رئيس التحرير
عصام كامل

فريدة النقاش: الأزهر مصدر التشدد ولا يمثل الإسلام الوسطي ويحتاج للإصلاح

فيتو

  • خطباء المنابر يقدمون للناس بضاعة فاسدة
  • الغالبية العظمى تكرر ماسبق أن تردد في المساجد قبل ألف عام
  • تأثير الخطب تراجع بعد انتشار الفضائيات
  • يجب مواصلة طريق الإمام محمد عبده في نهاية القرن الـ 19
خطبة الجمعة من أهم المنابر الأسبوعية التي يفترض أن يتلقى فيها المسلم درسا تربويا توجيهيا وله أثر وعظى، ويفترض أن يتعلم المسلم خلال الخطبة حقائق عن الإسلام وقيمه المختلفة، ومنها التسامح واحترام الآخر، وغيرها من القيم التي من شأنها أن تعبر بالمجتمع إلى بر الأمان، وتساعد على توحيد صفه، وتقبله لكافة الفئات والطوائف المختلفة على أساس من التسامح، ولأن المجتمع شهد خلال السنوات الأخيرة عقب ثورتين الكثير من الأحداث العصيبة، وأصبحت هناك حالة من الاحتقان بين كافة طوائفه، بجانب تأثره بشكل كبير بالإرهاب والجماعات المتطرفة وتفشى كثير من السلوكيات المنحرفة، فكل ذلك يتطلب خطبا قوية تصحح المسار وتزيد وعى المسلم بقيم الإسلام الوسطى، لكن الحقيقة أن خطبة الجمعة ابتعدت عن تحقيق أهدافها، وفى حوار مع الكاتبة الصحفية فريدة النقاش تحدثت من وجهة نظر مغايرة عن رؤيتها لواقع الخطب وأسباب ضعف تأثيرها، وأهميتها في تجديد الخطاب الدينى، وإلى نص الحوار:


> في البداية، ما الدور الذي يجب أن تقوم به خطبة الجمعة؟
خطبة الجمعة يجب أن تكون خطبة عامة، بمعنى أن تدعو بشكل أساسى للقيم العليا والمبادئ السامية والأخلاق الرفيعة التي ينص عليها الدين، وتدعو للسلوك القويم، لكن دون أن تصبح طرفا في السياسة، لأنها إذا دخلت في السياسة فيمكن أن تنتصر لمجموعة معينة وتتحول الخطبة إلى دعاية سياسية، ويجب أن تكون الخطبة في الأساس دعوة لاحترام القيم العليا، واحترام وتقبل الآخرين والتسامح والعدل والرحمة والمقاصد العليا للشريعة، وأن تعتبر السياسة دائمًا “خط أحمر”.

> هل خطبة الجمعة يمكن أن يكون لها دور فعال في تجديد الخطاب الدينى؟
الواقع يؤكد أن هناك خطباء معتدلين لكنهم للأسف قلة، والغالبية العظمى والتي تتصدر المشهد تكرر ماسبق أن قالته وماسبق أن تردد في المساجد قبل ألف عام، وبالتالى لا نستطيع أن نعتمد على هؤلاء القلة، بل نحتاج تكاتف المجتمع كله لإحداث تغيير حقيقى، ويجب التنبيه هنا على أن ممارسات الأزهر لا تدعو للتفاؤل، ولكى يتم مواجهة ممارسات داعش والإرهاب الذي يتم باسم الإسلام والأفكار المتطرفة، يحتاج الأمر إلى خطاب مستنير وخطب الجمعة وسيلة مهمة لذلك، ولكن لا تكفى وحدها فالاعتماد على المؤسسات الدينية وحدها وهم كبير، ونحتاج لجهود متكاتفة للمثقفين من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وتدعمهم حركة سياسية ديمقراطية واسعة النطاق وقادرة على التواصل مع الجماهير العريضة لنطلق ثورة تجديد الفكر الدينى.

> برأيك، لماذا تراجع تأثير خطب الجمعة، وأصبحت هناك حالة من العزوف عن حضورها؟
الخطب تأثيرها تراجع بشكل كبير وواضح بعد انتشار الفضائيات، وانتشار من يسمون أنفسهم رجال الدين الذين يحتكرون الفضائيات ويطلقون أفكارهم والتي هي في الغالب بعيدة عن العصر ومتخلفة، وهذا هو سر الانتشار الواسع للأفكار الغريبة والممارسات الغريبة التي تتم باسم الإسلام، والمفترض أن يكون هناك دور أقوى للخطب لتواجه كل الأفكار المغلوطة والمتطرفة.

> كيف يمكن أن تستعيد خطبة الجمعة دورها وتكون ذات تأثير قوى على المجتمع؟
بالطبع يتم ذلك من خلال تطوير المضمون المقدم في الخطبة، والتركيز على إعلاء القيم التي يدعو لها الدين الإسلامى، والتي تساهم في تنمية المجتمع ونشر التسامح ومهاجمة التطرف، بجانب إعداد الخطباء بشكل يمكنهم من مواكبة كل مايحدث على الساحة، بحيث تكون الخطبة مواكبة للعصر ومتطلباته وهموم ومشكلات المجتمع، ولا تكون مجرد كلام مكرر منذ آلاف السنين، والأزهر عليه دور ومسئولية كبيرة في ذلك، وتطوير الخطب يجب أن يسبقه تطوير للأزهر نفسه.

> ماذا تقصدين بتطوير الأزهر وكيف يمكن أن ينعكس ذلك على مستوى الخطب المقدمة؟
أولًا أود أن أوضح أن هناك ادعاء بأن الأزهر يمثل الإسلام الوسطى، لكن في الحقيقة التشدد نابع بشكل أساسى من الأزهر نفسه، ولابد أن نواجه تلك الحقيقة، وندرك أن هناك حاجة ماسة لإصلاح الأزهر، وذلك الإصلاح بالطبع سينعكس بالإيجاب على مستوى الخطب المقدمة، ولكن لا يمكن أن يتم الإصلاح بعيدًا عن دور فاعل للمجتمع كله.

> إذا، الأزهر يتحمل مسئولية كبيرة عن حالة التدنى في مستوى الخطب وتراجع تأثيرها؟
بالطبع الأزهر والأوقاف أيضًا يتحملان مسئولية كبيرة، وكلاهما دائمًا ساحة للصراع بين الأفكار الجديدة والقديمة، ولكن لكى تنتصر الأفكار الجديدة والتي تدعو للتسامح واحترام الآخرين واستخدام العقل لابد أن يكون المجتمع طرفا في الموضوع.

> كيف يمكن أن يعود الأزهر إلى دوره المطلوب في المجتمع؟
الأزهر يحتاج إلى خطة تطهير ممنهجة، والأفكار المتشددة والمتطرفة تحتاج إلى إعادة نظر شاملة فيها، ثم مواصلة الطريق الذي بدأه الإمام محمد عبده في نهاية القرن التاسع عشر، وهو طريق التجديد وإعمال النظرة الواسعة لما يحدث في العالم، ومواءمة النصوص الدينية مع مقتضيات العصر، وهو يجب أن يفعل في كافة المؤسسات الدينية وكافة المنابر الدينية وعلى رأسها خطب الجمعة.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لــ "فيتو"

الجريدة الرسمية