رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا لا يحبون محمد رمضان

الفنان محمد رمضان
الفنان محمد رمضان

هل والدك وأمك يحبان الأغانى الجديدة؟.. الإجابة «لا».. يحبان أم كلثوم والعندليب وعبد الوهاب. فما نراه قبيحا يرونه جميلا، وما نراه جميلا لا يرونه كذلك، فالأغانى الحالية صورة من فكر العصر وذوق هذا الزمن ولغة الشباب. قد لا يعجب أهالينا، لا يهم. ولكنه يعجبنا، فالذوق ليس واحدا، والجيل الآخر ليس مقياسا للذوق في كل زمان، فالزمان تغير، وتغير معه مجتمع وسلوك وفكر وأخلاق.. تغير كل شيء.


لماذا هذه المقدمة؟.. هي ضرورية، ومعناها أن الجيل الحالى لا يقدم فنا أقل من أهل زمان، بالعكس، إنه يقدم فنا أجمل وأروع وأكثر تطورا. بالطبع لا أنكر أخطاءه، لكن هذه الأخطاء كانت موجودة في زمن الفن الجميل الهادف المحتشم كما يسمونه!، وكانت الأخطاء مقبولة وقتها، أما الآن من يقع فيها، فمصيره السلخانة؛ سلخانة الازدواجية والتعالى والتنظير والثقافة السخيفة.

وحتى أقترب من المعنى أكثر، سأضرب مثالا. في فيلم «حتى لا يطير الدخان» لزعيم الممثلين عادل إمام، حكاية لشاب فقير يدعى «فهمى» يتخرج من كلية الحقوق متفوقا، تمرض أمه، فيستغيث من الأغنياء، لكنهم يرفضون مساعدته، فتموت أمه، فيقرر الانتقام من الجميع، وتتحول الشخصية إلى تاجر مخدرات وقواد نساء. وإذا قرأنا هذه القصة التي كتبها إحسان عبد القدوس، سنجد أنه يتعاطف مع «فهمى» ويبرر له تدخين الحشيش وتجارته في المخدرات وانتقامه من الجميع ورفضه لمجتمع الأغنياء.

وإذا اقتربنا بالصورة، سنجد أن فكرة مسلسل «الأسطورة» قريبة من المعنى البعيد والقريب لقصة إحسان عبد القدوس؛ فالمعنى القريب موجود في نفس الشخصيتين، فشخصية «فهمى» هي نفس شخصية «ناصر الدسوقي» المتعلم، الذي تخرج من كلية الحقوق متفوقا، ولكنه لا يجد فرصة في التعيين بالنيابة لأنه من أسرة بسيطة، ثم ترفضه ابنة الأكابر لنفس السبب، فتتحول الشخصية من المثالية والنقاء إلى النقيض، فيصبح تاجر سلاح وقاتلا.

أما المعنى البعيد في قصة إحسان عبد القدوس، هو غضبه على مجتمع ثورة يوليو؛ ذلك المجتمع الذي حوّل الناس إلى أدوات، وأصبح فيه النجاح حليف الوصوليين والفاسدين. فكأن «عبد القدوس» يقول لهم: «هذا هو مجتمع يوليو عبد الناصر». وهو نفس ما يفعله الفنان محمد رمضان، كأنه يقول لنا: «هذا هو مجتمعكم الوضيع الذي لا ينصف المحترمين، ولا نجاح فيه إلا للفسدة وأبناء الكبار.»

لكن للأسف، لم يستقبل النقاد وبعض الناس، العملين بنفس النظرة، فصنفوا الفيلم والرواية بأنهما من تراث الأدب والسينما المصرية، أما المسلسل فصنفوه من الأعمال المسفة الفاسدة للذوق العام، وأن الفنان الشاب يحث الناس على أن يكون قدوتهم ذلك الشخص الخارج عن القانون. منتهى الازدواجية.

وفى نفس الوقت ينتقدون تقليد الشباب لـ«ستايل» محمد رمضان، وهو نفس الأمر عندما كانوا هؤلاء شبابا يقلدون حلاقة النجم الراحل أحمد زكى في فيلم «كابوريا»، ويرتدون «جاكيت» عادل إمام في «سلام يا صاحبي» ويرددون إفيهاته وجمله مثل: «أنا صاحبي دراعى.. مفيش مره متحبنيش». لكنهم زعماء الفن، يفعلون ما يشاءون، أما محمد رمضان فهو شاب بسيط، لم يسنده أحد، فلا هو ابن ممثل كبير ولا منتج ثري، ولا أقارب ولا واسطة له في هذا الوسط. وهذه مشكلته.

ولأن محمد رمضان لا شلة له في الوسط، ولا أقلام تحفي وراءه وتسنده وتلمعه، فالحاقدون كثيرون على نجاحه، خصوصا من داخل الوسط الفنى، لا سيما النجوم الكبار الذي جاء الفنان الشاب وكسر أجنحتهم، وأخذ مكانهم، في الدراما والسينما.. والمسرح أيضا.

وأصبح النجم الذي يفضله المصريون والذي أعاد المصريين مرة أخرى أمام الشاشات في البيوت والمقاهى والمحال، كما كان يحدث سابقا. فهل لا يمّل المنظّرون وأصحاب الثقافة «اللاتيه» الذين يضعون رجلا على رجل وهم يتكلمون؟. هل لا يخجلون؟ هل يتخذون اتجاها محترما ويقفون وراء هذه القنبلة الفنية ويدعمونها بدلا من دعمهم لأنصاف المواهب وأبناء الفنانين والمخرجين الكبار؟.
الجريدة الرسمية