رئيس التحرير
عصام كامل

قصة «مقاتلة» في الإذاعة المصرية !


نتوقف ويجب أن نتوقف أمام نموذج قلما يتكرر بين الإعلاميين والإذاعيين حتى يمكننا القول إننا أمام معجزة مهنية على كل مستوى مهني ممكن.. وليس في الأمر أي مبالغة أو مجاملة وربما نعرف تقريبًا وبشكل شخصي كل مذيعي الشبكة الرئيسية "البرنامج العام" إلا أننا لم نتشرف حتى كتابة هذه السطور بمعرفة الإذاعية اللامعة الأستاذة مي الشافعي التي هي نجمة الإذاعة المصرية بكل شبكاتها رمضان الحالي، والتي اختارت أصعب فكرة يمكن تقديمها في الشهر الكريم..


فالبعض -مثلا- يختار البرامج المسجلة والبعض الآخر يختار برامج الهواء إنما من داخل الاستوديو والبعض يختار برامج الهواء من خارج الاستوديو إنما بعد الإفطار ويكون غالبًا بالتبادل بين أكثر من مذيع أو مذيعة فيتم توزيع العبء على فريق كبير إنما مي الشافعي -مع حفظ الألقاب- وحدها اختارت أن تقدم يوميًا رسالة على الهواء وقبل الإفطار بساعة تقريبًا ومع مصريين يؤدون للوطن خدمات جليلة ولم يلتفت إليهم أحد!

اختارت مي الشافعي في مغامرة بكل المقاييس أن تذهب لتتحاور وتنقل -مثلا- مجهود العاملين بقناطر ديروط الجديدة التي تبعد بمسافة 60 كيلومترًا كاملة عن مدينة أسيوط عاصمة المحافظة إلى الشمال، بينما في اليوم التالي نجدها مع الفلاحات المشاركات في الزراعة في إحدى قرى مركز ساحل سليم أو مركز الغنايم، ويبعدان عن أسيوط بمسافة مماثلة إلى الجنوب، بينما في اليوم الثالث نجدها في شبرا مع طلبة كلية الهنـدســة، وفي اليوم الذي يليــه بالإسكندرية مع طلبة الجامعة عن فصل المخلفات وتوليد الطاقة من مياه البحر، فضلا عن تشجيع سياحة الدراجات وعمل بعض المشروعات عن طريق الطاقة الخضراء وبعدها كانت مع الدكتورة شفيقة ناصر أستاذ الصحة العامة عن أضرار المحمول ويوم الجمعة مع أعضاء ومجلس إدارة جمعية "هي" لخدمة المجتمع والمرأة..

بينما في أوائل رمضان كانت في مدينة 15 مايو مع زميلتنا العزيزة الصحفية الأستاذة حنان بدوي وتجربة فريدة عن زراعة أسطح المنازل وحتى اليوم تطوف مي الشافعي مدن وقرى مصر في 30 حلقة يومية مباشرة من خارج الاستوديو ومن خارج القاهرة كلها في مجهود جبار لا يستطيع أن يفعله إلا فريق من المذيعين يكون نصيب كل منهم عدد من المدن القريبة من بيته !

السؤال: كيف استطاعت أن تفعل مي الشافعي كل ذلك؟ كيف قاومت فكرة الإفطار مع الأسرة وحميمية الإفطار الرمضاني العائلي؟ وأين كانت تفطر وموعد رسالتها المباشرة كان من أماكن بعيدة عن عواصم المحافظات التي زارت بعضها إلا أن كانت تناولت إفطارها في القرى والأماكن التي زارتها في تقارب نادر ورائع مع أهالي هذه الأماكن؟ وإن كان ذلك ممكنًا فكيف كانت تنتقل من أسيوط مثلا في وسط الصعيد إلى الإسكندرية في أقصى الشمال؟ متي ارتاحت ؟ وبأي وسيلة انتقلت ؟

ومتى أعدت ورتبت مواعيد فقرتها الجديدة ومنها ما كانت تستضيف فيه مجموعات كبيرة ؟

الأسئلة كثيرة لتؤكد كلها أننا أمام نموذج نادر ومحترم يستحق التكريم من رئيس شبكة البرنامج العام الدكتور حسن مدني ومن السيدة نادية مبروك، رئيس الإذاعة، ومن اتحاد الإذاعة والتليفزيون نفسه ومن رئيسته السيدة صفاء حجازي، إذ يكفي أن البعض تفرغ لتشويه سمعة مصر بتقديم الانحطاط فيما سماه أعمالا درامية والبعض الآخر اكتفى بالمقالب السخيفة فيما سماه برامج خفيفة بينما اختارت إحداهن "الصعب" وتغلبت عليه ونجحت فيه !
الجريدة الرسمية