رئيس التحرير
عصام كامل

الخروج الأكبر


تودع بريطانيا الاتحاد الأوروبي بالخروج حين فاق البريطانيون كل التوقعات واستطلاعات الرأي بالتصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بنسبة 51% في الاستفتاء الذي حدث من يومين، ويمثل ذلك الخروج بوابة التفكك للاتحاد الأوروبي في الأيام القادمة في ظل دعوات من الاتجاهات اليمينية في دول مماثلة بإجراء استفتاء للخروج مثلما فعل الشعب البريطانى، بعد تكتل الاتحاد لسنين عديدة تصل إلى 43 عامًا.


واعتُبِرَ هذا الخروج ضربة قوية موجهة إلى أوروبا ومن ثم يكون لها تداعياتها السياسية والاقتصادية ليس على مستوى أوروبا وإنما على مستوى العالم، بل له آثاره الخطيرة على مستقبل الاتحاد ومدى بقائه ومدى مصداقيته، فعقب إعلان نتائج الاستفتاء والخروج أعلن نايجل فيراج زعيم حزب الاستقلال البريطانى المناهض للاتحاد الأوروبي "أن الاتحاد الأوروبي ينهار"، وبالفعل بعد ساعات من الاستفتاء بدأت بورصات العالم تترنح، بل أسعــار البترول في كثير من دول العالم فما حدث في بريطانيا سوف يكون له آثاره بداية من أوروبا إلى أمريكا ومن شرق آسيا إلى أفريقيا.

وسوف يكون هناك تحولات كبيرة في موازين القوى العالمية وتشكيل تحلفات جديدة، بل يمكن أن يكون له تأثير سياسي بجانب التأثير الاقتصادى، ولا سيما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي ستجرى في نهاية العام الحالى.

بل نجد التأثير السياسي السريع لهذا الخروج بإعلان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تنحيه عن منصب رئاسة الوزراء بحلول أكتوبر القادم، وهو موعد المؤتمر السنوى لحزب المحافظين الذي سوف ينتخب زعيما جديدًا إذ قال "لا أعتقد أنه سوف يكون من الملائم لى أن أمسك بدفة قيادة البلاد إلى وجهتها المقبلة".

تداعيات سياسية واقتصادية سوف تحدث الأيام القادمة، ولذا يجب إعادة ترتيب الأوراق المصرية سواء مع الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا طبقًا للتغيرات الآنية والتي سوف يكون لها آثارها في الأيام القادمة، وأهمية مراقبة الجانب المصرى المتمثل في وزارة الخارجية للتطورات الحاضرة والمستقبلية، ولكن السؤال الذي يلح على ذهنى الآن: ما هو الدرس من هذا الخروج باستفتاء شعبى وإرادة حرة؟ والإجابة في الحقيقة أجدها في تاريخ الشعوب ألا وهى أن الشعوب مهما سكتت لا تموت معها الإرادة، وأن سياسة التخويف التي انتهجتها حكومة ديفيد كاميرون من أجل توجيه أصوات الناخبين إلى اتجاه معين لم تمنع الإرادة الشعبيــة أن تعبر عن اتجاهها.

فالشعب البريطانى ربما أراد حفظ أيديولوجيته وقفل الباب أمام اللاجئين والإرهابيين وأصحاب الأيديولوجيات المناهضة للسلام حفاظًا على بلادهم، فحين يسكت الزعماء حفاظًا على مكانهم تنتفض الشعوب لحماية بلادها، وهذا يذكرني مع الفارق في المقارنة ما فعله الشعب المصرى حينما، وجد أن هويته تندثر مع فكر إرهابى وأيديولوجية تبعد كل البُعد عن التاريخ والوطن فهب منتفضًا في الثلاثين من يونيو لعزل زعامة بجماعة الدم والإرهاب.. هذا هو حال الشعوب والتاريخ خير شاهد على ذلك.
الجريدة الرسمية