيجعلها تصاب بعجز كامل في جميع أطراف جسدها، عند تلك المرحلة تذكرت دينا مقولة أحد أساتذتها بالكلية: «تموتي ولا تعيشي ميتة»، وقررت أن تقول للأطباء: «كفاية أنا مش ضحية وأنتم جزارين».

قلب داخل المخ! 
كان هناك شيء واحد يهون على دينا آلام المرض وعناء العلاج وهو أن الله منحها الرضى وحب الناس كما تقول، وبعد محاولات عدة بدأت دينا تستجيب للعلاج للمرة الثانية، وعند إجرائها لأشعة على المخ لاحظ الأطباء وجود شكل قلب مرسوم بالمخ، وعلق الطبيب المعالج على «المعجزة» قائلًا: «منحكِ الله قلبا بصدرك وقلبا بعقلك، وكيفية حب الناس بالقلب والعقل».

رسمت السعادة!
لم تستسلم دينا للمرض بالرغم من كل شيء، وأكدت وقررت أن تنظم زيارات دورية للمستشفيات لإدخال السرور على المرضى والأطفال، كما بدأت بتنظيم الحفلات، ومساعدة المحتاجين، وعن تلك المرحلة تقول دينا: «كنت أعمل أي شيء يؤثر في نفوس الناس بشكل إيجابي»، وكل هذا يتم بالتوازي مع استمرار جلسات العلاج غير المجدية.

أخطر حالة على مستوى العالم!
بعد أسابيع بسيطة، تعرضت دينا لانتكاسة مرضية أخرى أثناء أدائها لامتحانات الفصل الدراسي الثاني، حيث أصيبت بارتفاع حاد في الضغط مما تسبب في نزيف بالمخ، لتذهب كل محولات العلاج أدراج الرياح، ويستمر المرض في مسلسل «تدمير المخ السريع»، وتتوقف الاستجابة للعلاج، لتدخل دينا الفتاة الرقيقة في حالة متأخرة من المرض، لا توصف إلا بأنها «أخطر الحالات المصابة بهذا المرض في العالم».
الجريدة الرسمية