رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بيني وبين القارئ المكرم!!


أحببت وفي أول لقاء بيني وبين قارئ هذا المنبر المحترم "فيتو" أن يكون بيننا وقبل كل شيء، وقبل أن نخوض معًا في غمار رحلتنا في ثنايا الفكر والعلم، أن يكون بيننا ما يشبه "وثيقة التعارف" أو "بطاقة تعريفية" لتكون أيها القارئ المكرم على بينة ممن تقرأ له ومما تقرأه.


وكذلك لكي تكون تلك الوثيقة "عقدًا اجتماعيًا" يحكم العلاقة فيما بيننا، ونعرف بعضًا، بل ويكون دستورًا نحتكم إليه عن الحاجة.

ولكن وقبل أن يسرح بك الخيال مسرحه –أيها القارئ المكرم- فلابد أن تعلم أنني هنا لا أبغي ولا أعني ولا أقصد بوثيقة التعارف أن تكون شخصية، ولكنني أريد أن تعرف مني "ما أكون" لا "من أكون"، فما أنا وليس من أنا وكذلك ما هي رسالتي؟ هذا هو المراد من هذا المقال، وهو لب المسألة، وغاية ما أريده الآن هو أن أجيب لك –احترامًا لقدرك- عن هذا السؤال إجابة وافية وشافية.

فما أنا –فيما أحسبني– إلا صاحب رسالة تحملتها وحمّلتها لنفسي، خدمة لديني ولبلدي ولبني وطني، وغاية المني عندي وأعظم ما أرجو أن تكون رسالة نافعة للناس، كل الناس، على اختلاف ما بين الناس والناس.

تلك الرسالة التي أحملها هي رسالة تنويرية وتوعوية –إن جاز التعبير- مؤسسة ومبنية على أساس متين من أن العامل الفارق في حياة الشعوب والأمم هو الوعي المباشر بكل ما يدور حولها ويرتبط ارتباطًا مباشرًا بحياتها ومستقبلها، ومستقبل أوطانها وأمتها.

ولقد كان هذا الوعي –و بلا شك- عاملًا حاسمًا لتخلص مصر والمصريين من حكم جماعة إرهابية كاد يعصف بالوطن وأهله، بل ولولاه لما كان ما كان، ولكان حالنا كحال أشقائنا الليبيين أو السوريين أو من شابههم، عافنا الله من ذلك وفرّج عنهم ما هم فيه من كرب.

ولهذا فقد أخذت على عاتقي –وبكل ما أُتيت من قوة وجهد- مهمة إثارة ولو القليل من الوعي لدى بني وطني وأبناء أمتي والذين أفتخر بانتمائي إليهم في معركتنا المستمرة مع التطرف والإرهاب، والذي هو عدو خبيث لا يتورع عن استخدام أخس الوسائل لتحقيق مآربه الوضيعة، وهو ما يوجب علينا أن نكون في غاية اليقظة حتى لا يباغتنا من حيث لا نتوقعه.

فالرسالة التي أحملها وأسعى لتحقيقها يمكن اختصارها في أنني أكتب ما أكتب هنا أو هنالك، وأجتهد على ما أوتيت من طاقة وقوة ووسع، لتحقيق هدف واضح، غاية الوضوح أمام ناظري، ومتمثلًا في: "ألا يتكرر التكرار".

وذلك أننا ومنذ اليوم الأول لتأسيس الجماعة الإرهابية الأم للإرهاب في العالم كله في العصر الحديث وعبر القرنين العشرين والحادي والعشرين: "جماعة الإخوان الإرهابية"، منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، وعلاقة الصراع مع تلك الجماعة وأذنابها من ناحية والدولة المصرية من ناحية أخرى وعلى مدى عصور متعاقبة، هي علاقة "تكرار التكرار"!

ففي كل مرة كنا نكرر المكرر وكأننا نمثل أدوارًا محفوظة في مسرحية هزلية سخيفة، يحفظ كل فرد من أفرادها دوره تمام الحفظ ويكرره في كل يوم بلا كللٍ ولا ملل!

ففي كل مرة كان الإرهاب يضرب فيها ضربته الخسيسة في مصر، كانت الدول المصرية –ومن واقع تحملها للمسئولية- تتصدى له تمام التصدي، وتقاومه على أحسن ما تكون المقاومة، حتى تنحسر موجته، وتنكسر حدته، ولكنها –ومع الأسف- وفي كل مرة كانت تضربه الضربة التي تؤذيه، ولكنها لا تقتله، فترديه جريحًا ولكنها لا تقضي عليه.

فكان الإرهاب يعود بعد كل موجة من موجاته يرجع مهزومًا يجر أذيال خيبته، فيختبئ في جحوره كما الجرذان مدة من الزمن يداوي فيها جراحه النازفة ويلملم أشلاءه البعثرة، ويعيد ترتيب صفوفه، وتجميع شتاته، في مدة وجدتها استقراءً للتاريخ والواقع- لا تزيد على عشر سنوات، ويعود ليضرب ضربته الخبيثة مرة أخرى.

وهكذا نجد أن التكرار يتكرر في كل مرة، بعد عشر سنوات كاملات، تكفي الإرهاب ليعيد ترتيب صفوفه وتجهيز نفسه للمعركة، ومن ثم يعود للساحة مرة أخرى، فتتصدى له الدولة، ويتساقط من أبنائها الشهداء والمصابون ما يتساقط، حتى تنحسر موجة الإرهاب، وحتى تنكسر شوكته، فيعود إلى مخبئه من جديد، وهكذا...

وكأننا ندور في حلقة مفرغة، إرهابٌ فمقاومته، فسكون لعشر سنوات، ثم.. إرهاب فمقاومته، فسكون لعشر سنوات، وهكذا.

والحقيقة أننا لن نخرج من هذه الدائرة الملعونة إلا بكسر هذه الحلقة الجهنمية، وذلك لا يكون سوى بالقضاء التام على الإرهاب وباقتلاعه من جذوره، وليس فقط الاكتفاء بالمواجهات الأمنية والتي وإن كانت تقضي على العنف، ولكنها في الحقيقة لا تقترب من جذوره التي تنبته.

والحقيقة أيضًا أننا لن نخرج من هذه الحلقة الملعونة ولن نكسر حلقة الإرهاب الجهنمية تلك، سوى بالوعي التام بالإرهاب وبأهله وبأفكاره الخبيثة، والتي دائمًا ما يستتر أربابها وراء ساتر الحق، كي يخدعوا به الناس عن حقيقة ضلالهم.

ولهذا كانت رسالتي وكان هدفي، العمل الجاد والدءوب من أجل نشر الوعي التام بين بني وطني وتنويرهم بالفكر المستنير وبالمعلومة النقية والمدققة وبما يصلح ليكون كالمصل الذي يحميهم من أن يصاب أحدهم بــ "فيروس الإرهاب"، ولكي يصبح الواقع أنه: من تعاطى المصل لا يصيبه المرض أبد الدهر إن شاء الله تعالى.
Advertisements
الجريدة الرسمية